بعد أن عثروا على هيكله العظمي في إحدى المغاور بإسبانيا، استخرجوا خريطته الجينية من عظامه، وسحبوا عينة من إحد أسنانه، ومنها حصلوا على حمضه النووي، ثم جاؤوا بجمجمته وكسوها بما يشبه اللحم البشري، وبعدها زرعوا في الوجه والرأس شعره، وأعادوا “تركيب” شكل وجهه كما كان صياداً بدائياً قبل 7 آلاف عام تماماً.
ثم قاموا بتلوين جلده وعينيه بحسب كروموسومات في حمضه النووي يظهر بموجبها لون الجلد والعيون، وظنوا أنهم سيرون لأول مرة كيف كان أول أوروبي عاش في العصر الحجري، آملين أن يكون شبيهاً إلى حد ما بالأوروبيين الحاليين.
إلا أن الكائن ظهر على غير ما كانوا يعتقدون: أسمر شرقي الملامح وبعينين زرقاوين، مثل عيني الممثلة المصرية زبيدة ثروت، فسماه العلماء الإسبان “لا برانا1” على اسم الكهف الذي اكتشفوا عظامه فيه محفوظة أفضل من سواها بمقاطعة “ليون” في الشمال الإسباني، ووصفوا تركيبته الجينية بأنها “طبخة” إفريقي- أوروبية كانت اللبنة الأولى في مرحلة تحول سلالي مما كان عليه ذلك الصياد إلى ما أصبح عليها الأوروبي الحالي.
تنوع الجينات أدى إلى تغيير لون العيون
كل هذه المعلومات التي اطلعت عليها “العربية.نت” في صحف إسبانية وغيرها، منشورة كدراسة معقدة عن جينات “لا برانا1” في العدد الحالي من دورية “نيتشر” العلمية البريطانية الشهيرة، وأعدها فريق علماء يقوده البروفيسور كارلس لالويزا-فوكس، وهو من “معهد التطور البيولوجي” في برشلونة.
في الوارد يقول البروفيسور إن المفاجأة الأكبر “كانت اكتشاف أن هذا الكائن كان محتوياً على طبعة إفريقية من جينات تحدد الصبغة الخفيفة للأوروبي الحالي”، مشيراً بذلك إلى أن نوعه كان المسبب بتغير لون جلد الأوروبيين من الأسمر الإفريقي إلى الأبيض فيما بعد.
شرح أيضاً أن الأغرب هو العثور في “لابرانا1″على جينات متنوعة “تظهر معها العيون بالأزرق”، وأن التغيّر في لون عيون الأوروبيين سبق التغير بلون جلدهم فيما بعد، إلى جانب أن جينات “لابرانا1” شبيهة بجينات الاسكندنافيين، وفيها صفات جينية مشتركة أيضاً مع أسلاف عاشوا قبل 20 ألف سنة بسيبيريا، من هنا تنوع جيناته المسببة بتلوّن العيون بالأزرق، وهو ما يؤكد دراسات سابقة أشارت إلى أن كل سلالة تحصر التناسل من أفرادها لا يحدث فيها تغيير بيولوجي، بعكس المتنوعة التناسل.