كثيرون من الجولانيين لا يعرفون أنه موجود في الجولان، وبالرغم من وجوده على بعد بضعة كيلومترات منهم فإن القليلين، القليلين، منهم قد زاروه.. إنه موقع «رجم الهري» الأثري الغامض، الذي لا يزال علماء الآثار يجهلون سره وسبب بنائه.
يقع موقع «رجم الهري» الأثري جنوبي الجولان، قرب قرية الأربعين المدمرة، جنوبي مستوطنة «يوناتان»، ويزوره الآلاف من السياح سنوياً، من إسرائيليين وأجانب. ولا يمكن رؤية المعلم الأثري بصورة تامة إلا من الجو، وعلى ارتفاع لا يقل عن 300 متر.
هو بناء «ميغاليتي» يعود تاريخه إلى حوالي خمسة آلاف عام، يتكون من خمس حلقات حجرية في وسطها حلقة حجرية يبلغ قطرها 156 متراً، وهي الحلقة الأكبر والأضخم. عرض الجدران نحو ثلاثة أمتار وارتفاعها ما بين المترين والثلاثة أمتار. ويبلغ وزن الحجارة التي استخدمت في بنائه قرابة 50 ألف طن.
لا يزال الهدف من بنائه يشكل لغزا للعلماء، وهناك ثلاث نظريات حول ذلك. الأولى تقول أنه بني بهدف ممارسة الشعائر الدينية. الثانية تقول أنه عبارة عن تقويم فلكي لرصد أطول أيام السنة (21 حزيران). أما النظرية الثالثة فتقول أنه مدفن.
موقع رجم الهري موقع فلكي
(ويكيبيديا)
موقع رجم الهري موقع فلكي وضعه العلماء إلى جانب ستونهينغ وحضارات المايا والأزتك وأهرامات مصر.
يستدعي موقع “رجم الهري” في الجولان السوري المحتل المزيد من الأسئلة حول علم الفلك القديم، وعلاقته بالصروح البشرية الكبرى، التي ما تزال طرق بنائها وتوضعها على الأرض تثير المزيد من الأسئلة.
وفي هذا السياق درس البروفيسور أنتوني أفيني من جامعة كولغيت الأمريكية موقع رجم الهري، وعده أحد أهم المواقع في العالم لدراسة طريقة فهم أسلافنا لعلم الفلك في عصور ما قبل التاريخ الشائع.
وقد خصص البروفيسور أفيني في كتابه (People and the Sky: Our Ancestors and the Cosmos) الناس والسماء أو أسلافنا والكون، الصادر عام 2008 فصلاً لدراسة رجم الهري على قدم المساواة مع موقع ستون هينغ (Stonehenge)البريطاني الشهير، وحضارات المايا والأزتك القديمة، والأهرامات المصرية.
ويعد البروفيسور أفيني واحداً من مؤسسي هذا العلم وأحد أكبر الخبراء الذين درسوا حضارات المايا الأزتك في أواسط أمريكا، وقد كرس سنوات لدراسة موقع رجم الهري وتوصل إلى نتائج مفاجئة حول علاقة هذا الصرح العملاق بالنجوم.
ويسمى هذا العلم الذي يتناول هذه المواقع ومظاهرها الفلكية (archaeoastronomy) وهو علم حديث نسبياً يدرس علاقة الإنسان بالسماء والنجوم في الحضارات القديمة، حيث تبين أن الكثير من الصروح الغامضة غير الموقعة بنقوش أو كتابات في العالم القديم، تتضمن معطيات فلكية حسابية دقيقة تتعلق بالنجوم والكواكب.
ألغاز رجم الهري
وصف علماء الآثار موقع رجم الهري بأنه موقع فريد من العصر البرونزي أي أنه يعود إلى حوالي 3250 قبل الميلاد، ويقع في مركز الجولان الأدنى على بعد 16 كيلو متراً (10 أميال) إلى الشرق من الشاطئ الشمالي لبحيرة طبرية في أعلى وادي الدالية ويرتفع عن سطح البحر 515 متراً. يتألف النصب من أكمة مركزية (أو رجم) تحيط به خمسة جدران متحدة المركز، يبلغ قطر الجدار الخارجي حوالي 155 متراً وارتفاعه تقريباً مترين، والمساحتان المشغولتان والأكثر ظهوراً في الموقع أرجعهما الآثاريون إلى العصر البرونزي الأول والمتأخر.
وقد وصف الموقع وصفاً متنوعاً، كمركز احتفالي، وكسياج دفاعي، وكمخزن أساسي كبير، وكمكان للدفن، وأخيراً كمركز للرصد الفلكي، وأداة تقويم. حيث أحضر بناؤو رجم الهري نحو 42000 طناً من الحجارة البازلتية إلى الموقع، فصنعوا بناءً من أروع النصب الحجرية في منطقة شرق المتوسط.
لقد بينت الدراسة الفلكية للموقع التي قام بها البروفيسور افيني ان الإحداثيات المتعلقة بتخطيطات الموقع تعود إلى حوالي عام 3500 قبل الميلاد، حيث تراوح الخطأ المحتمل في هذه القياسات بين ± 1 درجة. وباستخدام هذه الطريقة المنهجية، تم العمل على اختبار مدى انسجام التخطيطات التالية وتوافقها الممكن مع الظواهر السماوية:
التخطيطات بين المركز الهندسي للمجمع والبوابة الشمالية الشرقية (علامة محتملة للانقلاب الصيفي في حزيران). بينما تعتبر التخطيطات بين المركز الهندسي للمجمع والبوابة الجنوبية الشرقية علامة محتملة للانقلاب الشتوي في كانون الأول.
صخرتين كبيرتين للغاية من الجلمود في القسم الشرقي للمجمع (علامة محتملة للاعتدالين الربيعي والخريفي، ويُطلق عليهما اسم “أحجار الاعتدال “). والجدران نصف القطرية.
مستويات غير عادية من الطاقة
ومن الأشياء اللافتة في موقع رجم الهري وجود مستويات مرتفعة جداً من الطاقة، فقد قام باحث متخصص بقياس الطاقة الحيوية، في الموقع وتوصل إلى نتائج لافتة للنظر، إذ لاحظ أن بعض أنواع النباتات الزهرية تنمو في الموقع بشكل يفوق طولها العادي بعدة أضعاف، وهذا قاده إلى قياس مستويات الطاقة المعتمدة عالمياً على مقياس بوفيز في هذا الموقع وفعلاً جاءت النتائج أكثر من المتوقع.