تعتبر الهواتف الذكية التطور الطبيعي التالي للحواسب الشخصية التي ساهمت بشكل كبير في خفض شعبية تلك الأجهزة بعد عقود من الهيمنة، ودفعت المسار نحو تطوير الحواسب اللوحية التي تعتبر حلا وسطا بين الهاتف الذكي والحاسوب الشخصي، فما هي الهواتف الذكية؟
يختلف الهاتف الذكي عن الهاتف التقليدي في أنه يقدم عددا من وظائف الحوسبة المتطورة وقدرات الاتصال المتقدمة إلى جانب وظائف الهاتف التقليدية الأخرى.
وقد دمج أول الهواتف الذكية بين قدرات الهاتف التقليدي ومزايا الأجهزة الاستهلاكية الشعبية الأخرى مثل المساعد الشخصي الرقمي ومشغل الوسائط والكاميرا الرقمية، ونظام تحديد المواقع الجغرافي (جي بي إس).
أما الهواتف الذكية الحالية فهي تدعم مزايا إضافية أكثر تقدما مثل شاشات اللمس المقاومة للخدوش، وكاميرات التصوير المدمجة ذات الدقة العالية، وقد بدأنا نشاهد هواتف ذكية تملك كاميرات تصوير بدقة 16 ميغابكسلا، وعشرين ميغابكسلا، وبعضها وصل بها الأمر إلى دقة غير مسبوقة بلغت 41 ميغابكسلا مثل كاميرا هاتف نوكيا 808.
ويتميز الهاتف الذكي كذلك بعتاد قوي مثل المعالجات الثنائية والرباعية النوى، وقد أصبحنا نجد هواتف ذكية بمعالجات ثمانية النوى، وكذلك يتضمن الهاتف الذكي معالجا خاصا للرسوميات يتيح تشغيل الألعاب الثلاثية الأبعاد، وذاكرة وصول عشوائي (رام) كافية، ومساحة تخزين ملائمة.
إلى جانب العتاد يجب أن يتميز الهاتف الذكي بإمكانية تحميل العديد من تطبيقات الطرف الثالث عبر الإنترنت خاصة تطبيقات الألعاب التي تجذب العديد من مستخدمي الهواتف الذكية.
كما يجب على الهاتف الذكي أن يدعم العديد من قدرات الاتصال اللاسلكي مثل شبكة “واي فاي” التي تتيح لمستخدم الهاتف تصفح الإنترنت، وتقنية “بلوتوث” التي تتيح له التواصل مع هواتف أخرى ومشاركة الملفات معها، وتقنية “الاتصال قريب المدى” التي تتيح مشاركة الملفات مع هاتف آخر يدعم تلك التقنية بمجرد التواصل بينهما، إلى جانب نظام تحديد المواقع الجغرافية.
لكن أبرز ما يجب أن يتمتع به هو السهولة التي يجب أن يتيحها لمستخدمه في التواصل مع الآخرين ومشاركة ما يشاء معهم عبر خدمات التواصل الاجتماعي العديدة مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب وإنستغرام وغيرها.
مجموعة من الهواتف التقليدية لشركة نوكيا الفنلندية (غيتي)
إلى جانب تلك الصفات فإن الهاتف الذكي قادر على أن يعمل كقارئ كتب إلكتروني، خاصة بعدما أصبحت شاشات تلك الهواتف ذات قياسات كبيرة نسبيا، وقادرة أيضا على تسجيل الفيديو بدقة عالية واستعراض الصور بطريقة جذابة.
كما يتميز الهاتف الذكي بقدرته على مشاركة شاشته مع الشاشات الأكبر مثل أجهزة التلفاز العالية الوضوح، أو الحواسب اللوحية، وكذلك القدرة على تبادل الملفات بينه وبين الحواسب الشخصية وعمل مزامنة بينهما.
ومع التقدم الكبير في مجال الهواتف الذكية والخدمات السحابية، أصبح لزاما على أي هاتف ذكي هذه الأيام أن يتمتع بإمكانية عمل مزامنة لملفات الوسائط المحفوظة عليه مع حساب المستخدم في خدمات التخزين السحابي، وكذلك دعم الطباعة اللاسلكية مع الطابعات التي تدعم هذه الميزة.
تتطور الهواتف الذكية يوما بعد يوم، وتزيد قدراتها وإمكاناتها بشكل مذهل، فأصبحت بعض تلك الهواتف تستخدم البصمة على سبيل المثال كنوع من الأمان لفك قفل الهاتف (كما في هواتف آيفون 5إس، وغلاكسي إس5، وإتش تي سي ون (إم8)، وغيرها)، ويستخدم بعضها تقنيات تتبع حركة العين لتصفح الإنترنت أو استعراض الصور بمجرد الإشارة الهوائية باليد.
على النقيض من كل ذلك فإن الهاتف التقليدي يؤدي الهدف الرئيسي الذي صمم لأجله وهو إجراء المكالمات الهاتفية، وإرسال الرسائل النصية، مع قدرة محدودة في إمكانات التصوير ومشاركة الملفات عبر بلوتوث، وقد بدأت هذه الفئة من الهواتف بالاندثار التدريجي مع ظهور هواتف ذكية من الفئة الدنيا تدمج بعض مزايا هواتف الفئة العليا السابقة فيها.
وتقود شركتا غوغل عبر نظام التشغيل “أندرويد” وأبل عبر نظام “آي أو إس” سوق أنظمة تشغيل الهواتف الذكية بحصة تصل إلى نحو 90% على مستوى العالم، تليها أنظمة تشغيل شركات أخرى مثل نظام “ويندوز فون” لشركة مايكروسوفت الأميركية, ونظام “بلاكبيري” لشركة بلاكبيري الكندية.