النافذة – شعر نزيه بريك

نزيه بريك \ الجولان المُحتل

النافذةُ

عينٌ بلا رموشٍ، أَم شامةٌ على الخدِّ!؟

مكياجُ وجهٍ تركَ حيادَ المرايا، أَم وشمٌ على صَدرِ الانتظار!؟       

مِقصٌ يلعب بالوقت، أَم مُشطٌ يُسَرِّحُ شَعرَ الأفكارِ!؟

نجمةٌ نساها الليلُ ترعى عُشبَ الضوء، أم مطرقةُ البابِ السِرِّي!؟

النافذة

جرحٌ مفتوحٌ على حرائقِ الغربة، أَم نياشينٌ عسكريةٌ تُخفي الهزيمة!؟

فرسٌ تبحثُ عن فارسٍ، أَم لغةٌ فاتها القطار على مرأى الرصاص!؟

عَضَّة كلبِ الأسئلةِ، أَم أثَرُ صفعةِ مِن قاعِ الذاكرة!؟

نَصٌ مفتوحٌ على التغيير، أَم ممحاةٌ تتدرب على الاختزال!؟

النافذةُ

حارسة الموت البطيء، أَم شرطيُ السَيّر!؟

فزاعةٌ لم تغادر الحقل، أَم واحةٌ ثكلى لم تُبايع الصحراء!؟

بَصمةُ قدمٍ خانها الطريقُ، أَم تُفاحةٌ تمرَّدت على قانونِ المواسم!؟

غيمةٌ شاردة تبحث عن مُخيَّمٍ، أَم بركةُ ماءٍ طلَّقها الغَيثُ!؟

النافذةُ

ضفائرُ فِكرةٍ عادتْ من السفرِ، أَم بقعةٌ ضوءِ بَصقها البرقُ واختفى!؟

شلالُ جليدٍ من الدموع، أًم قتيلٌ عَلَّقهُ المطرُ ومضى!؟

قَشارة جِدارُ الضبابِ السميكِ، أَم غازٌ مُسَيِّلٌ للدموعِ!؟

نَهدٌ لَعَقهُ السرطانُ، أَم أرنبٌ مرتعبٌ…!؟

النافذة

سريرٌ عموديٌ يُطارد النوم، أَم قبرٌ جماعيٌ رفعَ رايةَ التأمُل!؟

جسرٌ مُعطَّل لنهرٍ فَقَدَ رغبة السيّرِ، أَم هاويةٌ بلا قعرٍ!؟

جوازُ سفرٍ لعُبورِ الطريقِ، أَم تعويذة في عنق الوقت!؟

حمّالةُ صدرٍ، أَم حمّالةُ وجعٍ!؟

النافذةُ

ساعي بريد لعناوينٍ مفقودة، أم ورقة يانصيب من فئة المُخدرات!؟

وسادةٌ بدون قُطنٍ، أَم ضربةُ شمسٍ تسلَّلَتْ من خلفِ الغيّمِ!؟

فراشةٌ تبحثُ عن رحيقٍ، أَم شوكةٌ في عينِ اليأسِ!؟

قناصٌ بعينٍ واحدةٍ، أَم ضحيةٌ نائمةٌ!؟

النافذة

طيرٌ مُحنطٌ، أم فكرةٌ تَتعربَش نحو السطحِ!؟

حديقةُ عامة للموتى، أَم عُشُّ رسائلٍ صامتةٍ!؟

كعبٌ عاليٌ ينتظرُ قدماً تحملهُ إلى نُزهةً، أَم وسامٌ على صدرِ الخوفِ!؟

قنديلُ مَعبدٍ سِرّي، أَم عُلبةُ كبريتٍ تنتظرُ خازنَ النار!؟

النافذةُ

ريشة طائر اصطدم بالواقع …، أم مُجفِفُ شَعرِ أشجارِ الوجع!؟

عبوةٌ ناسفةٌ حولَ خصّرِ المكان، أَم قميصٌ بلا أكمامٍ على حبلِ الغسيلِ!؟

لسانُ حلمٍ يلهثُ على قارعة الهزائم، أَم دمعةٌ تسرَّبت من النهرِ!؟ 

شجرةٌ داهمها الخريفُ من الخلفِ، أَم منطقةٌ منزوعةُ السلاحِ!؟

النافذة

مواطنٌ يمشي مع الحيط الحيط، أَم شاهدٌ على عصرِ نهضة القبور!؟

إسفنجةٌ تَمتصُ ريقَ القلقِ، أَم الناطقُ الرسمي باسّمِ وزارةِ الجدرانِ!؟ 

مومِسٌ تنتظرُ نبيَّاً يُصغي لوَجَعِها، أم نُبوءةٌ دَخلتْ سنَّ اليأس ولم تُنجِب!؟

فَمٌ طفلٍ يصرخُ، أَم امرأةٌ، فًجأةً، تَوقفتْ

عن السير…!؟

لا أدري، لا أدري

الحائطُ مُصممٌ على الاحتفاظِ

بحقِ الصمتِ

ربما النافذة جُمجمةٌ، أو شيءٌ عَصِيٌ 

على ذائقةِ جُرحي…

لا أعرف، لا أعرف، لماذا،

 لماذا مُنذُ فترةٍ طويلةٍ، من غرفتي

المُرتِبِطةِ بالصمتِ،

أتدَخّلُ كثيراً

في شؤونِ الآخرين؟

أيتها النافذة!

هذا الذي اخترَعكِ

“ابن حرام”،

يعرفُ ما تُخفيهِ الجدرانُ، فتركَ

للعابرينَ وسط النار

بابَ التأويلِ

لا، لا تبكي، إني

قريبٌ، وإنكِ معي،

فبيننا جراحٌ

وكلامٌ صار له أسنانٌ

وبطاقةُ هوَّية مِن جِلّدِ

القَهر

تعليقات

  1. مفهوم الشعر:
    هناك تعريفاتٌ عديدة للشعر، والتي من بينها تعريف ابن طباطبا في كتابه (عيار الشعر)؛ حيثُ عرّف الشعر بأنّه كلامٌ موزون ومرتّبٌ ومقفى، وهو بهذا يختلف عن الكلام المنثور الذي يستخدمه النّاس في مخاطباتهم، كما ذكر أنّ بإمكان من يمتلك الذوق الشعريّ أن يقوله دون الحاجةِ للاستعانة بميزان الشعر (العروض)، أمّا من لا يمتلك الذوق الشعريّ فعليهِ الاستعانة بالعروض لتصحيح وتقويم ما يقوله من شعر، وذلك إلى الحدّ الذي يُصبحُ علمه بالعروض كالطبع -أي لا تكلّف فيه.

    !!!

التعليقات مغلقة.

+ -
.