اشتعلت مواجهات عنيفة في أحياء بنغازي (شرق ليبيا) أمس، بين شباب متحمسين لمناصرة اللواء المتقاعد في الجيش الليبي خليفة حفتر، ومقاتلين إسلاميين تابعين لـ «مجلس شورى الثوار» في المدينة، فيما تولت مدرعات تابعة لقوات حفتر محاصرة ثكنات المقاتلين الإسلاميين، وشنّ الطيران التابع له غارات جوية مكثفة على أماكن تجمعاتهم، وسط معلومات عن مشاركة جوية مصرية نفتها القاهرة.
وبدأت المواجهات بعد ساعات من خطاب ألقاه حفتر أعلن فيه إطلاق هجوم حاسم «لتحرير بنغازي»، اعتبره «المرحلة الاستراتيجية الأهم في معركة الجيش ضد الإرهاب لأنها تفتح الباب أمام تحرير كل ربوع الوطن». وأكد أنه سيعلن «انتهاء خدمتي العسكرية عقب تحرير المدينة» الذي وعد بتحقيقه خلال ساعات.
وأكد وزير الخارجية الليبي محمد الدايري في حديث إلى «الحياة» أمس أن «المسلحين الإسلاميين أقوى في غرب ليبيا وليس في شرقها»، وأبدى قناعته بأن سيطرتهم على طرابلس أخيراً دفعت المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى التخلي عن مبدأ «ترك الحبل على غاربه» بعد سقوط معمر القذافي. وقال إن زيارته فرنسا برفقة رئيس الأركان عبدالرازق الناظوري هدفها طلب الدعم للجيش الليبي.
وأبلغت «الحياة» مصادر غربية في العاصمة الفرنسية بأن وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والفرنسي لوران فابيوس أكدا عزمهما «مساعدة الشرعية في ليبيا المتمثلة بالحكومة ومجلس النواب»، مشيرة إلى أن كيري طلب من نظيريه التركي مولود جاويش أوغلو والقطري خالد العطية «المساعدة في ذلك باعتبار بلديهما لاعبين رئيسين في ليبيا، واتفق معهما على بذل كل جهد لإنجاح الحوار السياسي بين الأطراف الليبية».
وتحولت أحياء بنغازي إلى جبهات مشتعلة بعد دعوة حفتر شبانها إلى «انتفاضة مسلحة» ضد الإسلاميين أمس. وسجّلت مستشفيات المدينة سقوط 12 قتيلاً على الأقل وعشرات الجرحى من الشبان في مواجهات مع مسلحين إسلاميين، لكن تقديرات أولية تشير إلى عدد أكبر من القتلى سواء في صفوف الشبان أو المسلحين الإسلاميين وقوات حفتر.
وسجل مقتل ثلاثة جنود على الأقل في مواجهات دارت في منطقة الرحبة وسط بنغازي، فيما هاجم شبان مسلحون منزل قيادي في «أنصار الشريعة» في حي أبو هديمة، ما أسفر عن اشتباكات دموية بينهم وبين قاطني المنزل. وتعرضت ثكنة للجيش لهجوم انتحاري بسيارة مفخخة، أثناء تواجد مجموعة من الشبان داخلها لتسلم أسلحة للمشاركة في «الانتفاضة المسلحة». وتركزت المواجهات الأعنف في حيي بوهديمة والليثي في المدينة، وتسببت بأضرار بالغة في المنازل والسيارات.
وأيّدت الحكومة الموقتة برئاسة عبدالله الثني «انتفاضة بنغازي» في بيان أشارت فيه إلى أنها «تنظر بعين التقدير إلى كل عمل فردي أو جماعي يعبّر عن نبذه للإرهاب والتطرّف ويتصدّى له». وشدّدت في الوقت ذاته على «ضرورة الابتعاد عن أعمال الثأر والانتقام والنعرات القبلية أو الجهوية، وألا يتم التعدي على من سلم نفسه إلى السلطات طوعاً ومن دون مقاومة».
وأعلن الجيش النظامي الليبي دعمه العمليات العسكرية التي يقوم بها حفتر. وقال العقيد أحمد بوزيد المسماري الناطق باسم رئاسة الأركان إن الجيش «يتبنّى العمليات العسكرية التي يقودها اللواء الركن خليفة حفتر لمواجهة الميليشيات الإسلامية في مدينة بنغازي وغيرها من المدن».
ونفت الرئاسة المصرية في تصريح مقتضب للناطق باسمها علاء يوسف بثته وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية أمس، تقارير عن مشاركة طائرات حربية مصرية في قصف أهداف في ليبيا. وكانت وكالة «أسوشيتيدبرس» نقلت أمس عن مسؤولين مصريين إن طائرات حربية مصرية قصفت مواقع لإسلاميين في بنغازي في إطار العملية التي دعا إليها حفتر. وقال المسؤولان اللذان وصفتهما الوكالة بأنهما على احتكاك مباشر بالعملية، إن «المشاركة الجوية المصرية جزء من عملية ستتضمن لاحقاً مشاركة قوات برية ليبية دربتها مصر أخيراً». وأوضحا أن العملية تلبية لطلب من الحكومة الليبية.
ولفت المسؤولان إلى أن العملية التي توقعا استمرارها من ثلاثة إلى ستة شهور، تتضمن استخدام قطعة بحرية مصرية متمركزة في البحر المتوسط قبالة سواحل طبرق «مركزاً للقيادة». لكنهما أوضحا أن مصر لا تتعامل مع حفتر، بل تتعامل مباشرة مع رئيس الأركان الليبي.
وأكد النائب الليبي عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان طارق الجروشي مشاركة طائرات مصرية في العمليات، لكنه قال إنها بقيادة طيارين ليبيين. وأضاف أن الحكومة الليبية «استأجرت» الطائرات من مصر. كما أكد قائد ميليشيا إسلامية في بنغازي أن لدى مقاتليه صوراً للطائرات المصرية وقوات البحرية في مدن شرقية، مشيراً إلى أن الطائرات تقلع من مطار البيضاء في شرق ليبيا وتقصف مواقع الإسلاميين «ليلاً ونهاراً».