حملة تطهير مبرمجة في تركيا

طاولت حملة «التطهير» التي تشنّها السلطات التركية بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، آلافاً من العسكريين والبيروقراطيين، بالتزامن مع اتساع ردود فعل شاجبة قلق في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من عمليات مبرمجة للاعتقالات والعزل. (للمزيد)

وتضاربت المعلومات أمس في شأن دور القائد السابق لسلاح الجوّ التركي الجنرال المتقاعد أكن أوزترك في الانقلاب، إذ أفادت وكالة «الأناضول» الرسمية للأنباء بأن الأخير «أقرّ» أمام الادعاء بدوره في تدبير الانقلاب. لكن شبكتَي «خبر ترك» و»أن. تي. في» بثّتا أنه نفى تورطه بـ «التخطيط للمحاولة أو قيادتها».

وعلى رغم تحذير الغرب من عواقب حملة قمع، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم توقيف أكثر من 7500 شخص، بينهم 6 آلاف عسكري و755 قاضياً و100 شرطي. لكنه تعهد أن «تصفية الحسابات» مع الانقلابيين «عن كل قطرة دم أُريقت»، ستتم في «إطار القانون».

وعزلت السلطات حوالى 9 آلاف من موظفي وزارة الداخلية، وعشرات من البيروقراطيين البارزين، فيما ألغت الحكومة الإجازات السنوية لموظفيها الثلاثة الملايين.

ودهمت الشرطة مع مدعين عامين قاعدة «إنجيرليك» الجوية التي يستخدمها التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» في سورية والعراق، بعد اعتقال قائدها الجنرال بكير أرجان فان.

وبلغ مسلسل التصفية الجماعية التي تنفّذها الحكومة ضد مّن تتهمهم بالانتماء الى جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن، درجة منع جميع الموظفين البارزين في الدولة من حاملي الجوازات الخضراء والرمادية من السفر، لمنع «هروب الخونة»، كما قال يلدرم.

وفي إطار التشكيك في انتماء منفذي الانقلاب إلى جماعة غولن، يمكن إدراج توقيف الجنرال محمد دشلي، الشقيق الأكبر للنائب شعبان دشلي من حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، وكان مسؤولاً عن العلاقات الخارجية ومقرباً من الرئيس رجب طيب أردوغان. كما كان مدهشاً اعتقال العقيد علي يازجي، المساعد العسكري الخاص للرئيس، بتهمة المشاركة في الانقلاب، إذ إنه المُكلّف حماية أردوغان.

ويترّقب بعضهم ما سيخرج به اجتماع الشورى العسكري السنوي، والذي يُفترض أن يبدأ بعد نحو أسبوعين، من أجل ترتيب البيت الداخلي للجيش وإقرار الترقيات. وشكّلت مسألة قدرة الانقلابيين على التخفّي داخل المؤسسة العسكرية وتجنّبهم إظهار مشاعرهم وانتماءاتهم الحقيقية، سواء كانوا أتاتوركيين أو موالين لغولن، الموضوع الأكثر نقاشاً أخيراً في البلاد.

وأثارت حملة «التطهير» التي تشنّها أنقرة انتقادات حادة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إذ حذرا تركيا من عواقب «التمادي» في الأمر، كما نبّهاها إلى أن إعادتها تطبيق عقوبة الإعدام لمعاقبة منفذي محاولة الانقلاب، ستعرقل انضمامها إلى الاتحاد.

وحضت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أردوغان على «التزام مبادئ التكافؤ وسيادة القانون، في ردّ الحكومة التركية» على محاولة الانقلاب، مبدية قلقاً من موجة الاعتقالات والعزل. وحذرته في اتصال هاتفي، من أن إعادة تطبيق عقوبة الإعدام سيحرم أنقرة عضوية الاتحاد الأوروبي.

وكان لافتاً أن يوهانس هان، المفوّض المسؤول عن توسيع الاتحاد، اعتبر أن الحكومة التركية أعدّت «سلفاً لوائح» اعتقالات قبل الانقلاب.

في السياق ذاته، اعلن الحلف الأطلسي أن أمينه العام ينس ستولتنبرغ ذكّر أردوغان بـ «ضرورة» أن تحترم أنقرة «الديموقراطية ومؤسساتها، والنظام الدستوري، ودولة القانون، والحريات الأساسية، كونها عضواً في مجموعة تستند إلى القيم»، في إشارة إلى الحلف.

إلى ذلك، برز تضارب في تصريحات مسؤولين أتراك حول العلاقات مع الولايات المتحدة، بعد اتهامات لها في أنقرة بمساندة الانقلاب، إذ شدد محمد شيمشك، نائب رئيس الوزراء التركي، على أن بلاده لا تريد تعريض علاقاتها مع واشنطن لخطر. وكان يلدرم لمّح إلى أن رفض الولايات المتحدة تسليم غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير الانقلاب، «قد يثير شكوكاً في صداقتنا». أتى ذلك بعدما اعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن «على تركيا أن ترسل أدلة، لا ادعاءات» لدرس تسليمها الداعية.

+ -
.