النمو المتوقع في منطقة اليورو 1.2 في المئة

تتوقع المفوضية الأوروبية ارتفاع النمو الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي خلال العامين الحالي والمقبل نتيجة سياسات التقشف وتقدم العمل لتصحيح الموازنات العامة وفق الاتفاقات المبرمة على الصعيد الأوروبي. وأشارت بيانات أصدرتها المفوضية أمس إلى ارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.6 في المئة في الاتحاد ككل و1.2 في المئة في منطقة اليورو هذا العام. وتوقعت المفوضية أن يتواصل النمو في العام المقبل لتصل المعدلات إلى اثنين في المئة في الاتحاد و1.7 في المئة في منطقة اليورو.

وعلى الصعيد العالمي رجحت أن تسجل التجارة العالمية زيادة مهمة، خصوصاً بفعل جاذبية اقتصادات الدول الناشئة. وتوقعت أيضاً أن تتأثر السوق الأوروبية بتداعيات التوترات السياسية بين روسيا والغرب، خصوصاً إذا قرر الجانبان تجاوز المناوشات والعقوبات الرمزية التي اتخذتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضد روسيا في غضون الأسابيع الماضية على خلفية تدخل روسيا في دعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا. وتؤكد التوقعات أن السوق الأوروبية أنهت مرحلة الركود وبدأت تستعيد ثقة المستثمرين وتسجل أيضاً ارتفاعاً نسبياً في مستوى الطلب والاستهلاك داخل السوق الأوروبية. وأوضح المفوض الأوروبي للشؤون المالية والاقتصادية سيم كالاس أن «عودة النمو أصبحت حقيقة إذ انخفض العجز العام وزاد الاستثمار وبدأ وضع سوق العمل يتحسن». وأكد أن استعادة النمو «ثمرة الجهود التي بذلتها حكومات الدول الأعضاء».

وتلتزم دول الاتحاد باتفاقات متعددة الأطراف أبرمت على مستوى القمة وتقتضي خفض الانفاق العام في كل الدول الأعضاء. وتخضع الموازنات إلى مراجعات دورية مشتركة. وقال كالاس إن «استمرار تنفيذ الاصلاحات الهيكلية في منطقة اليورو يذكره بالاجراءات المتشددة التي جرى تنفيذها في التسعينات لاصلاح اقتصادات دول وسط اوروبا وشرقها». وشدد على أن التجربة تدل على وجوب عدم الحياد عن تنفيذ الاصلاحات مهما كانت طبيعة التحديات والعوائق التي تعترض سياسات الاصلاح. ورد كالاس ضمناً على الانتقادات التي صدرت بخاصة في أوساط النقابات العمالية حول ارتفاع الكلفة الاجتماعية الناجمة عن سياسات التقشف وأن الإفراط في التقشف ينسف فرص النمو لأن خفض الانفاق العام ورفع الدعم يضعفان أكثر القدرة الشرائية لفئات من المجتمع.

وتتوقع المفوضية الأوروبية أن يكون الاستهلاك محرك عودة النمو الاقتصادي. وأوضحت أن «الاستهلاك سيرتفع في شكل تدريجي بما يعزز اتجاه النمو بخاصة لجهة انخفاض التضخم واستقرار سوق العمل. وسُجلت أيضاً زيادة الاستثمار في قطاعات التجهيز والبناء ما يؤشر فعلاً الى استعادة المؤسسات الاقتصادية نشاطها.

وعلى الصعيد الاجتماعي تشير بيانات التكهنات الفصلية التي صدرت أمس إلى أن سوق العمل «شهدت تحسناً في 2013 عبر إحداث الوظائف. ويُتوقع أن تنخفض نسبة العاطلين من العمل إلى 10.1 في المئة في السوق الأوروبية ككل و11.4 في المئة في منطقة اليورو 2015». وتشير الاحصاءات أيضاً إلى احتمال استقرار التضخم في مستوى منخفض في حدود 1 في المئة بالنسبة للاتحاد و0.8 في المئة بالنسبة إلى منطقة اليورو.

وتتوقع المفوضية الأوروبية استمرار انخفاض عجز الموازنات بصفة عامة في كل دول الاتحاد إلى 2.5 في المئة بحلول نهاية 2014 وأن يرتفع الدين العام من 90 إلى 96 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على الصعيد الأوروبي. ولاحظ كالاس خلال تقديمه التوقعات الفصيلة أن «سياسات تصحيح أوضاع الموازنات كانت مكلفة لكنها ضرورية. كما أن تحسن أوضاع أسواق المال في 2012 ساهم في تحسين شروط الاقتراض بالنسبة للمؤسسات الصغرى والمتوسطة».

وعلى الصعيد العالمي، أشار كالاس إلى أن التجارة العالمية تسجل بعض الانخفاض بعد الارتفاع الشديد في 2013. ولكن آفاق زيادة الناتج الخام ستتزايد في شكل تدريجي بفعل جاذبية الاقتصادات الناشئة. وتوقع أن «تستقر معدلات النمو المرتفعة في الصين. وتأثرت اقتصادات الدول الناشئة سلباً بالتوتر الذي شهدته أسواق المال بخاصة بالنسبة إلى الدول التي لم تتحكم في التوازنات المالية».

ولكن البيانات تشير إلى امكانية نمو التجارة العالمية بمعدلات تتجاوز المعدل الذي سجلته في 2013. ويتوقع أن ترتفع الواردات على الصعيد العالمي إلى 4.4 في المئة في 2014 و5.7 في المئة في 2015، بعد نسبة 2.2 في المئة في 2013. وأشار كالاس إلى «تكهنات تراجع النمو في روسيا هذا العام»، إضافة إلى التداعيات التي تنجم عن التوتر بين روسيا وأوكرانيا. ولفت كالاس إلى أن إرلندا وإسبانيا أنهتا تنفيذ خطة الدعم الأوروبي واصبحتا في موقع يؤهلهما للاقتراض من أسواق المال ويصح الأمر بالنسبة إلى البرتغال واليونان.

وأمس أشار وزير المال الفرنسي ميشال سبان، بعد صدور التوقعات الفصلية، إلى ان بلاده تتوقع نمو بنسبة 1 في المئة هذا العام و1.5 في المئة في 2015. وتحدث سابان على هامش اجتماع وزراء المال في منطقة اليورو في بروكسيل، قائلاً إن «ميثاق المسؤولية» الذي أصدرته حكومة رئيس الوزراء مانويل فالس يساهم في تعزيز النمو. ويقتضي الميثاق توفير 50 بليون يورو من خلال خفض الانفاق العام وتخفيف العبء الضريبي المفروض على المؤسسات. وتتوقع فرنسا خفض العجز العام إلى 3.9 في المئة في 2014 و3.4 في المئة العام المقبل اي بزيادة 0.4 نقطة مئوية عن معدل 3 في المئة الذي حددته معاهدة ماستريخت حول الاتحاد النقدي. وجدد سابان «تصميم الحكومة الفرنسية تنفيذ ميثاق المسؤولية وتوفير مبلغ 50 بليون يورو من أجل خفض العجز العام إلى مستوى 3 في المئة في 2015.

+ -
.