وضع المهندس الكندي بريان فرستيج تصميماً لبناء أول مستعمرة بشرية على سطح الكوكب الأحمر. ويعرف هذا المشروع باسم «مارس وان» Mars One. وتتولى تنفيذه شركة هولندية كانت وقعت في شهر كانون الأول (ديسمبر) 2013، عقداً مع شركة «لوكهيد مارتن» لأنظمة الفضاء، ومع قسم الفضاء التابع للجيش الأميركي، لدراسة فكرة هبوط المكوك الفضائي على سطح المريخ. ويشتمل التصميم على معدات وتجهيزات تتناسب مع رحلة طيران في الكون الفسيح، مع تحديد أمكنة إقامة رواد الفضاء وما يحتاجونه للبقاء على قيد الحياة على امتداد 500 يوم، وهي الفترة المقررة لبناء المستوطنة المريخية.
اختبارات شاقة
في هذا السياق، أخضع 1058 رجلاً وامرأة، غالبيتهم أميركيون، لاختبارات شاقة تستكشف قدراتهم على إنجاز رحلة باتجاه وحيد، ذهاباً من دون عودة، إلى الكوكب الأحمر. وحصل 24 من هؤلاء على تذاكر للسفرة المريخية، وجرى تحديد موعد مبدئي لمغادرة أربعة رواد فضاء للاستقرار في المريخ. كما عين موعد مبدئي أيضاً لمغادرة المجموعة الثانية، علماً بأن الرحلة من الأرض إلى سطح المريخ تستغرق قرابة 7 شهور.
ولدت فكرة مشروع «مارس وان» في نيسان (أبريل) من عام 2013. واختمرت في رأس المهندس الهولندي باس لانسدورب، وهو المدير التنفيذي لهذا المشروع الطموح.
وأثار «مارس وان» فضول آلاف الأشخاص عالمياً. وأبدى قرابة 200 ألف شخص استعدادهم للقيام بهذه المهمة المتمثلة بالسفر إلى المريخ من دون عودة. في هذا الصدد، يقول لانسدورب: «كان التحدي الذي يواجهنا هو انتقاء أشخاص قادرين جسدياً وعقلياً ونفسياً، أن يصبحوا سفراء للإنسانية على سطح المريخ». وأضاف: «تبين لنا بعد إتمام عملية الاختيار، أن الذين أبدوا حماستهم لهذه المهمة لم يكونوا جديين بما فيه الكفاية».
ومن جهة أخرى، بين الطبيب الأميركي نوربت كرافت، وهو شارك وكالة «ناسا» في اختيار رواد الفضاء، أن مجموع المرشحين المقبولين لهذه المهمة بلغ 1058 شخصاً. وأوضح أنهم سيخضعون لعملية اختبار دقيقة وشاملة جسدياً ونفسياً، تستغرق عامين. ويتولى الإشراف على هذه العملية فريق من الفيزيائيين والأطباء ورواد الفضاء. ويجري بث عملية الاختيار والتدريب على شاشة عالمية متخصصة في تلفزيون الواقع. وتتمثل الغاية من هذا البث المباشر في خدمة هذه المهمة الإنسانية من جهة، وجمع الأموال اللازمة لتغطية مشروع «مارس وان» المقدرة بقرابة 6 بلايين دولار.
يحظى مشروع «مارس وان» بتأييد كبار العلماء كالباحـــثة راي كاس، وهي أستاذة في جامعة «كونكورديا– مونتريال» تحمل جائزة «نوبل» للفيزياء، والبروفسور لانسدورب الذي يقول بأن لا شـــيء مســـتحيلاً لأن التاريخ يجعل من المستحيل ممكناً حين يكون التغيير هو الدافع.
تشكيك من «ناسا»
في المقابل، يرى بعضهم في المشروع نوعاً من مغامرة علمية محفوفة بكثير من المخاطر. تتضـــمن قائــمة هذه المخاطر سيناريوات دخول الغلاف الجوي للمريخ الذي يكون ثاني أوكسيد الكربون 95 في المئة منه، وهبوط العواصف الرملية العنيفة بصورة مستمرة في المريخ مع وصول متوسط سرعة الرياح عليه إلى 200 كيلومتر في الساعة، وانتشار الصخور، إضافة إلى صعوبة حماية رواد الفضاء من مخاطر الإشعاع الكوني المســبب للسرطان والحروق الجلدية البليغة، وندرة الماء في المريخ.
ويلاحظ أن وكالة «ناسا» تعتقد بأن المياه العذبة كانت موجودة على سطح المريخ قبل نحو 6.2 بليون سنة لكنها تشدد على أن لا أحد يستطيع ضمان وجود المياه هناك بسبب الضغط الجوي المنخفض ودرجات الحرارة الفائقة التدني (متوسط الحرارة على المريخ تقارب 53 درجة تحـــت الصفر)، ما يجعل «ناســا» متحفظة تجاه مشاريع إرسال بشر للإقامة في المريخ.