صغير، ذكي وخطير: الصين تكشف عن درون تجسس بحجم بعوضة

كشفت الصين مؤخرًا عن طائرة مسيّرة متناهية الصغر، بحجم بعوضة، قادرة على تنفيذ مهام تجسس خفية. الدرون، الذي عُرض في جامعة عسكرية بمقاطعة هونان، يزن أقل من مشبك ورق ويمكن وضعه على طرف الإصبع. وفقًا للمطورين، فإن هذا الابتكار الجديد مخصص لمهام استخباراتية في ساحات المعركة دون أن يتمكن العدو من كشفه، ما أثار مخاوف واسعة في الغرب بشأن الخصوصية والاستخدامات المستقبلية.

إعلان

إعلان

إعلان

إعلان

يبدو كأنه من أفلام الخيال العلمي

الدرون الجديد يشبه الحشرات الطائرة، وظهر في تقرير بثته قناة CCTV الصينية، وهو يقف على أطراف أصابع أحد الباحثين، بالكاد يُرى بالعين المجردة. وقال ليانغ شياو شيانغ، وهو طالب في الجامعة الوطنية لتكنولوجيا الدفاع، إن “هذه الروبوتات الصغيرة مناسبة بشكل خاص للمهام الخاصة مثل جمع المعلومات في ساحة المعركة”.

بفضل التطورات التكنولوجية الأخيرة، بات من الممكن دمج بطاريات ومجسات ومكوّنات إلكترونية داخل أجهزة صغيرة للغاية، مما يفتح الباب أمام استخدامات متعددة، من مهام الإنقاذ في مناطق الكوارث، وصولًا إلى الاستخدامات العسكرية. وبحسب المواصفات الفنية، يبلغ طول الدرون 2 سنتيمتر، وعرضه 3 سنتيمتر، ويزن أقل من 0.2 غرام، أي أخف بكثير من مشبك ورق.

سباق التسلح المصغر
رغم أن هذا التطوير اللافت قادم من الصين، إلا أن الغرب يعمل منذ سنوات على مشاريع مشابهة. من أبرزها مشروع “RoboBee” من مختبر الروبوتات الدقيقة في جامعة هارفارد، الذي يسعى لتطوير روبوتات تطير عبر خفق أجنحتها 120 مرة في الثانية، بهدف استخدامها في مهام مثل التلقيح الصناعي أو عمليات الإنقاذ.

أما عسكريًا، فالقوات الغربية تستخدم بالفعل درونات صغيرة مثل “الصّرصور الأسود” (Black Hornet) الذي طُوّر أصلًا في النرويج وتنتجه حاليًا شركة Teledyne FLIR Defense الأمريكية. النموذج الأحدث منه، Black Hornet 4، قادر على الطيران لأكثر من 30 دقيقة، وبث صور حرارية ومرئية من مسافة تصل إلى 3.2 كيلومتر. ويُستخدم هذا الدرون في عشرات الجيوش حول العالم.

فعالية محدودة وإمكانات هائلة
رغم الحماسة التي رافقت الكشف عن “درون البعوضة”، يشكك خبراء غربيون بفاعليته الميدانية المباشرة. يقول برايس باروس، الباحث في مشروع ترومان للأمن القومي بواشنطن، في تصريح لمجلة “نيوزويك”: “حجم الدرون الصغير يجعله محدود التأثير بسبب نطاقه القصير وسعة البطارية المحدودة”. لكنه أشار إلى تجارب أمريكية على استخدام حشرات حقيقية مزودة بمعدات إلكترونية، رغم أنها لم تُطبق عمليًا بعد.

ويرى تيموثي هيث، الباحث في مؤسسة RAND للدراسات الدفاعية، أن الخطر الحقيقي يكمن في إمكانية إنتاج هذه الدرونات بأعداد ضخمة واستخدامها في مهام استخباراتية واستطلاعية ضمن مناطق يصعب على الدرونات الكبيرة دخولها، مثل المباني المغلقة.

القلق الأوسع لا يقتصر على الاستخدامات العسكرية فقط، بل يمتد إلى احتمال خرق الخصوصية واستخدامات إجرامية. إذ يمكن لهذه التكنولوجيا أن تتيح زرع أجهزة تصوير أو تنصت في أي مكان دون أن تُكتشف.

ويخلص الخبراء إلى أن المسألة الأهم لا تتعلق بدرون واحد، بل بإمكانية نشر “أسراب ذكية” منه تعمل بتنسيق فيما بينها، وتستخدم الذكاء الاصطناعي لجمع معلومات أو شن هجمات ضمن حروب غير تقليدية. يبدو أن مستقبل التجسس والحروب أصبح أصغر حجمًا، لكن أكثر ذكاءً وتنظيمًا من أي وقت مضى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

+ -
.