على الرغم من أن الفنان السوري سليم صبري تابعه المشاهدون على مدى مسيرته الطويلة مع الدراما السورية مؤديا لشخصيات كثيرة ومتنوعة في مسلسلات اجتماعية معاصرة ومخرجا للكثير منها إلا أنه وفي السنوات الأخيرة اتجه مع موجة دراما البيئة الشامية كالكثير من الممثلين السوريين وفي آخر مشاركاته والتي يصورها حاليا شخصية أبو حاتم في الجزء السادس والسابع الجديدين من «باب الحارة» بدلا من الفنان الراحل وفيق الزعيم.
حول إسناد شخصية أبو حاتم وهي التي التصقت بالفنان الزعيم منذ الجزء الأول وحتى الخامس والتطورات التي ستشهدها هذه الشخصية، قال الفنان سليم صبري في حوار معه لـ«الشرق الأوسط»: «هناك توجه جديد في مضمون المسلسل بشكل كامل، وهناك أمور جديدة سيتابعها الجمهور في الجزءين السادس والسابع وفي الحقيقة تجسيد شخصية أبو حاتم لم يكن بذهني قبولها إلا بعد أن تأكدت من أن الزميل وفيق لن يتمكن بأي شكل من الأشكال من المشاركة ومتابعة أدائه للشخصية بسبب مرضه الخبيث ومن ثم وفاته، فقبلت حتى تسير أحداث المسلسل، وبالنسبة لي فتجسيد الشخصية ليست مشكلة، فأنا شاركت بالكثير من مسلسلات البيئة الشامية، وهذه الشخصية ستستمر بنفس النمط كونها من شخصيات العائلة المتمكنة والتي تحب أن تلعب دور الإصلاح في مجتمع الحارة وألا يكون هناك مشكلات بين أهل الحارة وهي شخصية متميزة جعلني أوافق على قبولها وسيتابع المشاهد أن أبو حاتم سيستمر قبضاي (الموقف) والعقل في الحارة وليس قبضاي العضلات».
هناك مشاركة لي أيضا في مسلسل «بواب الريح» مع المخرج المثنى صبح وهو ينتمي للمسلسلات الشامية التاريخية وهو برأيي مسلسل مهم جدا حيث يعالج فترة تاريخية من سوريا تعود لستينات القرن التاسع عشر وأجسد في المسلسل شخصية (جورج) كذلك صورت دوري في سهرة تلفزيونية بعنوان «لن أبيع أمي» وفي عدد من الأعمال الأخرى.
وحول رأيه بعودة «باب الحارة» من جديد وهل سيعمل على خلق تنافس بين مسلسلات البيئة الشامية وإعادة النشاط إليها بعد سنوات من المراوحة في المكان والتكرار يقول صبري: «أنا لا أفضل التكرار والكثرة وخصوصا في مسلسلات البيئة الشامية، فهناك معالجة الأمور العصرية هي الأكثر أهمية، ولكن أحيانا يذهب البعض لأعمال البيئة الشامية لمعالجة قضايا عصرية من خلالها، معتقدين أنهم يحققون أهدافا عصرية بدراما بيئية.. هذا غير صحيح ولا يستقيم الأمر فالعقلية القديمة تختلف عن العقلية الحديثة إذ عندما تريد معالجة الأخطاء الحديثة يجب أن تعالجها من خلال الفكر الحديث ولذلك ما يحدث هروب بلا معنى نحو البيئة الشامية وبرأيي أن الدراما بشكل عام يجب ألا تكون مجانية بأي حال من الأحوال، فإذا كانت شامية ومجانية فيحصل تكريس للشامية والمجانية وبنفس الوقت البيئة الشامية بيئة جميلة وتحتمل الكثير من الجدية في طرح الأمور، أنا لست ضد انتشار مسلسلات البيئة الشامية في العالم العربي كون لها شخصية وخصوصية، ولكن بشرط ألا يكون هناك مبالغة وألا تحيدنا عن الهدف الأساسي للدراما وهو الوعي والثقافة أكثر من كونها تسلية».
وهل عانيت من شللية شركات الإنتاج؟ يبتسم صبري: «أنا شخصيا لا أعاني من هذه الشللية، لا أعرف ما السبب قد يكون السبب أنني دائما على حياد، وليس لدي اهتمام بأن أكون موجودا في كل عمل درامي، ولكنني أشعر بوجود هذه المسألة عند البعض والبعض الآخر وأنا لا يهمني إن كنت لدى هذا البعض أو البعض الآخر ولا أعتقد أنني ضمن بعض أو لا؟! وهناك شركات إنتاج لم ترسل لي في تاريخها أي دعوة لأشارك في مسلسلاتها فليست مشكلة بالنسبة لي وهم أحرار بالمحصلة».
وحول توقف مشاريعه الإخراجية وانهماكه في التمثيل يقول صبري: الأعمال الإخراجية كانت الأكثر في مسيرتي الفنية الممتدة من ستينات القرن الماضي ولم يتوقف الإخراج لسبب معين بل قلت بيني وبين نفسي عملت كثيرا في الإخراج فلأتفرغ حاليا للتمثيل خاصة وأنه صار لدينا عدد كبير من المخرجين الجدد والجيدين فلم يعد من الضروري الاستمرار في الإخراج ولكن مع ذلك إذا عرض علي عمل درامي ذو قيمة درامية فلن أمانع في إخراجه حتى لو كان بيئة شامية فالدراما ليس لها علاقة إن كانت شامية أو فضائية ويصور في الفضاء الخارجي – يضحك صبري – فالمهم أن يكون هناك جدية وفائدة للناس وألا يكون مجانيا فالمسلسل المجاني ليس لدي الاستعداد لإخراجه.
وعن عدم وجوده في الأعمال الكوميدية رغم وجود الروح الكوميدية لديه يقول صبري: «أنا لم أرشح نفسي للكوميديا ولم أتلق دعوى من أحد للمشاركة في هذه الأعمال وبرأيي أن الممثل هو الذي يطرح نفسه في الكوميديا حيث يقوم ببعض التهريج وبالتالي يبدأ اكتشافه كممثل كوميدي ويطلبونه للمسلسلات الكوميدية فأنا لم أكن متحمسا للتهريج ولكنني شاركت في بقعة ضوء إذا اعتبرناها كوميديا فقد أديت أدوارا كثيرة في أجزائها المتعددة وحتى لدي قبل ذلك بعض الأدوار التي لا يمكن أن نقول عنها كوميديا بالمعنى التهريجي بل هي كوميديا خفيفة وهذا النمط أحبه وبرأيي أن الكوميديا هي التي تمنح النفس البشرية الهدوء والسرور، أما الشكل الآخر والذي لا أحبذه أي التهريج وما يقدمه البعض لدينا في كوميديا التهريج عبارة عن مسخرة لا تقدم للمشاهد شيئا يستفيد منه بل في بعض الأحيان تكون نوعا من القبح ويعتقد هؤلاء أنهم يقدمون كوميديا، ولكن الواقع يقول غير ذلك فالكوميديا هي الطرف الآخر من الدراما وبرأيي أن الإنتاج التلفزيوني في الوقت الحالي يحتاج للوعي والشعور بالمسؤولية».