يتطلع العالم بعد غدٍ الجمعة إلى منتجع سوتشي الروسي ليشهد انطلاق دورة الألعاب الأولمبية الشتوية الثانية والعشرين.
على ضفاف البحر الأسود وضمن منتجع سوتشي الفاخر في روسيا ستقام دورة الألعاب الأولمبية الشتوية الثانية والعشرين بين 7 و23 من شباط/ فبراير، في أول دورة ألعاب أولمبية تستضيفها روسيا منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.
كان يوم الرابع من تموز/ يوليو تاريخياً في مسيرة الرياضة الروسية، إذ تقرر فيه اختيار سوتشي لتكون أولى المحطات الأولمبية الروسية بعد العاصمة موسكو، آخر مدن السوفييت التي نظمت الأولمبياد في دورته الصيفية عام 1980.
ويشارك في الدورة الشتوية نحو 2500 رياضي من 88 دولة يتنافسون في 98 مسابقة ضمن 15 تخصصاً بسبع رياضات تقام جميعها على الثلج والجليد.
يذكر أن أولمبياد سولت لايك سيتي الشتوي عام 2002 ضم أكبر عدد من المشاركين إذ بلغوا 2399 رياضياً ورياضية.
تاريخ الألعاب الشتوية
تعد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية من بين الأحداث الرياضية الكبيرة في العالم وهي موعد يتكرر كل أربع سنوات، أقيمت النسخة الأولى في شاموني الفرنسية عام 1924. بمشاركة هي الأقل في تاريخ الأولمبياد (258 رياضي من 16 بلداً) وكانت بعض الرياضات تقام على جبال الألب.
انتظمت دورة الألعاب الشتوية كل أربع سنوات في الفترة من 1924 حتى 1936، ثم توقفت قبل الحرب العالمية الثانية. قبل أن تستأنف عام 1948، وكانت دورتا الألعاب الأولمبية الشتوية والصيفية في نفس السنوات حتى عام 1992، بعد صدور قرار 1986 من قبل اللجنة الأولمبية الدولية (IOC) القاضي بفصل الدورتين عن بعضهما، فجاء الأولمبياد الشتوي بعد عامين في 1994.
وكان لثلاث قارات شرف احتضان دورة الألعاب الشتوية ( أميركا الشمالية، وآسيا، وأوروبا)، وجاءت الولايات المتحدة الأميركية كأكثر الدول التي استضافت الأولمبياد بواقع أربع مرات، تلتها فرنسا بثلاث مرات، والنمسا وكندا وإيطاليا واليابان وسويسرا والنرويج بمرتين لكل بلد.
وشارك رياضيون من دول النمسا، كندا، فنلندا، فرنسا، بريطانيا، المجر، إيطاليا، النرويج، بولندا، السويد، سويسرا والولايات المتحدة في جميع دورات الألعاب الأولمبية الشتوية الـ21، ست من هذه الدول (النمسا وكندا وفنلندا والنرويج والسويد والولايات المتحدة) حصل رياضيوها على ميداليات متنوعة في كل الدورات الأولمبية الشتوية، وواحدة فقط هي الولايات المتحدة حصلت الذهب في كل الألعاب.
البعثة الأكبر
الحصيلة الأميركية مرشحة للازدياد خصوصاً إذا ما علمنا أن بعثة الولايات المتحدة الأمريكية هي الأكبر من بين البعثات المشاركة في الأولمبياد الحالي، إذ ستتألف من 230 لاعباً ولاعبةً أكبر بعثة في أولمبياد سوتشي تليها الدولة المضيفة روسيا بطبيعة الحال بـ225 ثم كندا 221.
وعلى صعيد المشاركة العربية سيكون لبنان هو الوحيد الموجود في سوتشي ممثلاً بلاعبيه ألكسندر مخباط بطل لبنان في التعرج القصير والطويل لفئتي الناشئين والرجال لموسم 2012/2013، وجاكي شمعون، بطلة لبنان في التعرج القصير لموسم 2012/2013.
التحديات الأمنية
أدت التفجيرات التي حصلت في فولغوغراد على نهر الفولغا نهاية العام الماضي وما تلاها من تهديدات للجان الأولمبية الوطنية ودعوات لمقاطعة دورة الألعاب الشتوية إلى رسم مخاوف كثيرة حول أولمبياد سوتشي.
وعلى الرغم من تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن أولمبياد 2014 ستكون الأكثر أماناً في التاريخ، إلا أن الدول المشاركة تتطلع بحذر إلى هذه الألعاب بسبب الأخبار اليومية التي تتحدث عن نوايا متمردين بالتعرض للرياضيين في جنوب البلاد.
الأكثر إنفاقاً
الاحتياطات الأمنية وظروف أخرى جعلت من تكلفة دورة سوتشي تفوق الـ50 مليار دولار أميركي، وبذلك ستكون ميزانية الأولمبياد الروسي أكثر بأربعة أضعاف من الدورة الأخيرة في فانكوفر 2010.
وإذا ما ثبتت تكلفة الأولمبياد على الرقم المذكور سيجعل ذلك من دورة سوتشي الأغلى في التاريخ، ويفسر البعض هذا الارتفاع في التكاليف إلى النوعية في التجهيزات والظروف المرافقة للألعاب، غير أن البعض الآخر أشار بأصابع الاتهام بالفساد والاختلاس إلى المنظمين.
شعلة
في التاسع والعشرين من أيلول/سبتمبر الماضي وفي معبد هيرا اليوناني، الذي يعود تاريخه إلى 2600 عام، أضيئت شعلة سوتشي من الشعلة الأولمبية الأم، لتبدأ رحلتها الماراثونية قاطعةً 65 ألف كم في 123 يوماً، ما جعل مسيرتها الأطول في تاريخ الشعلة الأولمبية الشتوية.
مسيرةٌ مرت بها الشعلة تقريباً في كل المدن الروسية من كالينينغراد غرباً إلى تشوكوتكا شرقاً.
ووصلت شعلة سوتشي إلى القطب الشمالي لأول مرة في تاريخ الشعلة الأولمبية قبل أن تخرج إلى الفضاء عن طريق رائدي الفضاء الروسيين أوليغ كوتوف وسيرغي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وإلى جانب محطتها الفضائية غاصت الشعلة الأولمبية إلى أعماق بحيرة بايكال في سيبيريا، ثم واصلت رحلتها لتصل إلى أعلى مكان في روسيا، جبل إلبروس البالغ ارتفاعه 5642 متراً. وبذلك تكون الشعلة قطعت أسفاراً غير مسبوقة براً وبحراً وجواً قبل أن تصل إلى موقدها الأخير في السابع من شباط موعد انطلاق الأولمبياد.
