
إعداد: السويداء 24.
منذ 13 تموز 2025، تعيش محافظة السويداء في ظل حصار خانق فرضته قوات “الحكومة الانتقالية”، وسط انهيار كبير في جميع الخدمات، وتخريب مستمر للبنية التحتية، وتردّي الأوضاع الإنسانية، في ظل أزمة نزوح ضاغطة في المدن الرئيسية في المحافظة.
الواقع الخدمي: الكهرباء والمياه
منذ 23 تموز، حتى اليوم الأول من آب، لا تتجاوز ساعات وصل الكهرباء ساعتين يومياً كحد أقصى، مقابل 22 ساعة قطع، مع انقطاعات عامة متكررة. تتواصل الاعتداءات على خطوط الشبكة الكهربائية في مناطق خاضعة لسيطرة “الأمن العام” بريف درعا، مما يمنع استقرار الشبكة ويعيق إصلاحها، حسب مصادر في شركة الكهرباء.
الشبكة الكهربائية في السويداء تضررت بشكل كبير بسبب القصف الذي نفذته قوات “الحكومة الانتقالية” خلال الهجمات الأخيرة على المدينة، ما أدى إلى تدمير عدد كبير من محطات التحويل والمحوّلات والتجهيزات الفنية.
حالياً، تصل إلى المحافظة 15 ميغاواط فقط عبر الخط الاحتياطي (66 ك.ف)، في حين تعذّر إصلاح الخط الرئيسي (230 ك.ف) بسبب وقوعه في منطقة تحت سيطرة “الأمن العام” وغير آمنة، ولا تستطيع ورشات الكهرباء الوصول إليها.
المياه: الآبار ومحطات التغذية خارج الخدمة
98 بئر مياه جوفية خارج الخدمة بشكل كامل داخل محافظة السويداء، منذ 13 تموز، بالإضافة إلى محطة ضخ رئيسية واحدة على الأقل تم حرقها ونهبها ضمن تجمع آبار الثعلة، وهي منشأة حيوية كانت تؤمّن 60 إلى 70% من احتياجات مدينة السويداء من المياه.
يصعب الوصول إلى تجمع آبار الثعلة لحصر الأضرار أو تقدير حجم التخريب، بسبب وقوعها تحت سيطرة الأمن العام. والمياه لا تصل إلى منازل السكان في معظم مناطق المحافظة، حسب مصادر في مؤسسة المياه.
السكان المقتدرون مالياً يلجأون لشراء صهاريج مياه خاصة بأسعار تتراوح بين 600–700 ألف ليرة سورية للنقلة الواحدة (كانت 150 ألف فقط قبل الحصار). أما الأغلبية الساحقة من السكان تعتمد على خزانات مياه وزعتها منظمة الهلال الأحمر في بعض أحياء مدينة السويداء لتعبئة عبوات الاستخدام المنزلي.
الخبز: إنتاج مهدد وازدحام كبير
حاجة المحافظة اليومية تُقدّر بـ 120 طن من الطحين، في حين أن مطاحن “أم الزيتون” الرئيسية لا تزال قيد الصيانة نتيجة تعرضها لاعتداءات ممنهجة من قبل مجموعات مسلحة موالية للحكومة الانتقالية.
وصلت إلى المحافظة كميات من الطحين بلغت نحو 400 طن خلال الأسبوع الماضي، عبر دفعات قدّمتها منظمات أممية وتبرعات من مغتربي السويداء، وتغطي الاحتياجات لعدة أيام فقط.
ازدحام شديد على الأفران في مدينة السويداء، بالإضافة إلى أفران شهبا وصلخد، بسبب النزوح الكثيف من القرى المنكوبة باتجاه هذه المدن. يستغرق شراء ربطة خبز واحدة من الفرن الآلي في السويداء عدة ساعات.
أزمة نزوح متفاقمة:
تشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 170 الف شخص نزحوا من مناطقهم قسراً في محافظة السويداء منذ 13 تموز. تركز النزوح باتجاه مدن شهبا، السويداء، صلخد والقرى التابعة لها.
يقيم النازحون في مراكز إيواء افتُتحت حديثاً، مدارس، مقامات دينية، ويستضيف السكان في المناطق الآمنة أقاربهم من النازحين في بيوتهم. يعتمد النازحون على مساعدات إغاثية محدودة تدخل عبر الممر الإنساني، مصدرها منظمات أممية وتبرعات من مغتربي السويداء، ولا تسد احتياجات 5% من المتضررين بحسب مصادر تعنى بالشأن الإغاثي.
الوضع الميداني: تهجير ونهب للبنى التحتية
أكثر من 30 قرية تقع في غرب، شمال، وشمال شرق السويداء لا يستطيع سكانها العودة إليها حتى اليوم: في الريف الشمالي: الخالدية، السالمية، دير الشعير، الحقف. وفي الريف الغربي: الثعلة، المزرعة، ولغا، الطيرة، سميع، الدور، تعارة، قراصة، الدويرة، نجران، حران، لبين، جرين، داما، دير داما، المجيمر، عرى. وفي ريف السويداء الشمالي: ام الزيتون، المتونة، لاهثة، رضيمة اللواء، الصورة الصغرى، ذكير، خلخلة، ام حارتين، الصورة الكبرى.
تنتشر في هذه المناطق مجموعات مسلّحة موالية للحكومة الانتقالية بالإضافة إلى حواجز تابعة للأمن العام. عمليات النهب لا تزال مستمرة وتشمل: البنية التحتية، خطوط الكهرباء، شبكات الاتصال، وآبار المياه، المشاريع الزراعية، الممتلكات الخاصة للسكان، بالإضافة إلى إحراق البيوت السكنية بشكل ممنهج.
المعابر والمساعدات: دخول محدود وقيود أمنية مشددة
دخلت اليوم الجمعة قافلة مساعدات إنسانية واحدة فقط عبر الممر الإنساني من بصرى الشام بريف درعا، ضمت: 4 صهاريج مازوت مخصصة للمؤسسات الخدمية (مياه، صحة، كهرباء، أفران). بينما يُمنع دخول البنزين للمحافظة بشكل كامل بموجب قرار أمني صادر من دمشق، بحسب مصادر في شركة المحروقات، مما تسبب بـ شلل شبه كلي في حركة النقل.
الطرقات والحركة: عزل كامل وشلل تجاري
طريق دمشق – السويداء الرئيسي مقطوع بالكامل منذ 13 تموز، وتنتشر على امتداده (من المتونة إلى الصورة الكبيرة) مجموعات مسلحة تابعة للحكومة الانتقالية تمنع أي عبور. الطرقات الفرعية المؤدية إلى درعا مقطوعة أيضاً بحواجز الأمن العام.
حرية التنقل معدومة، ويتم انتقال السكان فقط عبر الممر الإنساني في بصرى الشام ضمن ظروف أمنية قاسية وإجراءات مشددة. أما الحركة التجارية معدومة كلياً، حيث لم تدخل أي شاحنة محمّلة بمواد غذائية، خضار، فواكه، أو أدوية إلى السويداء منذ بدء الحصار في 13 تموز.
الوضع العسكري: هدوء حذر
سُجّل خلال يوم الجمعة 1 آب، هدوء نسبي على مختلف الجبهات، مع استمرار قرار وقف إطلاق النار الذي ترعاه الولايات المتحدة الأمريكية، حتى لحظة إعداد هذا التقرير، دون تسجيل أي اشتباكات جديدة في هذا اليوم.
خلاصة:
الوضع في السويداء بلغ مرحلة خطرة من الانهيار الخدمي والإنساني الكامل، في ظل الحصار والاعتداءات المستمرة، وسط غياب أي استجابة فاعلة. التهجير القسري، منع الحركة، وتقييد دخول المواد الأساسية، إلى جانب استهداف المرافق العامة، كلها تشكّل انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي.