أكدت دمشق أمس أن قواتها المسلحة حصلت على طائرات حربية وطائرات استطلاع بلا طيار من روسيا، وأنها بدأت في استخدامها ضد «أرتال» لتنظيم «داعش» في مدينتي دير الزور (شرق) والرقة (شمال)، في حين تحدثت مصادر حقوقية عن مقتل عشرات من مقاتلي التنظيم في غارات شنها طيران النظام في محافظة حمص (وسط). وجاء الإعلان السوري بعدما كشف مسؤولون أميركيون عن أن روسيا أرسلت تعزيزات جديدة إلى اللاذقية حيث تنتشر حالياً عشرات المقاتلات والقاذفات والمروحيات وطائرات الاستطلاع بلا طيار والعربات المدرعة وقرابة 500 من مشاة البحرية الروس.
وفي مؤشر إلى انخراط روسي أكبر في النزاع السوري، كشفت صور أقمار اصطناعية عن أن القوات الروسية تطوّر قاعدتين عسكريتين جديدتين قرب الساحل السوري، وفق ما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال». لكن وزير الخارجية الأميركي جون كيري قال مساء أمس إن التقويم الحالي للإدارة الأميركية يعتبر عدد الطائرات الروسية في سورية متوافقاً مع كونها «قوة حماية»، أي أنها ليس قوة هجومية.
وبالتزامن مع ذلك، تحركت روسيا أيضاً على خط مساعي الحل السياسي للأزمة، والتقى الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف وفداً من ممثلي «المعارضة السورية الداخلية» في موسكو وشدد على ضرورة العودة إلى المفاوضات بين النظام ومجموعات المعارضة على «أساس بيان جنيف» للعام 2012 (الذي ينص على قيام هيئة حكم انتقالية باتفاق الطرفين). وفيما شددت الخارجية الروسية في بيان، على ضرورة توحّد السوريين حول «النضال بلا هوادة ضد الإرهاب الدولي»، لاحظ نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف في مؤتمر صحافي أن الموقف الأميركي في خصوص سورية طرأ عليه بعض «التغييرات التكتيكية»، في إشارة يبدو أنها مرتبطة بمرونة في خصوص موعد رحيل الرئيس بشار الأسد عن الحكم.
وفي إطار مرتبط، اجتمع موفد الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا ليومين مع رؤساء أربع مجموعات عمل محددة المهمات شكلتها المنظمة الدولية تمهيداً لاستئناف المفاوضات المتعلقة بالأزمة السورية (أو ما يُعرف بـ «جنيف 3»). ونقلت «فرانس برس» عن جيسي شاهين المتحدثة باسم دي ميستورا قولها في بيان إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وافق على أسماء الأشخاص المكلفين ترؤس هذه المجموعات.
وينتظر أن يطلق دي ميستورا اجتماعات لجان العمل للبحث في الأزمة بعد انتهاء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في النصف الثاني من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، وفق مسؤول في الأمم المتحدة وتوقعات عدد من الديبلوماسيين. واستبق دي ميستورا وصوله إلى نيويورك بإعلان تعيين رؤساء لجان العمل التي كان اقترح تشكيلها من الأطراف السوريين أنفسهم، لكن البحث لا يزال جارياً لتحديد ممثلي الحكومة السورية في هذه اللجان من جهة، وممثلي المعارضة فيها، وهو ما تناولته زيارة دي ميستورا إلى دمشق الأسبوع الماضي واللقاء مع رئيس الائتلاف السوري المعارض خالد خوجة السبت في إسطنبول.
ومن المقرر أن تعقد الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن اجتماعاً على مستوى وزراء الخارجية في 29 الجاري في نيويورك بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ودي ميستورا.
ويسعى الائتلاف الوطني السوري المعارض الى تأكيد تمثيله المركزي للمعارضة في هذه اللجان، ومن جهة أخرى الى إعادة طرح الأزمة السورية بعنوانها السياسي خلال أعمال الجمعية العامة في مواجهة خطر اختصارها بمحاربة الإرهاب. وقال مسؤول في الائتلاف إن «اختصار الأزمة السورية بمحاربة الإرهاب أغفل العمل على الحل السياسي إضافة الى تفاقم الأزمة الإنسانية، وخصوصاً ما يتعلق منها باللاجئين وهو ما يتطلب إقامة مناطق آمنة داخل سورية». وشدد على أن «التدخل الروسي سيكون له أثر عكسي في مسألة محاربة الإرهاب لأنه سيؤدي الى تعزيز استقطاب تنظيم داعش للإرهابيين»، على رغم أنه «يعكس في الوقت نفسه تخوفاً روسياً من انهيار نظام الأسد». وأشار الى أن التنسيق جار مع فرنسا في مجلس الأمن وهي التي أعدت مشروع قرار يحظر استخدام البراميل المتفجرة. ويصل وفد الائتلاف الى نيويورك السبت برئاسة خالد خوجة.
وفي واشنطن (أ ف ب)، دعا رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) السابق ديفيد بترايوس في كلمة أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، الولايات المتحدة إلى فرض مناطق حظر جوي لمنع طائرات النظام من إلقاء البراميل المتفجرة. ورأى أن التحالف ضد تنظيم «داعش» لم يحقق تقدما «كافياً»، مؤكداً أن الحرب في سورية هي «تشرنوبيل جيوسياسي». وأضاف أن «تداعيات انهيار سورية قد تبقى ماثلة لفترة طويلة (…) وكلما سمحنا (لتلك الحرب) بأن تستمر لفترة أطول، كان الضرر أكثر فداحة». وأعرب عن تأييده إقامة جيوب آمنة في سوريا لحماية السكان المدنيين.
وفي لندن أعلنت وزارة الداخلية البريطانية وصول الدفعة الأولى من اللاجئين السوريين الـ 20 ألفاً الذين وعدت الحكومة باستضافتهم خلال السنوات الخمس المقبلة. لكنه لم توضح عددهم ولا المكان الذي سيتم توطينهم فيه.
وأعلنت جماعة «الجبهة الشامية» أنها حررت رهينة بريطانية مع أطفالها الخمسة بعدما كانت انتقلت إلى منطقة سيطرة «داعش» في شمال سورية بهدف إقناع زوجها بالعودة معها، لكنها فشلت في مسعاها.