المنتجات “الصحية”..موضة تستغلها شركات تصنيع الأغذية؟

تكثر المنتجات التي توصف بـ”الصحية” بيد أن خبراء التغذية يرون أن الإفراط في التغذية الصحية ليس مفيدا دائما وينصحون بالاستمتاع بالطعام وعدم المبالغة في مجاراة موضة التغذية الصحية بحرمان النفس من كل شيء.
تسوء سمعة الكثير من الأطعمة كالحليب والسكر والخبز وغيرها بشكل مستمر، والمبرر الأكثر تداولا لهذه الظاهرة هو: أن هذه الأطعمة مضرة بالصحة وتؤدي إلى زيادة الوزن، ما يدفع الكثيرين للتساؤل عن الأطعمة التي من الممكن تناولها دون الشعور بالذنب، وكيف يمكننا أن نتصالح مع الأطعمة ونأكل ما تشتهي أنفسنا.

“التحرر” من شره أكل اللحوم والتحول إلى الحبوب والحليب وغيره هو المصطلح المتداول لأحدث صيحات الحمية الغذائية. ومن خلال هذه الصيحات يزداد ابتعاد الكثيرين بشكل طوعي عن تناول هذه المواد، وذلك لأنهم يشعرون أنهم غير قادرين على تحملها أو هناك مؤشرات تؤكد عدم تحملهم لها. ومن بين هذه المواد الغلوتين (يتواجد بنسب معينة في دقيق القمح) واللاكتوز (سكر الحليب) وسكر الفواكه والخميرة. فهل يعني ذلك أن الجيل الحالي أصبح أكثر حساسية تجاه هذه الأطعمة وأقل قدرة على تحملها؟

المنتجات “الصحية” تجارة مربحة

لا يمكن تعميم ذلك فالأمر يختلف من شخص لآخر، وهو ما أكدته أخصائية التغذية يانا روكيرت جون لموقع مجلة “فوكوس” الألمانية. فهناك بعض الأشخاص الذين يفضلون التقشف في غذائهم ما يدفعهم للاعتماد على أغذية معينة في نظامهم الغذائي، على عكس البعض الذين لا يهتمون بنظامهم الغذائي ويأكلون ما يحلو لهم دون التفكير في تأثير هذه الأطعمة على صحتهم.

في الحالة الطبيعة يفضل الكثيرون التنوع وعدم التقييد في اختيار نمط معين من الأغذية، فضلا عن تجربة العديد من النكهات والمزج بين أنماط مختلفة من الأطعمة. فلماذا يتنازل بعض الأشخاص عن هذه الخيارات المفتوحة؟

ربما يعود الأمر هنا لتوجيهات وقواعد تتبع للمجتمع الذي يزداد تعقيدا”، حسب رأي الباحثة روكيرت جون. فضلا عن رغبة الكثيرين بمراقبة الأطعمة التي يتناولونها، ومدى تأثيرها على أجسامهم. هذا التوجه أستغله مصنعي المواد الغذائية ما تسبب في ازدهار تجارة بعض المنتجات ومن بينها مثلا، المنتجات الخالية من الغلوتين. إذ وصلت نسبة مبيعات هذه المنتجات مثلا بين عام 2007 و2013 إلى 100 بالمئة في ألمانيا.

من المفيد أن نأكل ما نشتهي!

لم تعد مشكلة “عدم تحمل” بعض الأطعمة عائقا بالنسبة لأولئك المتضررين منها، وذلك بوجود الاختيارات الواسعة من المنتجات البديلة. ولكن هذه المنتجات يقبل البعض على شرائها رغم أنهم لا يعانون من مشكلة “عدم تحمل” الأطعمة. إذ أظهرت دراسة أن غالبية المستهلكين للمنتجات “الخالية من اللاكتوز” هم من الأشخاص القادرين على تحمل الحليب الغني باللاكتوز. ولكن قناعتهم بأن “التحرر” من اللاكتوز هو أفضل وصحي أكثر، تدفعهم لشراء المنتجات الخالية من اللاكتوز. وهو ما ينتقده بعض خبراء التغذية، إذ يرون أنه لابد من الاستمتاع بالطعام، بدلا من المبالغة في التوجه نحو التغذية الصحية وهو ما تراه البروفسورة روكيرت جون والتي تضيف بالقول ” لا توجد أدلة كافية تؤكد على أن الاكتفاء بتناول بعض الأطعمة والالتزام بنمط غذائي معين له تأثير إيجابي على الصحة”، وفق ما نقل عنها موقع “فوكوس” الألماني.

وحسب الخبيرة الألمانية يبقى الطعام وسيلة تساعدنا على منح الجسم ما يحتاجه من طاقة ومواد ضرورية للجسم، فضلا عن أن العلم يتطور بشكل مستمر، وكثير من الأطعمة اعتبرت في وقت ما مضرة بالصحة، لتظهر فيما بعد نتائج دراسات أخري عكس ذلك. وما إذا كان الأفضل التخلي عن تناول بعض الأغذية لتجنب أضرارها غير المؤكدة أصلا ، أم أنه من الصحي أكثر الاستمتاع بتناول ما تشتهي أنفسنا، فإنه هذا أمر ينبغي على كل شخص أن يقرره بنفسه.

+ -
.