رعب في أوروبا

عاشت بلجيكا «يوماً أسود» أمس، على وقع تفجيرات استهدف اثنان منها مطار «زفنتم» الدولي ومحطة مترو «مالبيك» المجاورة لمؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسيل. وأكدت السلطات البلجيكية أن عدد الضحايا تجاوز 34 قتيلاً و198 جريحاً في الاعتداءات التي تبناها «داعش» مهدداً بهجمات اضافية. ودانت السعودية والأمانة العامة لهيئة كبار العلماء ودول الخليج وعدد كبير من دول العالم الاعتداءات.

وفي وقت رفضت السلطات البلجيكية التكهن مبكراً بدوافع التفجيرات وملابساتها، ربط رئيس الوزراء الفرنسي مانوييل فالس بين هجمات أمس وبين اعتقال صلاح عبد السلام الموقوف الوحيد في اعتداءات باريس في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، فيما أصدرت السلطات البلجيكية مذكرة توقيف بحق شريك لعبد السلام يدعى نجم العشراوي يُعتقد أنه خبير متفجرات حملت هجمات أمس واعتداءات باريس قبلها بصماته. والعشراوي من مواليد 1991، ويُعتقد أنه سافر إلى سورية في شباط (فبراير) 2013.

وأعلنت السلطات البلجيكية رصد 3 مشبوهين على كاميرات المراقبة في المطار، في حين لم تعثر الأجهزة الأمنية سوى على جثة واحدة لأحد المنفذين في المطار. وأحدثت الاعتداءات حالة رعب في أنحاء أوروبا حيث استنفرت الأجهزة لحماية المنشآت والأماكن الحيوية في فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا ودول أخرى، وجرى تشديد الإجراءات الأمنية إلى أقصى حد حتى في الولايات المتحدة.

وورد في بيان نشرته مؤسسة «أعماق» التابعة للتنظيم المتطرف، أن مسلحيه «نفذوا سلسلة تفجيرات بأحزمة وعبوات ناسفة استهدفت مطاراً ومحطة قطار رئيسية وسط مدينة بروكسيل عاصمة بلجيكا المشاركة في التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية»، متوعدةً أوروبا بـ «أيام سود» رداً على العدوان عليها، في حين أشاد أنصار «داعش» على وسائل التواصل الاجتماعي بالهجمات، وكتب أحدهم على «تويتر» إن «الدولة بإذن الله ستجبركم على أن تعيدوا حساباتكم ألف مرة قبل أن تتجرأوا على قتل المسلمين ثانية، واعلموا أنه أصبح للمسلمين دولة تدافع عنهم وتثأر».

وأوضح ناطق باسم هيئة الإطفاء في بروكسيل، أن «14 قتيلاً» سقطوا في انفجارَي المطار، إضافة إلى «حوالى 21 آخرين» (إضافة إلى 55 جريحاً) في محطة مترو مالبيك في حي المؤسسات الأوروبية في العاصمة، ما أعاد إلى الأذهان اعتداءات باريس التي استهدفت مواقع عدة في العاصمة الفرنسية. وحمل ذلك على التكهن بوجود روابط بين المنفذين، خصوصاً أن سلسلة الاعتداءات تمت بأسلوب واحد، وفق مصادر المحققين في بروكسيل وباريس. وعزز التكهنات بترابط الاعتداءات، نجاح عبد السلام في التواري عن الأنظار والإفلات من الشرطة البلجيكية التي تعقبته لمدة ٤ أشهر قبل اعتقاله الجمعة الماضي، ما يعني أنه استفاد من متواطئين سهلوا عملية اختفائه.

ونقلت وسائل إعلام عن المدعي العام الاتحادي في بلجيكا، قوله إن تفجيري المطار نفذهما انتحاري، فيما عثرت الشرطة على حزام ناسف لم ينفجر في المكان، وبندقية كلاشنيكوف بجوار جثة أحد مهاجمي المطار.

وأعلن رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل، رفع حالة التأهب الأمني إلى الدرجة الرابعة، وقال في مؤتمر صحافي مع المدعي العام الفيديرالي: «نواجه تحدياً صعباً وعلينا الوحدة. كنا نخشى الهجمات الإرهابية وتحققت مخاوفنا». وأضاف ميشيل أن «هجمات بروكسيل هي فترة مظلمة بالنسبة إلى بلادنا، أدعو الجميع إلى الالتزام بالهدوء، والتضامن».

ونقلت وكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية عن مصدر أمني بلجيكي بارز، أن 3 من المشبوهين في التفجيرات يحملون الجنسية البلجيكية وأصولهم من بيلاروسيا. وأوضح أن «2 منهم هما إيفان وأليكسي دوفباش، من مواليد مقاطعة غوميل في بيلاروسيا، والثالث يُدعى مارات يونوسف من مواليد داغستان في روسيا وحصل منذ سنوات على الجنسية البيلاروسية».

وكشف حاكم مقاطعة برابان الفلامنكية لودفيك دو فيتي، أن منفذي الاعتداءات أدخلوا «3 قنابل» إلى المطار لكن إحداها «لم تنفجر». وفجّر فريق خبراء المتفجرات غرضاً مشبوهاً في قاعة المغادرة حيث قُتل 14 شخصاً في انفجارين.

وقوبلت الاعتداءات بموجة استنكارات، ودعا الرئيس باراك أوباما الموجود في كوبا، إلى التضامن مع بلجيكا. وقال: «يجب أن نتكاتف في المعركة ضد الإرهاب من دون النظر إلى جنسية أو عرق أو عقيدة. نحن قادرون على هزيمة مَن يهددون سلامة الناس وأمنهم في مختلف أنحاء العالم».

واعتبر قادة دول الاتحاد الأوروبي في بيان مشترك، أن تفجيرات بروكسيل هي «هجوم على مجتمعنا الديموقراطي المنفتح». وأضاف البيان أن «الهجوم الأخير ليس من شأنه سوى تقوية تصميمنا من أجل الدفاع عن القيم الأوروبية والتسامح في وجه هجمات أعداء التسامح. سنكون موحدين وحازمين في الحرب ضد الكراهية والتطرف العنيف والإرهاب».

+ -
.