«تاج إكزوتيكا».. وجهة تستحق عناء السفر

وجد في المالديف نحو 1200 جزيرة، تتنافس فيما بينها على الروعة والجمال، وتعشش بين أشجار النخيل التي تكسوها منتجعات تزيدها رونقا وسحرا، لتهب بذلك بلاد جزر المالديف لقب «الوجهة الأكثر رومانسية»، ولكن يبقى عناء السفر هو الهاجس الأول والأخير بالنسبة إلى المسافرين الذين يخافون من ركوب الطائرات، لا سيما الطائرات الصغيرة بمحرك واحد التي تستعمل في المالديف وسيلة نقل أساسية وتعرف بالتاكسي المائي، ويعتمد استعمالها على المنتجع الذي يفرض بعده عن مطار مالي استعمال الطائرة أو القارب.

https://www.youtube.com/watch?v=-wEc5rtxx8I

غالبية الجزر في المالديف تقع على مسافة تزيد على ثلاثين دقيقة بواسطة الطائرة من المطار. لذا، إذا كنت من فئة المسافرين التي تكلمنا عنها في مستهل الموضوع فما عليك إلا قراءة الموضوع حتى النهاية والتعرف إلى منتجع «تاج إكزوتيكا ريزورت آند سبا» الذي يشغل أقرب جزيرة إلى المطار ولا حاجة إلى الوصول إليه بواسطة الطائرة، فيكفي أن تستقل القارب السريع التابع للمنتجع لتبدأ مغامرتك الحقيقية بعد خمس عشرة دقيقة فقط لا غير.

 

مما لا شك فيه أن معظم المنتجعات في المالديف رائعة بحكم موقعها، حيث لا يمكن أن تنافس روعة البحر وزرقته اللازوردية، ولكن تبقى هناك ميزات صغيرة تجعل من المنتجع وجهة مفضلة كما هو الحال مع «تاج إكزوتيكا»، لأنه إلى جانب موقعه القريب من المطار يقع على ضفة أكبر بحيرة مالحة في البلاد، وهذا الأمر لن تتصور أهميته إلا عندما يقترب القارب من مرفأ المنتجع الصغير، حيث يبدأ لون الماء يتغير ليصبح أكثر جاذبية. وفي الأفق القريب، ستجد فريق العمل في المنتجع بلباس يأخذ من زرقة البحيرة الضحلة لونها.. مجموعة من الرجال والنساء يحملون الطبول، وعلى وقعها تصل إلى المنصة الخشبية، لتبدأ العطلة الحقيقية بعد استقبال رائع تبقى موسيقاه في أذنيك، وسيكون عطر عقد الياسمين الذي يوضع حول عنقك ذكرى عطرة، كما أن الصورة التذكارية التي يلتقطها مصور المنتجع المحترف ستقف شاهدا في نهاية الرحلة على لحظات لا يمكن أن تنساها.

 

* النظرة الأولى في السفر، أعتقد أن النظرة الأولى تكون دقيقة جدا وتحدد ما إذا كنت ستقع في حب المكان أم لا، ولو أننا في بعض الأحيان نقرأ المشهد خطأ ونرفض ألفة المكان لوجدنا في نهاية الرحلة أننا كنا مخطئين في الحكم المسبق، ولكن عندما تصل إلى مدخل منتجع «تاج» ستقودك حواسك إلى الحكم الصائب، وستشعر بدفء المكان من الوهلة الأولى، وأهم ما ستشعر به تلقائيا الود التلقائي من جانب الموظفين، وقد يكون السبب هو أن فريق العمل أشبه بعائلة صغيرة، لأن المنتجع صغير نسبيا، فهو يضم أربعة وستين فيلا، بعضها مطل على البحيرة، وبعضها الآخر على المحيط الهندي، وفي كلتا الحالتين لن تبخل عليك الطبيعة الكريمة بروعتها.

 

جرى تصميم جميع الفيلات بشكل يتلاءم مع الجزيرة التي كان يطلق عليها اسم «جزيرة جوز الهند»، المزخرفة بالرمال والمطرزة بالأشجار المتراصة على جانبي ممشى صغير لا يتسع لأكثر من مركبة «باغي»، مثل تلك المركبات التي تستعمل على ملاعب الغولف، تنقلك من البهو الرئيس الذي تلفحه نسمات المحيط وتتراقص معها ستائر بيضاء ناعمة. وجميع ديكورات الفيلات تعكس أيضا تقاليد البلاد وتستمد من المشهد الخارجي خلفية لا يمكن أن تجدها إلا في المالديف.

 

أهم ما يلفت نظرك في الفيلات هو وجود دش ومغطس في الداخل والخارج، وفترة المساء يكون فريق العمل على دراية بأنك تتناول عشاءك في أحد مطاعم المنتجع فيستغل الفرصة لمفاجئتك بتزيين السرير بالزهور الحمراء من خلال رسم القلوب بطريقة فنية جميلة، وتجري تهيئة المغطس في الحديقة بالماء الساخن، المعطر برغوة الصابون الناعم وتنثر فوقها الزهور أيضا لتكون بانتظارك عند عودتك.

 

هناك تناغم واضح بين الضيوف والعاملين، والأهم من هذا كله التوازن المحبب، بحيث لا يصبح العامل عبئا على الضيف، كما يحصل في بعض الأماكن التي يسعى فيها العاملون إلى بذل أقصى جهدهم لإسعاد الضيوف. تتمتع كل فيلا ببركة سباحة خاصة، وتطل على الشاطئ لتكون السباحة في البحر خيارا إضافيا، ولكن لا تنسى أن تأخذ قسطا من الراحة (ولو أنك لن تتعب لتحتاج إلى الراحة) على أرجوحة خشبية متحركة بفراش عريض يغطيها القش، ستستسلم للنعاس عليها لا محالة.

 

* المطاعم في كل مرة أتذكر أفضل مكان تذوقت فيه طبقا لذيذا، تأخذني ذاكرتي إلى مطعم «ديب إند» Deep End، لن أبالغ إذا وصفته بأنه من أفضل مطاعم العالم، فهو يقع إلى أقصى زاوية من جهة الجنوب للجزيرة حيث ينتهي عنده المنتجع. تدخل إليه فتنسى أنك في جزيرة جوز الهند وتظن أنك دخلت إلى مسرح ساحر تتدلى منه ثريا عملاقة تلقي بأنوارها في قعر المحيط بالوسط، لتتوزع الطاولات على شكل دائري حول الفتحة في الأرض التي تسورها الحبال التي يستعملها البحارون في أسفارهم.

 

والأهم من الديكور مذاق الطعام وتصميم الأطباق. وبعد عرس ضخم من الأطباق الممتازة التي يستعمل فيها الطهاة المنتجات الطازجة يوميا، يكون قد حان وقت الحلوى، فلا تنتظر طبقا، بل لوحة فنية يقوم برسمها الطاهي نفسه أمام عينيك من خلال وضع غطاء بلاستيكي على طاولتك ويبدأ بعدها برسم لوحته بواسطة الشوكولاته وغيرها من المغريات. وفي النهاية، لن يكون بوسعك إلا التصفيق لذلك المبدع الذي قامت أنامله برسم أجمل لوحة قابلة للأكل.

 

ومن مطاعم المنتجع الأخرى: «24 درجة»، ويقدم الفطور والغداء والعشاء، وفيه يمكنك تذوق ألذ الأطباق المالديفية التي تعد خليطا آسيويا هنديا أوروبيا، بالإضافة إلى أطباق عالمية أخرى تناسب جميع الذائقات. وبعد العشاء، يمكنك التوجه إلى مقهى «إكواتور» الذي يضم مقاعد على الشاطئ مباشرة، والأهم من هذا كله تقديمه الشيشة، ولن أخفي عليكم سرا إذا أخبرتكم بأن جميع الحاضرين كانوا أجانب وكان جميعهم يدخن الشيشة، وقد يكون هذا هو الغزو العربي الحديث لذائقة الغرب.

 

* عشاء خاص للغاية بما أن جزر المالديف وجهة رومانسية، ويقصدها العشاق والمتزوجون حديثا (ولو أننا رأينا الكثير من العائلات مع الأطفال)، فلا بد من خلق أجواء يسودها العشق والخصوصية؛ ففي فترة المساء يتمكن الضيف من حجز عشاء لشخصين على الشاطئ خارج الفيلا التي يسكن بها، ويقوم العاملون بوضع طاولة في وسط دائرة من الشموع، ويكون هناك نادل خاص طيلة فترة العشاء يقوم على تلبية طلبات الزوجين، المشهد أكثر من جميل؛ ظلام دامس ينيره ضوء النجوم الخجولة وشعاع الشموع.

 

* المركز الصحي.. واحة من الاسترخاء عند حافة الجزيرة، يقع مركز «جيفا غراند سبا» الذي ينفرد بالعلاجات الهندية، الحائز جائزة أفضل علاج «الإيورفيدا» الهندي، وهو مخصص أيضا لتقديم علاجات صحية كثيرة أخرى ويؤمن بالفلسفة الهندية في العلاج، ويعمل فيه أطباء متخصصون في علم «الإيورفيدا» يقومون بتقديم برامج خاصة بإنقاص الوزن. ويعد سبا «جيفا غراند» أول مركز صحي هندي خارج الهند. بعد العلاج، لا بد من الاسترخاء في الحديقة على أرجوحة بمساند مريحة أو على شرفة يغطس طرفها في الماء، وفيها تجد أسرّة مخصصة للاستحمام بالطين تحت أشعة الشمس الدافئة.

 

ولمحبي اليوغا والتمرينات الرياضية، يمكنك الالتحاق بالحصص الخاصة بالتمرين في النادي الصحي، المميز بجدران بلورية ويطل على البحر مباشرة.

 

ومنذ لحظة وصولك المنتجع، سيرافقك خادمك الخاص إلى الفيلا وسيقوم بشرح كل شيء له علاقة بالمنتجع، وسيكون جاهزا لتلبية طلباتك بمجرد الضغط على زر خاص به في الهاتف، وسيقوم بنقلك – إذا شئت – ما بين المطاعم وإلى السبا إذا رغبت ومتى رغبت في ذلك.

 

* نشاطات.. غطس وأكثر لا يمكن الغطس في البحيرة المالحة على شاطئ الجزيرة لأنها ضحلة، ولكن المنتجع ينظم رحلات خاصة بواسطة القارب إلى أماكن مناسبة للغطس والسباحة مع السلاحف. وقد فاز منتجع «تاج إكزوتيكا» بجائزة ثالث أفضل منتجع في العالم وأفضل منتجع في المالديف، وهو تابع للواء تاج للقصور والفنادق التي تملكها عائلة تاتا الهندية.

 

* بعيدا عن المنتجع بحكم موقع المنتجع القريب من العاصمة مالي، فمن الممكن أن تستقل القارب التابع للمنتجع الذي يعمل أربعا وعشرين ساعة، وتذهب في رحلة استطلاعية للعاصمة مالي المميزة بأبنيتها الملونة. وبما أن جميع شعب المالديف مسلمون، لذا توجد مساجد كثيرة تستحق الزيارة مثل جامع «هوكورو ميسكي» الذي بني عام 1656، وجدرانه يكسوها المرجان المخدد، ويقع مقابله المقر الرئاسي الرسمي الذي بني قبل الحرب العالمية الأولى. ولمحبي الفن المعماري الجميل، لا بد من زيارة المركز الإسلامي الذي بني عام 1984 والذي يتميز بهندسته المعاصرة وسلمه المؤدي إلى المتحف الوطني وحديقة السلطان، واللافت وجود أهم معالم العاصمة الصغيرة في مكان واحد. وبالقرب من المباني العالية الملونة، يوجد شاطئ اصطناعي وبرك سباحة وأماكن مخصصة للاسترخاء.

 

* أسماء غريبة وعجيبة المالديفيون شعب مسالم ومحب للحياة، وهذا واضح من خلال تسميات البيوت والمباني في مالي، بعض الأسماء جاءت من وحي البحر والموقع مثل «نسيم البحر»، و«نزل الشمس»، وهناك تسميات أكثر غرابة مثل «لا تنسَني» و«دائما بيت سعيد».

 

أنصح بالمشي بين تلك البيوت والتعرف إلى ثقافة البلاد أكثر من خلالها.

 

* التسوق في مالي تنتشر في العاصمة محلات كثيرة، ولكن من الأفضل التوجه إلى الأسواق الشعبية المفتوحة، والأسواق التي تبيع المأكولات والأسماك، بالإضافة إلى أسواق لبيع الأقمشة بمختلف الألوان والأشكال، ولا بد من زيارة محلات بيع الكتب الصغيرة ومحلات بيع التذكارات.

 

خصوصية فريدة إذا كنت ترغب في قضاء فترة من الزمن في خصوصية تامة وسط المحيط، يمكنك ذلك من خلال حجز كوخ عائم على الماء، يأخذك العاملون إليه عبر مركب صغيرة، ويمكن تناول العشاء أو الغداء هناك، ويجري نقلك إلى المنتجع في وقت لاحق، وهذه الفكرة يحبذها المتزوجون حاليا لأنها فريدة من نوعها، ويؤمن المنتجع مصورا محترفا ليرافق الزوجين في جلسة تصوير وسط أجمل المناظر الطبيعية وسط الماء.

 

* الأكل في مالي تنتشر في مالي مطاعم كثيرة تقدم المأكولات المحلية والتايلاندية والهندية، ولكن يبقى المطبخ المالديفي من ألذ مطابخ المحيط الهندي، ولا بد من اختيار يدخل السمك في وصفتها. وبعد الأكل، خذ قسطا من الراحة في أحد مقاهي المدينة التي تقدم الكوكتيلات الطازجة والعصائر والقهوة.

+ -
.