بيَّن ما يزيد على 50 دراسة حديثة، أن الاستخدام الكثيف للشاشات يحمل مخاطر عدّة، أهمها: السلوك العنيف، والإفراط المَرَضي في الحركة، والاضطراب في الانتباه والتركيز، وقلّة النوم وغيرها.
على رغم ذلك، لا يلاحظ تنبّه كافٍ للأمر، سواء من قِبَل الأهل أم التربويين. ولا تبدو تلك اللامبالاة مفهومة ولا مبرّرة، إذ يطلب الأساتذة من تلاميذهم استخدام التقنيّات الرقميّة في إنجاز أعمالهم المدرسيّة، كما يلجأ الأهل في أغلب الأحيان إلى ضمان سكوت أطفالهم عبر إتاحة اللعب بتلك التقنيّات وأجهزتها. ويفاخر بعضهم بأن أطفالهم يعرفون كيف يتعاملون مع الخليوي والـ «آي باد» والـ «ريموت كونترول»، كما لا يجدون غضاضة في شراء أي جهاز إلكتروني لأطفالهم، من دون الأخذ بعين الاعتبار أثر الشاشات الرقمية على أطفالهم.
اللغة والحركة والانتباه
قبل انتهاء سنته الثانية، يكتسب الطفل جزءاً كبيراً من القدرات اللغويّة والحسيّة الحركيّة، إضافة إلى قدرات الانتباه ومجموعة من الوظائف التنفيذيّة. ويعمل معظم القدرات البصريّة على مساعدة الطفل في التموضع في المكان، وهي قدرات تأخذ حيزها الذهني في ذلك العمر. إضافة إلى ذلك، يعيش الطفل في تلك المرحلة طفرة عاطفيّة تأتي من التفاعل مع الآخرين والمحيط العام.
وبذا، لا يسمح الإكثار من تعريض الأطفال للشاشات بتطور قدراتهم الإدراكية بشكل سليم، وتالياً من الممكن أن يظهر تأثير سلبي للشاشات على علاقات الطفل مع محيطه الاجتماعي، وقدرته على الانتباه، وكفاءته لغويّاً، وفهمه قيمة الاستقلاليّة وعدم الاتكاليّة. واستطراداً، يحبّذ العاملون في التربية وعلوم الإدراك، تحفيز الطفل باتجاه الاعتماد على الألعاب التي تحفّز النشاط الذهني عبر الابتكار، كألعاب المربعات، والموسيقى، والكرة وغيرها.
وقبل السنة الثالثة من العمر، يطور الطفل وعيه لذاته والآخرين. ومن الممكن أن يتعرّف إلى نفسه في المرآة، فيعرف من هو. وكذلك تتفاعل أزمته الشخصية عبر تصدّيه للكبار وميله للمعارضة ورفضه للكبح وغيرها. كما يبدأ الطفل في الانتساب إلى أفكار الآخرين ومعتقداتهم مطوراً هويته اجتماعياً. كذلك تبدأ أحلامه بالتطور نوعياً بين السنتين الثانية والرابعة من العمر.