ذراع «الدب» الروسي طويلة ومعدته … خاوية

هل تغدو روسيا نمراً ضخماً ذا أنياب قاطعة لكنه… جائع؟

في الواجهة، مشهد القاذفات الاستراتيجية وهي تعبر الأجواء الدولية، والأسطول الحربي يمخر بحار العالم، يذكّر بأن ذراع روسيا العسكرية طويلة جداً، وقادرة على الوصول إلى أي بقعة، كما ان أصابعها الديبلوماسية طويلة ايضاً بما يكفي لتتدخّل في كل أزمة اقليمية، وتربك حسابات الجيران الأقربين او «الأصدقاء- الأعداء» من وراء المحيط. في المقلب الآخر، تقارير رسمية روسية تقرع ناقوس الخطر لتذكّر بأن كل تاسع روسي يعيش الآن تحت مستوى خط الفقر والجوع والمرض، وأن نحو 60 في المئة من الروس يدخلون ضمن تصنيف «الفقراء»، والنسبة مرشحة للإرتفاع بسبب التضخم والغلاء الفاحش، وحال الشلل التي تصيب مؤسسات الخدمات بسبب تقليص النفقات.

لوحة قاتمة رسمتها نائبة رئيس الوزراء الروسي أولغا غولوديتس، في تقرير يثير صدمة، قدّمته الى الكرملين قبل يومين. وشكّل تقرير السيدة المسؤولة في الحكومة عن ملف رفاهية الأسرة والطفل، أول اعتراف رسمي بمستوى التردّي الذي وصلت إليه الأوضاع المعيشية للمواطن الروسي.

وأطل الوضع الخطر برأسه، كما في تصريحات نائب وزير الخارجية اليكسي ميشكوف الذي طالب الاتحاد الأوروبي أمس بمراجعة سياسة العقوبات المفروضة على روسيا بسبب أزمة أوكرانيا ودورها فيها. وقال ان موسكو في المقابل، ستتخذ خطوات لرفع تدابيرها المفروضة على بلدان الاتحاد. وجاء كلامه بعد الضربة القوية الجديدة التي تلقاها الروبل، بسبب استمرار انخفاض أسعار النفط بعد قرار منظمة «أوبك» الحفاظ على معدلات الانتاج الحالية.

«طار» سعر صرف العملات ليلة اتخاذ قرار «اوبك» ليصل الى 50 روبلاً للدولار، محققاً تدهوراً يُعتبر سابقة بعدما كان الدولار يساوي 30 روبلاً قبل شهور قليلة. و»حلّقت» الأسعار مع العملة الروسية تاركة المواطن يواجه واقعاً جديداً.

قالت غولوديتس في الكرملين، خلال اجتماع المجلس التنسيقي المكلف متابعة سياسات الأسرة والطفل، ان تعداد الفئات التي تصنَّف تحت خط الفقر باتت تضم 16 مليون روسي، والرقم مرشح للصعود الكبير في المرحلة القريبة المقبلة، بسبب ارتفاع الأسعار وتقلّص الموازنات المخصصة للخدمات الاجتماعية.

لكن هذا الرقم يتحدث عن الفئات الأقل حظاً، ولا يشمل جميع الفقراء من الفئات التي تقف عند حدود خط تصنيف وضعه معهد الدراسات الاجتماعية التابع لأكاديمية العلوم الروسية. ويُظهِر تقرير المعهد ان الفئات التي «لا تحصل على تغذية معتدلة وخدمات صحية، وتعيش في ظروف سكنية متردية» تزيد بين المتقاعدين على 15 في المئة، بينما تصل بين الفئات الأخرى إلى 60 في المئة من الروس. بعبارة أخرى، هذه النسبة هي المرشحة لتنضم الى لائحة «ما دون خط الفقر».

وعلى رغم ان مؤشرات الرفاهية ارتفعت في السنين العشر الأخيرة، لكنها تعرضت في العامين الأخيرين إلى هزات قاسية، جعلتها تتقلص بنسبة 17 في المئة، وفق تقرير لمؤسسة «غلوبال ويلت» .

وكان العام 2014 الأكثر صعوبة على الفئات الفقيرة، إذ أسفر عن انضمام 300 ألف روسي إلى لوائح «المعدمين».

وتخشى غولوديتس ان تتسارع وتيرة تفشي الفقر والجوع في المجتمع، بسبب الظروف الحالية، خصوصاً ان الحكومة تتجه إلى وقف العمل ببرامج اجتماعية وبرامج خدمات، بسبب اضطرارها لتقليص الموازنة التي تعتمد أصلاً بنسبة 73 في المئة على صادرات النفط والغاز، وبنيت على سعرٍ لبرميل النفط لا يقل عن 96 دولاراً، ولكن بات عليها ان تتكيف مع واقع جديد أفقدها نحو ثلث العائدات.

+ -
.