ست من عجائب الدنيا القديمة التي لا تحظى بالشهرة

بينما تجتذب العديد من المعالم التاريخية ملايين من الزوار والرحالة في كل عام؛ تقع المواقع الأثرية التي تتناولها الصحفية حسنة حق في السطور المقبلة بعيدا عن الدروب التي يطرقها السائحون عادة.

عندما يتعلق الأمر بالحديث عن عجائب الدنيا القديمة؛ فإن هناك ما هو أكثر من مجرد استكشاف معالم مدينة البتراء الأثرية الأردنية، أو زيارة معبد أنغكور وات الهندوسي في كمبوديا، أو حتى التجوال في أروقة مدرج الكولوسيوم الروماني العملاق بوسط العاصمة الإيطالية روما.

ولذا، فحتى يتسنى لنا كشف النقاب عن بعضٍ من المباني والمواقع الأثرية التي لا تقع عادة على الطرق التي يقصدها السائحون؛ توجهنا إلى موقع (كورا) للأسئلة والأجوبة؛ حيث أدلى بعض مستخدمي الموقع بآرائهم بشأن أكثر المباني الأثرية القديمة إثارة للإعجاب في العالم.

إعلان

لكن مِمَ تشكلت تلك القائمة؟ من بين ما ورد فيها: شبكة من الجزر العتيقة العائمة الواقعة في منطقة ميكرونيزيا، ومدينة تقع تحت الأرض في منطقة الأناضول نُحتت تكويناتها المعمارية بالكامل من الصخور البركانية، فضلا عن موقع فينيقي يعود إلى عصور ما قبل التاريخ، يتألف من كتل صخرية ضخمة الحجم على نحو هائل للغاية، إلى حد أنها لا تزال تشكل لغزا سواء بشأن كيفية تقطيعها إلى كتل بهذا الحجم، أو تحريكها من أماكنها.

مدينة درينكيو (تركيا)

على بعد 750 كيلومترا جنوب شرقي مدينة إسطنبول التركية؛ وبالتحديد في منطقة كابادوكيا التابعة لمحافظة نوشهير، تقبع بلدة صغيرة تحمل اسم درينكيو.

هناك، وتحت سطح الأرض تقع أكبر منظومة كهوف نحتها البشر على مر التاريخ؛ تلك التي تحمل كذلك اسم درينكيو؛ وتشكل ما يبدو وأنه مدينة تركية سرية تقع في جوف الأرض، وتتقاسم مع نظيرتها الأكثر تقليدية – الواقعة على السطح – ذات الاسم.

وقد كان لهذه العجيبة الأثرية الواقعة في منطقة الأناضول كل الكماليات التي يحظى بها أي مركز مزدهر لمدينة من المدن، بما يحتوي عليه من مدارس وكنائس واسطبلات للخيول. ولكن بدلا من أن تنتصب ساحات وأماكن التجمع في تلك المدينة فوق الأرض كالمعتاد، فإنها حُفرت في صخور بركانية ذات صلابة متوسطة أقرب إلى اللين، على عمق يتراوح ما بين 60 إلى 85 مترا تحت سطح الأرض.

وقد شُيّد هذا المجمع من المباني المقامة تحت الأرض في الفترة ما بين القرنيّن السابع والثامن قبل الميلاد، وذلك للاحتماء به من هجمات الجيوش المغيرة على تلك المنطقة.

ورغم أن هذه المنطقة صُمِمَّت لكي تشكل مأوى مؤقتاً؛ فإن المرافق المتوافرة فيها كانت مثيرة للإعجاب: نحو 600 بوابة تقع فوق الأرض لإتاحة الفرصة للدخول إلى المدينة القابعة في الأسفل، وقرابة 15 ألف منفذ تهوية بدخول الهواء النقي.

فضلا عن العديد من الأقبية والأماكن المعدة لعصر العنب بهدف تصنيع النبيذ، وكذلك شبكة معقدة من الممرات والأنفاق والدهاليز.

وفي هذا الشأن، كتبت تريشلا براساد، إحدى مستخدمات الموقع: “كانت (تلك المدينة) متسعة إلى حد جعلها تأوي نحو 20 ألف نسمة، مع ماشيتهم ومخازن الطعام الخاصة بهم”.

وبالنظر إلى عمرها الضارب في أعماق التاريخ، تبدو هذه المدينة الغريبة من نوعها في حالة متميزة في الوقت الراهن. كما أن بوسع من يريد زيارتها الوصول إليها في إطار أيٍ من الجولات السياحية التي تقصدها بأعداد لا تحصى.

ولكن من الواجب نصح الزوار بأن استكشاف ذلك المجمع الهائل من الأنفاق، سيتطلب منهم صعود وهبوط الكثير من الأدراج أو السلالم.

نان مادول (ميكرونيزيا)

تتألف نان مادول، تلك المدينة العائمة الغامضة التي شُيّدت نحو عام 1200 قبل الميلاد في ميكرونيزيا، من سلسلة جزر صناعية صغيرة المساحة تتكون من البازلت، وتفصل شبكة من القنوات بينها وبين بعضها البعض.

ومن غير المستغرب كون موقع هذه المدينة غير معروف سوى للقليلين، وذلك في ضوء وقوعها على جزيرة بونبي القابعة في قلب المحيط الهادي على بعد أكثر من 3600 كيلومتر شرقي الفلبين.

كتب المستخدم تيري نيومان الذي زار المنطقة مرتين يقول إن “نان مادول” كانت تشكل على ما يبدو “المجمع السكني الذي تقطن فيه نخبة الجزيرة، وكانت كل جزيرة صغيرة (من تلك التي تتألف منها المدينة) مخصصة لغرض بعينه؛ مثل بناء قوارب الـ ‘كانوي’، أو الطهي، أو العناية بالمرضى. وكانت تلك الجزر مغطاة على الأرجح بأسقف من الأخشاب وأوراق النخيل المجدولة على نحو يجعلها شبيهة بالقش”.

ومضى نيومان يقول إن هذه المنطقة تشكل النسخة “الخام والبدائية من (معبد) أنغكور وات، الذي تكسوه الغابات. غير أن ذلك لا يقلل من تأثيرها المبهر بوصفها بقعة تفتقر لأي تاريخ لإنشاءات أو مبانٍ راسخة على الأرض، ناهيك عن عدم وجود أي تاريخ للفن المعماري” هناك.

بعلبك (لبنان)

تقع منطقة بعلبك الأثرية، التي لا تزال آثارها مُصانة وفي حالة جيدة، في وادي البقاع شرقي لبنان. وقد بدأت عمليات الاستيطان فيها قبل نحو تسعة آلاف عام؛ واجتذبت في نهاية المطاف العديد من الشعوب التي عاشت قديما، بما في ذلك الفينيقيون، والإغريق والرومان. وقد استخدمت هذه المنطقة في الأساس كموقع لأداء الشعائر الدينية، إذ يضم معابد هائلة كُرست لعبادة آلهة مثل باخوس وفينوس والمشترى.

تقول المستخدمة إيللا ريان: “معبد باخوس يفوق وحده من حيث الحجم معبد البارثينون في اليونان ..أما معبد المشترى المجاور له فلم يعد قائما من أعمدته الرومانية الكورنثية الأربعة والخمسين سوى خمسة أعمدة فحسب. لكن لتلك الأعمدة، البالغ طولها 22 مترا وقطر قاعدتها متران والتي يُقال إنها الأضخم من نوعها في العالم، قدرة هائلة على إثارة دهشة وذهول من يراها”.

ومن بين أسس معبد المشترى، ثالوث من النُصُّب الحجرية ضخمة الحجم، وهي من بين أضخم الكتل الحجرية التي تستخدم كـ”لبِنات” للبناء في العالم. ولا يزال الغموض يكتنف الكيفية التي جرى بها قطع هذه الكتل الحجرية من أماكنها الأصلية ونقلها لتوضع في داخل هذا المعبد.

ولكن هناك من يقول إنها وضعت في أماكنها باستخدام ما يُعرف بالـ”الرافعات الرومانية” (وهي أدوات بدائية تتألف من رافعة وحبل إلى جانب كتلة أسطوانية تحيط بها بكرات).

نيوغرينج بمقاطعة ميث (إيرلندا)

يتربع تل أو قبة نيوغرينج؛ ذلك التكوين هائل الحجم دائريّ الشكل، على السهول ذات اللون الأخضر الزمردي الواقعة في مقاطعة ميث الايرلندية. ويبدو هذا التكوين كما لو كان جسم فضائي غامض، من تلك الأجسام الطائرة المجهولة التي يُطلق عليها اسم (يوفو)، ولكن برأس تكسوها الأعشاب.

وقد شيدت هذه “القبة” قبل أكثر من خمسة آلاف عام، خلال حقبة العصر الحجري الحديث التي سادت الأرض في نحو عام 3200 قبل الميلاد. ويحفل الفولكلور الايرلندي بقصص وروايات حول ذلك الموقع الأثري، الذي يعد من بين أهم المواقع التي تضم نُصُّب وشواهد حجرية ضخمة في أوروبا.

وتتألف “القبة” نفسها، وهي تل ضخم يكسو قمته العشب والحشائش، من طبقات متعاقبة من الطين والصخور. ويغطي هذا التل، الذي يبلغ قطره 76 مترا وارتفاعه 12 مترا، مساحة تقدر بنحو 4,500 متر مربع من الأرض.

ويحيط بهذه القبة، التي تدرجها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) على قائمتها للتراث العالمي، طوق من أحجار الكوارتز بيضاء اللون؛ أضيف لها خلال عمليات ترميم جرت في سبعينيات القرن الماضي.

أما بداخلها، فيوجد ممر محفور في الصخور يمتد لمسافة 19 مترا، وينتهي بثلاث غرف صغيرة يُعتقد أنها كانت تستخدم قديما مواقع للدفن.

أما السر الكامن في هذا الموقع الأثري، فيكمن في أنه يشكل أداة لتحديد الوقت بدقة على نحو لافت، حسبما تقول مستخدمة موقع (كورا) إيلي لاند. فهذه “القبة” مصممة بحيث تتماشى مع حركة الشمس لدى شروقها، كما أن الضوء يغمر الغرف الموجودة فيها عند حدوث ما يُعرف بالانقلاب الشتوي في النصف الشمالي للكرة الأرضية (الذي يحل هذا العام في 21 ديسمبر/كانون الأول).

وتكتب لاند في هذا الشأن قائلة: ” مع ارتفاع الشمس عاليا في كبد السماء، تصبح الغرفة بأكملها مضيئة على نحو دراماتيكي. هدف بناة هذا المكان كان يتمثل بلا شك في الإشارة إلى بداية العام الجديد”.

كهوف “أجانتا” و”إلورا” بولاية ماهاراشترا (الهند)

على بعد نحو 30 كيلومترا إلى الشمال الغربي من مدينة أورانغاباد الهندية، تقع كهوف إلورا التي يُنظر إليها باعتبارها تمثل ذروة فن إقامة بنى معمارية منحوتة ومحفورة في الصخور في الهند.

فالكهوف الـ34 الموجودة في هذا الموقع حُفرت في صخرة تقع في واجهة تلال تشاراناندري في الفترة ما بين القرنيّن السادس والتاسع الميلادييّن.

وتشكل الرسوم والأشكال الأثرية المنحوتة في هذه الكهوف إحدى أكثر العناصر التي تكسبها قيمة كبيرة، إذ أنها تُعتبر أحد أبرز روائع الفن البوذي، الذي يشكل بدوره مؤشرا على ميلاد الفن الهندي التقليدي.

ووصفت الهيئة الحكومية الهندية المسؤولة عن عمليات البحث والتنقيب عن الآثار في البلاد، والتي تُعرف باسم “المسح الأثري للهند”، هذه الأشكال والرسوم بأنها “أروع نماذج الفن الهندي التي لا تزال باقية على قيد الحياة؛ خاصة (النماذج الخاصة) بفن الرسم”.

ويحتضن موقع كهوف إلورا كذلك معبد “كايلاسا” ذا التصميم الجذاب، والذي نحت من صخرة واحدة عملاقة.

وفي هذا الصدد كتب حامد شاه على موقع (كورا) إن “الحجم الهائل لهذا المعبد، وروعته المعمارية تذهل تماما” كل من ينظر إليه.

وعلى بعد نحو مئة كيلومتر إلى الشمال الشرقي من موقع هذا المعبد تقع كهوف أجانتا، ذاك الموقع ذي الوقع المؤثر والمثير للإعجاب، وهي الكهوف التي وصفها المؤرخ البريطاني ويليام دالريمبل بأنها “إحدى أعظم عجائب الدنيا القديمة”.

وقد تم حفر هذه المغارات هائلة الحجم بين القرنيّن الثاني والسابع الميلادييّن بين المنحدرات الموجودة في هذه المنطقة، وذلك لتأوي بداخلها معابد بوذية وأضرحة وقاعات للصلاة وأماكن للإقامة والنوم.

وكتب حامد شاه يقول: “إنه على مدار السنوات، ونتيجة للإهمال ومرور الزمن، عانت غالبية الرسوم الجدارية (الموجودة في هذه الكهوف) من التقشر، ولكن لا يزال بوسعك أن ترى ما كانت عليه من مجد غابر إذا ما نظرت إلى تلك الرسوم التي نجت من البلى وظلت مُصانة. إنها لا تزال تتسم بالجمال حتى بعد 1500 عام”.

+ -
.