مهدت محادثات وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع الرئيس فلاديمير بوتين لوضع أرضية مشتركة في المؤتمر الوزاري لـ «المجموعة الدولية لدعم سورية» في نيويورك يعقبه غداً اقتراح مسودة قرار دولي يتضمن برنامجاً للحل السياسي ووقفاً شاملاً للنار في سورية، في وقت تبدأ الهيئة العليا لمؤتمر المعارضة السورية اليوم اجتماعها الأول في الرياض بحضور أعضائها الـ34 وثلثهم من الفصائل المقاتلة، لانتخاب وفد تفاوضي.
وأكدت موسكو أمس، ارتياحها لنتائج محادثات كيري وأعلنت أن الوزير سيرغي لافروف سيتوجه إلى نيويورك اليوم للمشاركة في الاجتماع الوزاري لـ «المجموعة الدولية لدعم سورية» بهدف دفع الحوار حول تطبيق مقررات اجتماعات فيينا وتحويلها إلى قرار ملزم في مجلس الأمن.
وشكّلت هذه نقطة الاتفاق الرئيسية بين الجانبين الروسي والأميركي على رغم استمرار الخلاف على ملفات عدة، بينها تحديد «لائحة الفصائل الإرهابية وتوسيع القاعدة السياسية للأطراف» التي اجتمعت أخيراً في الرياض لتضمن «أوسع تمثيل ممكن للمعارضة السورية»، وفق لافروف. وأعربت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عن أمل موسكو في أن ينجح اجتماع نيويورك في التوصل إلى اتفاق لطرح مشروع قرار في مجلس الأمن يؤكد المبادئ كافة الواردة في بياني فيينا الأول والثاني. وقالت إن الموعد المحدد والمرغوب فيه لإطلاق المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة هو الأول من كانون الثاني (يناير)، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن هذه القضية «معقّدة للغاية» ولا تتم تسويتها بالوتيرة المرغوبة.
وقالت مصادر إن تفاهماً بين الجانبين الأميركي والروسي تم إنجازه أول من أمس بربط مسار العملية السياسية بوقف النار في قرار دولي قد يصدر بعد الاجتماع الوزاري غداً، علماً أن روسيا كانت تطالب سابقاً بوقف النار قبل بدء المفاوضات واعتبار من يخالفه «إرهابياً»، فيما تتمسك دول إقليمية بتقدم العملية التفاوضية قبل وقف النار.
وقال ديبلوماسيون إن اعلاناً سيعقب الاجتماع الوزاري «يتم إقراره في قرار مجلس الأمن في جلسة تعقد بعد ظهر اليوم نفسه» برئاسة كيري، لافتا الى انه في حال صدوره «سيكون وثيقة شديدة الأهمية لأنه سيكون القرار السياسي الأول عن مجلس الأمن في شأن الأزمة السورية».
وقال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون إن التوصل الى وقف للنار «يجب أن يتم في أسرع وقت، مع توسيع نطاقه الجغرافي الى أقصى حد ممكن، في ضوء سيطرة داعش على مناطق واسعة».
وعلى رغم حديث الأمين العام عن أهمية «توسيع المساحة السياسية»، شدد على «التوصل أولاً الى وقف لإطلاق النار الذي سيساعد ليس فقط العملية السياسية بل العمل الإنساني أيضاً»، داعياً الى عدم تعليق نجاح العملية السياسية في سورية حول مصير الرئيس بشار الأسد، معتبراً أنه «ليس مقبولاً أن يعتمد حل الأزمة بكامله على مصير رجل واحد، وسأترك مناقشة هذا الأمر للأطراف المعنيين بالتوازي مع جهود التوصل الى مساحة سياسية». واضاف أن بعض الدول تدعو الى أن «يكون للأسد وقت ليبقى لأشهر محدودة ولكن هذا سيحدد لاحقاً».
وقالت السفيرة الأميركية سامنثا باور نأمل أن «تبني اجتماعات نيويورك على الزخم الديبولماسي وأن يؤدي الى فتح الطريق امام الانتقال السياسي» في سورية.
وحصلت «الحياة» على مسودة ورقة حول أسس وآليات «وقف النار على المستوى الوطني» في سورية أعدتها الأمم المتحدة لكي يقدمها المبعوث الخاص ستيفان دي مستورا الى الاجتماع الوزاري غداً، على أن لا يتضمن أي اتفاق وقف الأعمال العسكرية «ضد تنظيمي القاعدة وداعش» والتنظيمات الإرهابية المرتبطة بهما. وتقترح الورقة ثلاث نماذج لوقف النار تتدرج من «النموذج المخصص» أي إعلان وقف النار دون الحاجة الى موافقة كل الأطراف الرافضين لوقف النار، و»النموذج الشامل» أي أن يشمل الاتفاق كل الأطراف، و»النموذج المحدود» أي خفض العنف من خلال حظر استخدام «أنواع محددة من الأسلحة».
في غضون ذلك، يعزز مجلس الأمن آليات محاربة «داعش» من خلال قرار صارم يُنتظر أن يصدر بالإجماع تحت الرقم ٢٢٥٣ يهدف الى خنق الموارد المالية للتنظيم ويضع الدول كافة تحت مجهر لجنة عقوبات خاصة، لمنع نفاذ «داعش» إلى النظام المالي العالمي وتجارة النفط.
الى ذلك، تعقد الهيئة العليا للمعارضة السورية أول اجتماعاتها في الرياض اليوم وغداً بحضور ممثلي ١١ فصيلاً مقاتلاً، بعدما تسلم أعضاؤها الـ٣٤ نسخة منقحة للبيان الختامي لمؤتمر الرياض، تضمنت تعديلات جوهرية ولغوية بينها رفض «أي ترتيبات مقبلة» للرئيس بشار الأسد واعتماد عبارة «أركان النظام ورموزه» بدلاً من «زمرته»، إضافة إلى عبارة تفصيلية عن «هيئة الحكم الانتقالي بصلاحيات كاملة». وستنتخب الهيئة رئيساً لها، وراوحت التوقعات بين رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب والرئيس السابق لـ «الائتلاف» أحمد جربا.