تواصل الحكومات الإسرائيلية الدفع بمشاريع تهدف إلى طمس وتشويه الهوية العربية في البلاد، تحت شعار “دمج العرب” وعلى رأس هذه المخططات مشروع الخدمة المدنية الذي يطرح تحت غطاء “التطوّع وخدمة المجتمع”، لكنه يسعى إلى اختراق وتشويه الهوية العربية وخلق هوية هجينة، لكن الجديد أن هذه المخططات باتت أيضا تستهدف الشباب العرب السوريين في الجولان المحتل.
فمع اندلاع الثورة السورية، وحدوث الشرخ داخل المجتمع السوري في الجولان المحتل، بين مؤيد للنظام ومؤيد للثورة، أخذت إسرائيل منذ العام الماضي تستغل هذا الشرخ والإنقسام لتمرير سياساتها التي تهدف إلى تشويه الهوية السورية لأهالي الجولان وفصلهم عن محيطهم وامتدادهم بمساعدة أعوانها والمجالس المحليّة المعينة من قبل إسرائيل في الجولان، والتي يعتبرها أهالي الجولان مؤسسات خدماتية فقط، ولا يحق لها التدخل في الشأن السياسي والهوية.
وكما تقوم المؤسسة بتغليف الخدمة المدنية بين الشباب العرب بغطاء “خدمة المجتمع”، وتقوم المؤسسة بطرح أسماء أخرى لهذه الخدمة في الجولان المحتل، فباشرت السلطة وأعوانها بطرح مشروعين تطوّعين تحت مسمّى “متسيلا” و “ميلا”، يحيث يتطوّع المشترك فيهم في القرى السورية داخل الجولان، ويتقاضى مبلغاً بسيطاً لا يتعدى ال ٨٠٠ شيكل شهرياً.
وبعد تعميق البحث عن هذه المشاريع، تبيّن أنها مشاريع لا تختلف عن مشروع الخدمة المدنية التي تحاول السلطات تمريرها على الشباب العرب في الداخل الفلسطيني، وتقليص المسافة ما بينهم وبين المؤسسات القمعية كالشرطة والجيش، لا بل اتضّح أن “متسيلا”، أساساً هو مشروع تابع لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، وهو مشروع يستهدف “الأقليات والمجتمعات التي تواجه صعوبة في الإندماج داخل مؤسسات الدولة والمجتمع الإسرائيلي”، بهدف تجنيدهم للشرطة والخدمة التطوعية، بالإضافة إلى كون هذا المشروع يعد تحضيراً لاجتياز إمتحانات الالتحاق بالشرطة، وهي مشاريع تخدم أهدافاً سياسية في الأساس، ويحاول مروجو هذا المشروع، الذي يمر عبر المجلس المحلي في إحدى قرى الجولان بوضعه في خانة التطوّع لخدمة المجتمع وبأن التطوّع يخدم الجولان، إلّأ أنه وفي النهاية لا يخدم إلّا المشروع الإسرائيلي في استهداف هوية الجولانيين.
زيارات من قبل وزراء اليمين الإسرائيلي، وممثلي الدولة للجولان السوري المحتل
ولم تتوقف مشاريع إسرائيل في استهداف الجولان المحتل عند مشاريع تقرّر من مكاتب عليا في تل أبيب، فمنذ العام الماضي ومع انشغال أهالي الجولان في الساحة السورية، أخذ يتوافد العديد من الشخصيات اليمينية، والوزراء الإسرائيليين إلى الجولان لتمرير تلك المشاريع، وعلم “عرب 48” أن أحد المجالس المعيّنة وبعض من الذين انسلخوا عن قضيتهم استقبلوا هذه الشخصيات، وتواطأوا مع المخطط.
من ضمن هذه الزيارات، زيارة لرئيس حزب “البيت اليهودي”، نفتالي بينيت، الذي استقبله حينها رئيس المجلس المحلي المعيّن في مجدل شمس من قبل الحكومة الإسرائيلية، دولان أبو صالح . وأرسل بينيت بعد الزيارة رسالة إلى دروز الجولان جاء فيها إن “مرتفعات الجولان ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية” وبأن “حكومة إسرائيل اتخذت قراراً بالإستثمار بمئات ملايين الشواقل في المجالس المحلية في الجولان وفي مجالات عدة”. كما أجرت عضوة الكنيست، أييلت شاكيد، من “البيت اليهودي” أيضاً، الجولان المحتل بمرافقة دولان، وكتبت على صفحتها إن “نسبة الأكاديميين في الجولان من أعلى النسب الموجودة، لذلك علينا دمجهم داخل المجتمع الإسرائيلي وإقتصاده”.
وكان رئيس الجكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، قد أجر ى زيارة للجولان في شهر شباط(فبراير) الماضي واستقبله رئيس مجلس مجدل شمس المعين، ووعد نتنياهو حينها بزيادة الميزانية المخصصة لقرى الجولان.
ولعل هذه الزيارات المتكرّرة هي الدليل الأكبر على نية الاحتلال الإسرائيلي استهداف الشباب في الجولان السوري، ودمجهم بالمجتمع الإسرائيلي وتطبيع العلاقات بين مؤسسة الاحتلال والأهالي في الجولان.
وقال الدكتور ثائر أبو صالح، من قرية مجدل شمس، لـ”عرب ٤٨”، إنه “ليس من الغريب على العدو الإسرائيلي أن يحاول استغلال الشرخ الموجود في الشارع الجولاني إثر الأحداث في سوريا، فقطع الصلة بين أهالي الجولان وأهلهم في سوريا، وإغلاق المعبر وعدم توجه الأجيال الجديدة من الجولان إلى دمشق يعد أرضاً خصبة للاحتلال ليقوم بتمرير سياساته ومشاريعه على الجولان”.
وتابع: “تهدف هذه المشاريع إلى تمرير رسالة إلى الأهالي في الجولان، وبأن قضية التحرير وعودة أراضي الجولان إلى سوريا أمراً غير وارد، وأن إسرائيل ستستمر في سيطرتها على الجولان، حتى أننا نلاحظ تحرّكات إسرائيلية تجاه الشرق قد تهدف إلى التوسّع والتغلغل في الأراضي السورية أكثر”.
وأضاف: “تحاول إسرائيل في هذه الأثناء استغلال ما يحدث في سوريا للتأثير على الأهالي في الجولان، وطرح ذاتها كحامية للأقليات وتقارن الوضع الموجود في سوريا اليوم لتقول للجماهير إنها الحل، ومعها سيعيشون في أمان”.
وعن المجلس المحلي، قال أبو صالح إن “المجالس المحلية في الجولان لا تمثّلنا، وعند رؤيتنا لأي نشاط يبادر له أو يرعاه المجلس المحلي يضيئ عندنا ضوء أحمر، ونتفادي التعامل مع أي نشاط يقوم به المجلس المعين من قبل العدو الإسرائيلي، ووظيفته لا تتعدى تقديم خدمات ليس إلّا”.
وعن زيارات الوزراء ومسؤولين إسرائيليين يقول أبو صالح، إن “اسرائيل تستغل احتياجات الناس للخدمات، فمع موسم التفاح في الجولان حصل شح في المياه، فما كان من إسرائيل إلّا أن عرضت زيارة وزير الزراعة للمنطقة، وبالتالي منح المجلس المحلي المعيّن وجه وعنوان، وكسر حاجز الرفض الموجود في الجولان لاستقبال قادة ووزراء إسرائيليين، وهكذا يقوم الاحتلال الإسرائيلي باستغلال احتياجات الناس لتمرير مشاريع وتقليص الفجوة بين الاحتلال والأهالي”.
واختتم أبو صالح حديثه وقال: “وجودهم وزياراتهم مرفوضة، والأغلبية الساحقة في الجولان رافضة لهذه الزيارات والسياسات التي تحاول إسرائيل تمريرها، وهي بائت بالفشل في هذه المرحلة، لا نستطيع في هذه الظروف حشد الكثير لصد هذه المخطّطات نظراً للظروف والشرخ الإجتماعي الموجود في هذه الظروف الصعبة، ولكن أقل ما نستطيع فعله هو تفادي التعامل مع هذه الممارسات”.
وقال الناشط في الجولان، فوزي أبو جبل لـ”عرب ٤٨”، إن “موقفنا كان ولا زال عدم الاعتراف بالمجلس المعيّن، لسببين الأول فيهم هو كون هذا المجلس معيّن من قبل الإحتلال، والثاني هو كون هذا المجلس غير منتخب، ولو ملكنا حق الإنتخاب لما انتخبنا كون الموقف السياسي هو عدم الانتخاب في ظل الإحتلال”.
وتابع: “المجالس المحلية في الجولان تقدّم خدمات للسكان كالماء والكهرباء وغيرها من الإحتياجات الضرورية للناس، وهذا إجباري لا يمكن الاستغناء عنه”.
وعن المشاريع التي تحاول سلطات الاحتلال تمريرها على شباب وشابات الجولان، قال أبو جبل، إن “الحالة الوطنية في الجولان تمر بأزمة وهذا واقع لا يمكن التغاضي عنه، ولهذا نرى زيارات الوزراء وغيرهم تكثر بلا أي رد كبير، بينما وعودة إلى سنوات مرت نستذكر طرد شمعون بيرس من الجولان عندما دخل كزائر”.
وتابع: “الانقسام في الجولان بين مؤيد للثورة ومعارض لها له تأثيره، ولكن السبب الرئيسي برأيي هو ما يحصل عربياً، فكثير من المصطلحات والمفاهيم التي زرعتها الأنظمة العربية الإستبدادية في أذهان الناس عن الممانعة والمقاومة سقطت وفهمت الجماهير أنها كانت كذبة كذبتها هذه الأنظمة على الجماهير، وفهمت أن هذه الشعارات كذبة عاشت عليها هذه الأنظمة”.
واختتم أبو جبل حديثه وقال: “بتقديري لن تنجح هذه المشاريع، الشعارات سقطت مع الأنظمة، وهذا لا يعني عدم وجود بديل، والبديل قد يكون تقدّمي ديمقراطي ومبني على أسس الإنسانية ومفاهيم أساسية إنسانية لا تتبدّل ولا تتغير وهي رفض الظلم والإحتلال، هذا هو الموقف الإنساني لسوريا وفلسطين والعالم العربي ككل”.
مجموعة “جاري التجنيد… خليك صاحي”، شبابية جولانية لمقاومة هذه المخطّطات:
ولم يقف أهالي الجولان مكتوفي الأيدي مقابل هذه المخطّطات التي تستهدفهم وهويتهم بشكل مباشر، فبادرت مجموعة من الشباب الجولاني لتنظيم مبادرة أطلقوا عليها اسم “جاري التجنيد… خليك صاحي”، قاموا من خلالها بنشر الوعي ضد هذه المشاريع، وكشف المستور والأهداف الأساسية لهذه المشاريع التي تصب في خدمة الاحتلال الإسرائيلي لا المجتمع العربي في الجولان.
وعن أهداف المجموعة، كتب المبادرون على صفحتهم: “نحن مجموعه من الشباب العربي السوري في الجولان المحتل، يجمعنا همّنا في تعزيز وتأكيد انتمائنا للوطن الأم سوريا، ونرى أن ممارسة حقنا الطبيعي في مواجهة محاولات الاحتلال الدائمة لأسرلتنا وتشويه هويتنا السورية هو واجب واستكمال لنضال أجدادنا، وسنكون بالمرصاد كي لا يقع مجتمعنا ضحيه التجهيل وغسل الدماغ الممنهج الممارس من قبل الاحتلال ومؤسساته”.
وتابعوا: “ليس خفياً على أحد أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية لم تتوقف منذ اليوم الأول للإحتلال وحتى اللحظة عن محاولة ضم ودمج الجولان بأرضه وسكّانه إلى كيانها المحتل الغاشم، ولم تكف يوماً عن العمل على “أسرلة” مجتمعنا الجولاني السوري من خلال مؤسساتها ومشاريعها الخفيّة والعلنيّة على حد سواء”.
وأصدرت المجموعة بيان لها وضحّت من خلاله أنها ليست بصدد الحديث مع المجلس المحلي المعيّن من قبل سلطات الإحتلال الإسرائيلي، كشفوا من خلاله عن الأهداف الرئيسية لكل من المشاريع التي رعاها المجلس المحلي بدعم من وزارة الأمن الداخلي، وقالوا في البيان: “ونضع بين أيدي الناس حقيقة هذه المشاريع بعيداً عن الشروحات والشعارات البرّاقة التي يسوقها الاحتلال من خلال مؤسساته القائمة في منطقتنا وعلى رأسها المجلس المحلي في مجدل شمس”.
وكان رئيس المجلس المعيّن قد عرض مشروع “ماتسيلا/ מצילה” بالقول: “من الطبيعي جداً أن تسعى تلك الوزارة(أي وزارة الأمن الداخلي) لمعالجة قضايا العنف والإجرام ببرامج تربوية اجتماعية قبل أن يصبح الشاب أو الولد متورطا في مأساة العنف والحياة الإجرامية وهذا ما يرغم تلك الوزارة بتكاليف مضاعفة في مكافحة العنف والإجرام عند تفاقمهم”.
ودحض البيان هذا الادعاء وقال إنه يتجاهل تماماً ما هو مذكور بالتعريف الرسمي للمشروع والمكتوب بالخط العريض في موقع الوزارة: “خطة وزارة الأمن الداخلي، بإدارة “مَتسيلا”- قسم المجتمع ومنع الجرائم، تشمل تجنيد أبناء الأقليات والمتدينون اليهود والقادمون الجدد لمؤسسات الدولة، تهدف خطط التجنيد هذه، لشرائح المجتمع المختلفة والتي تعاني من مشكلات الإندماج والمساهمة في المجتمع”.
أما عن الزيارات، فعمّم أعضاء المجموعة بياناً تحت عنوان “تعقيبًا على زيارات أعضاء الكنيست الإسرائيلي لقرى الجولان .. بين التمثيل الشخصي والعام”، وقالوا في بيانهم إن “ظاهرة التطبيع والترويج للاحتلال هذه، وتسويقه على أنه أمر طبيعي يجب الرضى والتسليم به والتعامل معه بهذا الشكل المُبسَّط، ليست حكراً على شخص أو اثنين بطبيعة الحال، كما وليست ظاهرة جديدة من نوعها كانت قد بزغت فجأة مؤخرًا. فأن العديد من الجهات والشخصيات التي اعتبرت ولا زالت تُعتبر محورية ومؤثرة في المجتمع، كانت قد مارست وتمارس هذه السياسة الخطيرة دون أي خجل، لكن لم يسبق لنا كمجتمع محلّي أن نتعامل مع هذه الظاهرة دون أي مساءلة من قبل أحد لما يترتب عليها من أبعاد وتأثيرات سياسية واجتماعية كارثية على المنطقة”.
وأضاف البيان: “طبعاً من حق السادة الكرام اياً كانوا من أبناء الجولان المُحتل أن يستضيفوا في بيوتهم من يشاءون، ومن حقهم الاحتفاء بمن يشاءون، فهذا شأنهم الخاص ولا دخل لنا فيه. أما أن ينتدبوا انفسهم ويروّجوا لضيوفهم على أنهم حريصون على “تعزيز التعاون والعلاقات” مع أهل المنطقة – وكأنهم مكلفٌون بذلك – وتسويق حالة الاحتفاء بمسؤولين عنصريين يمثلون سلطات الاحتلال، فهذا يتعدى إطار الزيارات الشخصية ويتخطى الحرية الفردية، ويُدرج في سياق الترويج المفضوح للاحتلال. ففي الجولان، كما غيره من المُجتمعات، أفراد وعائلات وكيانات مُختلفة وعديدة ومُتعددة لا يمكن حصرها وفرض موقف واحد عليها أو التحدّث باسمها، كما وأن ذلك من غير الأخلاقي في الدرجة الاولى”.
ونشر أعضاء المجموعة العديد من البوسترات، التي توضح علاقة الخدمة المدنية بجيش الإحتلال وبأنها بداية الطريق للجيش، وباشروا العمل التوعوي ضد هذه الموجة التي باشرت بها قوات الإحتلال وأعوانها ضد الهوية السورية لأهالي الجولان.
إقرأ أيضاً:
لن يمروا ولن يلدغ مؤمن من جحرٍ مرتين
شو مع التأمين الوطني فيو تشويه كمان
التأمين الوطني هو حق لنا كمواطنين نعيش تحت الاحتلال وندفع الضرائب لدولة المُحتل وليس “كرم الدولة”، مثلة مثل التأمين الصحي، حق التعليم والبنى التحتية.. وكوننا نحصل على هذه الحقوق هذا لا يعني انه يحق للدولة “فعل ما تشاء” او تمرير مشاريع على هواها.. بل العكس تماما، على الدولة تأمين كل ظروف المعيشة لنا، وبالمقابل لا بحق لها استعمال الموارد الطبيعية بما يتعدى ما ينص القانون الدولي، فهذه الموارد ليست ملكاً لها.. فما بالك عقول الناس؟ هل تملكها الدولة مقابل “تأمين” حتى وان لم تكن دولة محتل؟! وهل تملكها دولة محتل لانها تؤمن لما حقوقنا من ما سرقتة من ارضنا؟! هذه هي المعادلة؟
اعتقد ان هذا المنطق هو منطق عبودية وليس منطق احرار، وشخصيًا اعتدت ان ارى ابناء بلدي احرار دائما وليس عبيد!
يا عمي انتي تحصلين على تلك الحقوق وانتي تحت احتلال حسب رأيك!!! لكن؟؟ انظري الى الشعوب العربية التي تعيش في اوطانها وهي معدومة ابسط الحقوق..
حق طبيعي وشرعي لأبناء هضبة الجولان أن يقدّموا القرى، مقالكم يمثل أنفسكم لا غير، أنا أفتخر بالسيد دولان على دعمه لنا، كما أفتخر بكل مواطن يحاول ان يندمج مع المجتمع ويقدم نفسه وأبناء قريته، وأتمنى أن يستمروا بهذا التقدم والنجاح.. إلى الأمام.
في الواقع نحن سكان هضبه الجولان ندّعي الكثير من الاشياء مثل المواقف والشهامه وغيرها , وايضاً ندعي العروبه والوطنيه ,ولكن عندما نضع رووٌسنا على وساداتنا قبل النوم ندرك جيداً اننا مخادعون ومنافقون وقد قيل لي مره عن مجتمعنا من قبل رجل ليس عربي اننا نذهب حيث يُدفع لنا اكثر (فكرو مرتين ،ما نحن عليه الان)