قررت روسيا إرسال 37 طائرة حربية إضافية إلى سورية وبدأت تستخدم أفضل ما في ترسانتها العسكرية عبر إطلاق صواريخ بعيدة المدى من البحر المتوسط على الرقة عاصمة «داعش» بعدما تأكدت أن التنظيم وراء «الاعتداء الإرهابي» الذي تسبب بسقوط الطائرة الروسية في سيناء، بالتزامن مع شن مقاتلات فرنسية غارات على المدينة، في وقت أعلنت موسكو الاتفاق مع باريس على التعاون الاستخباراتي ضد التنظيم في سورية. وأعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري في العاصمة الفرنسية أن عملية برية أميركية- تركية ستبدأ لإغلاق الحدود السورية- التركية في وجه «داعش»، إضافة إلى احتمال بدء مفاوضات الحل الانتقالي «خلال أسابيع».
وأعلن الكرملين أن الرئيسين فلاديمير بوتين والفرنسي فرنسوا هولاند اتفقا في اتصال هاتفي على زيادة التنسيق العسكري والاستخباراتي حول سورية بعد اعتداءات باريس وتفجير طائرة الركاب الروسية، إضافة إلى «الاتفاق على إجراء اتصالات وتنسيق أقوى بين الأجهزة العسكرية والأمنية في البلدين في ما يتعلق بالعمليات ضد التنظيمات الإرهابية».
وكان قادة الجيش أبلغوا بوتين خلال زيارته مقر القيادة في وزارة الدفاع في موسكو، أن القوات الجوية نفذت نحو 2300 طلعة جوية في سورية خلال الأيام الثمانية والأربعين الماضية وأنها سترسل 37 طائرة أخرى لتعزيز قوتها الجوية المؤلفة من 50 طائرة مقاتلة ومروحية رداً على تأكيد «العمل الإرهابي» في سقوط الطائرة الروسية في سيناء. وأمر بوتين، الذي يلتقي هولاند في موسكو في 26 الجاري، البحرية الروسية بمد قنوات اتصال مع البحرية الفرنسية وحاملة طائرات فرنسية في المنطقة ومعاملتها كحلفاء. وقال: «نحتاج لصياغة خطة معهم لتحركات بحرية وجوية مشتركة».
وقال مسؤول دفاعي أميركي إن الهجمات على الرقة اشتملت على ضربات بصواريخ أطلقت من البحر وشاركت فيها قاذفات طويلة المدى. لكن المسؤول الأميركي قال إن خصمي الحرب الباردة السابقين لا ينسقان عسكرياً في ما بينهما حتى الآن. وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن قاذفات استراتيجية روسية ضربت الثلثاء أهدافاً لتنظيم «داعش» في الرقة ودير الزور، وأن الجيش الروسي أطلق صواريخ عابرة على محافظتي حلب وإدلب.
من جهته، أعلن مسؤول عسكري فرنسي أن بلاده كثفت الغارات الجوية ضد مناطق «داعش» في سورية والعراق، بعد «أسابيع من التحضير» سبقت تبني التنظيم الاعتداءات الدامية في باريس الأسبوع الماضي. وقال الأميرال أنطوان بوسان: «داعش هو عدونا، داعش هو عدو محدد بشكل واضح». وأبدى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون، بعد أيام على اعتداءات باريس، تصميمه على إقناع النواب البريطانيين بجدوى توسيع نطاق الضربات البريطانية ضد تنظيم «داعش» إلى سورية.
في باريس، قال كيري إن بلاده ستبدأ عملية مع تركيا لاستكمال تأمين حدود شمال سورية وهي منطقة استغلها «داعش» كطريق مربحة للتهريب. وقال كيري لشبكة «سي. إن. إن» إن «الحدود الكاملة لشمال سورية أغلق 75 في المئة منها الآن ونحن مقبلون على عملية مع الأتراك لإغلاق 98 كيلومتراً متبقية». وأضاف: «نحن على مسافة أسابيع نظرياً، من احتمال انتقال سياسي كبير في سورية، وسنواصل الضغط في هذه العملية. لا نتحدث عن شهور وإنما أسابيع، كما نأمل»، مضيفاً: «كل ما نحتاج إليه هو بداية عملية سياسية والتوصل إلى وقف لإطلاق النار».
ميدانياً، أفادت مصادر مطلعة بوجود مفاوضات بين موسكو و «جيش الإسلام» بقيادة زهران علوش للتوصل إلى هدنة في الغوطة الشرقية لدمشق لمدة أسبوع، تتضمن إدخال مساعدات إنسانية ووقف القصف.
إلى ذلك، قال رئيس مجلس النواب الأميركي بول ريان إن أعضاء جمهوريين في المجلس يدعون لوقف موقت في برنامج استقبال اللاجئين السوريين في ضوء الهجمات الأخيرة في باريس. وأضاف: «هذه لحظة الأمان فيها أفضل من الأسف، لذا أعتقد أن الأمر الأكثر حرصاً وعقلانية هو الإيقاف الموقت لهذا الجانب من برنامج اللاجئين من أجل التحقق من عدم تسلل إرهابيين بين اللاجئين».
وتحولت قضية اللاجئين السوريين الى «مبارزة أمنية» بين المرشحين الجمهوريين للرئاسة في الولايات المتحدة الذين هوّلوا بـ «شبح الأخطار الأمنية». وأيد 20 حاكم ولاية بعثوا رسائل في هذا الشأن الى الرئيس باراك أوباما، ملوّحين باستخدام صلاحياتهم الفيديرالية لمنعه من تنفيذ تعهده استقبال 10 آلاف.
وكان التنظيم هدّد بضرب واشنطن، ما زاد خلال ساعات عدد الولايات الرافضة لاستقبال لاجئين من اثنين الأحد الماضي الى 27 ولاية.
وفي نيويورك، تنطلق صباح اليوم مشاورات مكثفة بين فريق المبعوث الخاص الى سورية ستيفان دي مستورا، ودائرتي الشؤون السياسية وشؤون عمليات حفظ السلام، لتحديد «أسس تشكيل بعثة أممية لمراقبة وقف إطلاق النار في سورية» بإشراف مباشر من مكتب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
وبدأت تتكشف «التعقيدات» التي ستواجه تشكيل بعثة مراقبة وقف إطلاق النار، التي حددها مسؤول دولي بأنها «ذات بعد لوجستي ميداني، وآخر سياسي»، بسبب «صعوبة التمييز بين من هو إرهابي، ومن هو معارض معتدل، والمناطق التي ينتشر فيها» كل من هذه المجموعات المناوئة للحكومة السورية. ووصف المسؤول الدولي هذا المسار بأنه «حقل ألغام سياسي، خصوصاً أن تداخل المجموعات المعارضة سياسياً وميدانياً مع مجموعات مرتبطة بتلك المتفق على تصنيفها إرهابية، يعقد التحضيرات المتعلقة بالنطاق الجغرافي الذي يفترض ببعثة مراقبة وقف إطلاق النار أن تعمل فيه».
ويقدم دي مستورا خلال الساعات المقبلة إحاطة غير رسمية الى مجلس الأمن، وإحاطة أخرى الى الجمعية العامة للأمم المتحدة صباح الجمعة.