حسين فخر الدين.. هواية فريدة منذ الصغر!

IMG_5926
حسين فخر الدين.. هواية فريدة منذ الصغر

لا شك بأن لكل فرد منا هوايته المحببة، التي يأنس إليها عند التعب أو الملل، أو عندما تنتابه حالة من الإحباط.
عادة ما تتغير هواياتنا مع الزمن، حتى أنه قد يأتي يوم يكره المرء أمراً كان هوايته المفضلة في وقت سابق.
لكن ضيفنا السيد حسين فخر الدين، أو المشهور باسمه الحركي كما يقول هو نفسه “حسين زكية”، يمارس هوايته المفضلة منذ الصغر، ولا يزال يمارسها حتى اليوم وقد أصبح عمره 55 عاماً. هواية غريبة نوعاً ما لكن فيها الكثير من المهارة وطول النفس.

هواية حسين هي تصنيع السيارات المختلفة بأحجام صغيرة، وهو يصنعها من الأسلاك أو من الحديد، فتشبه في شكلها السيارة الحقيقية. يهتم بأدق التفاصيل، وينفذها ببراعة تامة. فتؤدي جميع الحركات المرجوة منها، وهو يرينا إياها بفخر ظاهر للعيان، ويلاطفها كما يلاطف الأب أبناءه.

عندما وصلنا إليه في بيته في مجدل شمس، كان يجلس في حديقته الصغيرة، المزروعة بشجر الجوز والتين، و”عريشة” عنب بلدي، وأنواع مختلفة من الورود، يحتسي فنجانا من القهوة ويدخن سيجارة، وكأنه يقول لكل مشاكل الدنيا أن تنتظر، فهو ليس بعجلة من أمره…

تحدث حسين عن هوايته فقال:
“بدات أمارس هذه الهواية منذ الصغر، منذ أن كنت في السابعة أو الثامنة من العمر. كنت أينما وجدت سلكاً معدنيا أتي به وأصنع منه شيئاً ما، فانقلبت هذه العادة إلى هواية. كان العثور على أسلاك صعباً في تلك الأوقات لأنها لم تكن متوفرة. كنت أقطع مسافات حتى أجد جدار من الإسمنت فأقطع منه سلكاً لأصنع سيارة.

أحب تصنيع أي شيء تراه عيناي. أينما رأيت شاحنة أعود إلى البيت وأعمل بضعة أيام لكي أصنع واحدة مثلها من الأسلاك المعدنية.
كان والدي يعتقد بأن ما أفعله مضيعة للوقت، فذهبت الكثير من السيارات التي صنعتها ضحية لغضبه، فكان يأخذها مني ويدوسها برجليه، في محاولة لثنيي عن المضي في ممارسة هذه الهواية لأنه كان يعتقد بأن ممارستي لهذه الهواية تلهيني عن دروسي المدرسية. لكنه عندما كان يفعل ذلك كان يستفزني لمتابعة هذه الهواية أكثر، فكان عندما يتلف واحدة أصنع بدلا منها أربع.

تعلمت حتى الصف السادس وتركت المدرسة وانتقلت للعمل في الحدادة، وهي المهنة التي أحبها. أحب الحدادة ولكني أجب صناعة الأشياء من الأسلاك أكثر، فهي تجري في عروقي.

لا يمكن كسب لقمة العيش من هذه الهواية.. فلا أحد هنا يقدر هذه الأعمال. وإنما أمارسها كهواية فقط. أما لكسب العيش فأنا أصنع “وجاقات” الحطب للتدفئة المنزلية، وأنا أعمل في هذه المهنة من سنوات عديدة. أحب مهنتي هذه ولذلك أعتبر كل “وجاق” قطعة فنية”.


فادي أخذ صنعة الوجاقات عن أبيه، وهو اليوم المسؤول عن العمل

أما ابن حسين فادي، فيعلق على هواية أبيه قائلاً:
“فتحت عيني على هذه الدنيا فرايت أبي يمارس هذه الهواية. كنت دائما أعجب به وبموهبته التي أعتبرها فريدة وتنم عن ذكاء وحرفية. كنت أجلس أمامه لساعات أراقبه وهو يصنع سيارة أو تراكتور أو أي شيء آخر.
بالرغم من انشغاله بصناعة “الوجاقات” إلا أنه كان دائماً يجد الوقت لممارسة هوايته المفضلة بتصنيع الأشياء من الأسلاك، فأينما ذهبت هنا في المحددة أصطدم بأعماله. إنه يكن حباً عميقاً لهذه الأشياء، وعندما يتعب في العمل يذهب إلى زاويته المفضلة، حيث أسلاكه وعدة العمل تلك، ويبدأ بصنع شيء جديد، أو يتابع ما كان قد بدأه في وقت سابق.
أنا أحترم هوايته جداً، وأحاول أن لا أعطل عليه، حتى عندما يكون لدينا عمل كثير يجب إنجازه، فإنني أحاول إنجاز هذا العمل لوحدي، وأتركه يعمل دون أن أعطل عليه خلوته مع أدواته المحببة إلى قلبه، وهي الـ “زرّادية” والـ “الشرطان”.

أنها هواية فريدة فعلاً، وفريد أيضاً إصرار حسين على ممارسة هذه الهواية رغم تقدمه في السن. ليس هذا فقط بل إنه يحاول نقل هذه الهواية والمهارات التي اكتسبها على مر السنين إلى ألأجيال القادمة. فخلال هذا الصيف بدأ حسين يعلم أطفال الحارة ما يعرفه. وأثناء زيارتنا له كان هناك عدد من الأطفال يحاولون تقليده في العمل.. فهل سينجحون في اكتساب ما يبدو أنه موهبة منذ الولادة عند ضيفنا؟ لننتظر ونرى…

+ -
.