تمسكت موسكو بتشكيل مجالس محلية مدعومة تركياً في مناطق تخضع للمعارضة السورية وفصائل إسلامية بعد التوصل لوقف إطلاق نار شامل يتوقع إعلانه في «حوار آستانة» عاصمة كازاخستان الشهر المقبل، على رغم رفض هذا المشروع من طهران ودمشق، اللتين تتمسكان أيضاً باستمرار حملة السيطرة على حزام دمشق في الغوطة الشرقية ووادي بردى وسط تحذيرات من تهجير جديد. وظهرت أمس في إدلب أول مواجهة بين «جبهة فتح الشام» (النصرة) وفصيل معارض مدعوم من تركيا ويقاتل ضمن فصائل «درع الفرات» في ريف حلب. وجددت أنقرة انتقادها واشنطن لعدم توفير غطاء جوي لمعركة طرد «داعش» من مدينة الباب.
وأعلن «لواء صقور الجبل» أن «جبهة فتح الشام» دهمت منازل عناصر تابعين له في إدلب واقتادتهم إلى جهة مجهولة، بعد عودة العناصر من معارك «درع الفرات» المدعومة من الجيش التركي لطرد «داعش» من شمال حلب، العملية التي رفضتها «فتح الشام» على رغم مشاركة فصائل حليفة لها ضمن «جيش الفتح» الذي يسيطر على إدلب، علماً أن «صقور جبل الزاوية» جزء من «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة وشارك قائد اللواء حسن حاج علي في مؤتمر «الهيئة» في لندن في أيلول (سبتمبر) الماضي. (للمزيد)
وجاء هذا التطور وسط وصول المفاوضات بين الجيش الروسي من جهة وفصائل اسلامية من جهة أخرى في أنقرة برعاية الاستخبارات التركية، مراحل متقدمة في تطوير الوثائق والخيارات والاحتمالات انطلاقاً من تجربة تسوية شرق حلب استعداداً لـ «حوار آستانة» بين الأطراف السورية الشهر المقبل. وقال رئيس قازاخستان نور سلطان نزارباييف خلال زيارة لسان بطرسبرغ، حيث اجتمع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن «كازاخستان مستعدة لاستضافة جميع الأطراف لإجراء محادثات في آستانة».
وقالت مصادر مطلعة لـ «الحياة» أمس، إن موسكو اقترحت على فصائل إسلامية ومعتدلة إقامة «مجال إنساني واقتصادي بصفة مشتركة يتضمن حرية الشحن ونقل البضائع» بين مناطق المعارضة ومناطق تابعة للقوات النظامية، إضافة إلى قيام مجالس محلية منتخبة من السكان، بحيث تتم اداراتها من ضامني الاتفاق، وهما روسيا وتركيا، على أن تدير هذه المجالس المناطق الخاضعة لسيطرتها مع تعهد موسكو بالحصول على وعود من دمشق بعدم ملاحقة المعارضين والناشطين.
وفكرة المجالس المحلية، تشبه إلى حد كبير ما جاء في مسوّدة الدستور الذي صاغه خبراء روس قبل شهور وتضمن اعتماد مبدأ اللامركزية عبر تشكيل مجلسين، أحدهما برلمان والثاني يمثل الإدارات المحلية. وقوبل هذا الاقتراح برفض دمشق. وقال وزير الإدارة المحلية في الحكومة السورية الموقتة التابعة للمعارضة محمد المذيب أمس، إن الوزارة «تعمل على تثبيت مؤسسات القضاء ونشر مراكز الشرطة المحلية في المناطق المحررة، إضافة إلى إخفاء مظاهر السلاح وسط المدنيين».
وأوضحت المصادر أن الفصائل طلبت من روسيا ضم حي الوعر في حمص وغوطة دمشق إلى وقف النار، لكن دمشق وطهران عارضتا ذلك. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، إن الطيران السوري شن غارات على المنطقة الواقعة بين مدينة حرستا وبلدة مديرا في غوطة دمشق الشرقية وعلى مدينة دوما شرق دمشق»، لافتاً إلى أن «الاشتباكات العنيفة مستمرة بين القوات النظامية والموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية من جهة أخرى، في محوري بسيمة وإفرة في وادي بردى». وحذرت هيئات مدنية وأهلية في وادي بردى في بيان أمس، من خطة لتهجير جديد في عشر قرى في وادي بردى تضم مئة ألف مدني، بعد تبادل أسرى وجرحى ومدنيين من بلدتي مضايا والزبداني في ريف دمشق والفوعة وكفريا في ريف إدلب، بموجب اتفاق بين «أحرار الشام الإسلامية» من جهة والقوات النظامية و «حزب الله» من جهة ثانية، بموجب اتفاق وقع في إسطنبول في ٢٤ أيلول العام الماضي.
الى ذلك، قال إبراهيم كالين الناطق باسم الرئيس رجب طيب أردوغان: «في شأن عملياتنا في الباب (…) من واجب التحالف الدولي تحمل مسؤولياته، خصوصاً من ناحية تأمين غطاء جوي». وأضاف خلال مؤتمر صحافي: «يمكن أحياناً للأحوال الجوية أن تتسبب بتأخير، لكن غياب الغطاء الجوي عندما لا يكون هناك سبب مبرر غيرُ مقبول». وأشار «المرصد» إلى أن التحالف الدولي بقيادة أميركا يقدم الدعم الجوي لـ «قوات سورية الديموقراطية» الكردية- العربية قرب الرقة، حيث وصلت هذه «القوات» إلى محيط قلعة جعبر الواقعة في نهر الفرات، فيما تقوم طائرات التحالف باستهداف منطقتي سويدية كبيرة وصغيرة اللتين تُعدان المدخل الشمالي لسد الفرات.