روسيا تعلن طيّ أزمة الروبل

أعلنت روسيا أمس انتهاء أزمة عملتها الروبل، لكنها حذرت من أنها تتوقع أن يتجاوز التضخم 10 في المئة، ما يفاقم المشاكل التي تواجه حكومة الرئيس فلاديمير بوتين التي تكافح أسوأ أزمة اقتصادية منذ عام 1998. وهوى الروبل إلى أدنى مستوياته على الإطلاق الأسبوع الماضي بفعل التراجع الحاد لأسعار النفط الخام، العمود الفقري لاقتصاد روسيا، وبسبب العقوبات الغربية المفروضة على موسكو بسبب الأزمة الأوكرانية، والتي جعلت من شبه المستحيل على الشركات الروسية الاقتراض من الأسواق الغربية.

ولكن العملة تعافت بقوة منذ ذلك الحين، بعدما اتخذت السلطات خطوات لوقف انهيارها ولخفض التضخم الذي يهدد سمعة بوتين كضامن للرخاء في البلاد بعد سنوات من الاستقرار. وشملت الإجراءات رفع أسعار الفائدة إلى 17 من 10.5 في المئة، وقيوداً على صادرات الحبوب فضلاً عن قيود غير رسمية على رأس المال. وقال وزير المال أنطون سيلوانوف لمجلس الاتحاد في البرلمان الروسي أمس: «رفعنا سعر الفائدة الرئيس من أجل استقرار الأوضاع في سوق العملة (…) ونرى أن هذه الفترة انتهت بالفعل»، مشيراً إلى «خفض أسعار الفائدة إذا بقي الوضع مستقراً».

وقال سيلوانوف إن «عجز الموازنة العام المقبل سيكون أكبر بكثير من النسبة التي كنا نتوقعها والبالغة 0.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي». وهبطت العملة الروسية إلى 80 روبلاً أمام الدولار منتصف الشهر الجاري من نحو 35 روبلاً في المتوسط خلال النصف الأول من السنة، قبل أن ترتفع في الأيام القليلة الماضية إلى 52 روبلاً للدولار، ما يُعزى إلى أسباب عدة منها الضغط الحكومي على المصدرين لبيع العملة الصعبة. ويتابع الروس أسعار الفائدة عن كثب منذ انهيار الاتحاد السوفياتي عندما أتى التضخم المحموم على مدخراتهم في غضون بضع سنوات مطلع تسعينات القرن الماضي.

وتستورد روسيا كميات كبيرة من الأغذية والمعدات عالية التقنية والسيارات، وتضطر مع ضعف الروبل إلى دفع مبالغ أكبر للواردات، ما يرفع التضخم في الداخل ومن ثم يشجع الناس على حماية مدخراتهم بشراء الدولار، ما يزيد بدوره الضغط على العملة المحلية. وقال مساعد الرئيس الروسي للشؤون الاقتصادية أندريه بيلوسوف أمس إن «معدل التضخم السنوي سيصل إلى نحو 11 في المئة بحلول نهاية السنة، ليتجاوز المستوى النفسي المهم عند نحو 10 في المئة للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008». وقفزت أسعار بعض السلع، ومنها لحوم الأبقار والأسماك ما بين 40 و50 في المئة خلال الشهور الأخيرة، بعدما فرضت روسيا حظراً على استيراد منتجات غذائية غربية معينة، رداً على عقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بسبب الأزمة الأوكرانية.

ويقول مسؤولون مصرفيون إنهم لاحظوا زيادة في سحب الودائع بالروبل في منتصف الشهر الجاري مع إقبال الروس على تحويل مدخراتهم إلى عملات صعبة. وزاد سعر الروبل في التعاملات المبكرة أمس وسط تعاملات هزيلة في ظل إغلاق الكثير من الأسواق الغربية بسبب عطلة رسمية. وصعد الروبل 1.8 في المئة أمام العملة الأميركية إلى 52.45 روبل للدولار، بينما ارتفع 1.9 في المئة أمام العملة الأوروبية الموحدة إلى 64.31 روبل لليورو.

إلى ذلك أعلن المصرف المركزي الروسي إنه ووزارة المال لم يتدخلا في سوق العملة في 23 الجاري، ولكن المصرف ينشر بيانات تدخلاته في السوق بعد فترة من حدوثها. وأنفق المصرف أكثر من 80 بليون دولار لحماية العملة الروسية هذه السنة، كما بدأت وزارة المال الأسبوع الماضي بيع العملة الأجنبية لدعم الروبل.

وأعلن المصرف المركزي الروسي أن احتياطات البلاد من الذهب والعملة الصعبة انخفضت إلى ما دون 400 بليون دولار للمرة الأولى منذ آب (أغسطس) 2009. وأنفق المصرف أكثر من 80 بليون دولار في الدفاع عن الروبل هذا العام بعدما انخفض في شكل حاد بسبب تراجع أسعار النفط والعقوبات الغربية المفروضة على روسيا بسبب أزمة أوكرانيا وهو ما يهدد الاستقرار المالي للدولة.

وقال محللون إن نحو خمسة بلايين دولار من قيمة الانخفاض البالغ إجمالاً 15 بليون دولار في الأسبوع المنتهي في 19 كانون الأول (ديسمبر) يرجع إلى التدخل لدعم الروبل بينما تعود سبعة بلايين دولار من حجم الانخفاض إلى إقراض عملة صعبة للمصارف في إطار اتفاقات إعادة الشراء (الريبو).

إلى ذلك توقعت «غازبروم»، أكبر شركة منتجة للغاز الطبيعي في روسيا، أن يهبط إنتاجها إلى أدنى مستوياته على الإطلاق عند 444.4 بليون متر مكعب من الغاز الطبيعي هذه السنة، مقارنة بـ487.4 بليون متر مكعب العام الماضي. وقال ناطق باسم الشركة إن «غازبروم» تلقت منذ وقت قريب دفعة مقدارها 1.65 بليون دولار من أوكرانيا لتسديد ديون هذا البلد عن مشتريات الغاز. وأضاف: «استهلكت شركة الطاقة الحكومية في أوكرانيا نفتوغاز 300 مليون متر مكعب من الغاز الروسي حتى الآن خلال الشهر الجاري، من إجمالي بليون متر مكعب دفعت أوكرانيا ثمنه بالفعل»، مشيراً إلى أن الكميات غير المستخدمة سيجري شحنها في كانون الثاني (يناير) المقبل.

إلى ذلك أعلن رئيس هيئة الرقابة البيطرية والصحة النباتية الروسية سيرغي دانكفيرت أن صادرات الحبوب الروسية مستمرة على رغم القيود التي فرضتها الحكومة. وجاءت تصريحات دانكفيرت بعدما أكد رئيس اتحاد الحبوب الروسي أركادي زلوتشيفسكي أول من أمس أن الصادرات توقفت بسبب القيود المفروضة لحماية الإمدادات المحلية، بما ينذر بتعطيل اتفاقات كبيرة، بينها العقود المبرمة مع مصر. ونقلت وكالة «تاس» للأنباء أمس عن دانكفيرت قوله: «الشحن مستمر، وتوجد سفن لشحن الشعير إلى السعودية والقمح إلى مصر في ميناء نوفوروسيسك المطل على البحر الأسود، وقد تكون غادرت الميناء».

+ -
.