عندما يكون مُزارع الكرز عدو نفسه!

في كل عام، ومع بدء موسم الكرز، نعود لنواجه نفس المشكلة في تذبذب أسعار الكرز وتذمر المزارعين من تدني الأسعار. وبالرغم من مرور عشرات السنين، إلا أننا لا نزال نواجه نفس المشكلة، وكأننا عاجزون عن إيجاد حل، مع العلم أن الحل موجود ويعرفه الجميع.

إعلان

إعلان

إعلان

هذا العام، نعاني من نقص كبير في إنتاج الكرز، ويعتقد الجميع أن الأسعار يجب أن تكون مرتفعة، فيغالي البعض ليصل إلى أسعار خيالية، ناسياً أن الكرز سلعة كمالية وليست من الضروريات، ومن المستبعد أن يستهلك الناس كميات كبيرة منه بأسعار عالية. إذ يمكن لرب الأسرة أن يشتري الكرز مرة أو مرتين ليطعم عائلته ثمرة الملوك المحبوبة، لكنه، وفي ظل الظروف المعيشية الصعبة التي نعيشها، سيفضّل شراء مواد أكثر ضرورة لمعيشة الأسرة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الكثيرين منا لا يزالون يعتقدون أننا المورّد الرئيسي للكرز في البلاد. لكن، وللعلم، فإن كمية الكرز التي ننتجها في قرى الجولان تشكّل فقط 25% من مجمل الكرز في إسرائيل. وعليه، فنحن لا نحدد سعر السوق، بل السوق يحدده، وفق قانون العرض والطلب.

أخطر ما في الأمر هو عندما يتحول المزارع إلى تاجر ويحاول بيع كرزِه بنفسه. لا شك أن هناك مزارعين أذكياء يملكون القدرة على تسويق كرزهم مباشرة دون وساطة، ويحققون أسعارًا جيدة، فليس الحديث عن هؤلاء، بل عن المزارعين الذين يفسدون السوق بسبب قلة المعرفة. فيبيعون للتجار الغرباء، سواء هنا في الجولان أو في مدنهم وقراهم، بأسعار أرخص من تلك التي يدفعها هؤلاء للتجار المحليين. وعندما يأتي هؤلاء التجار إلى السوق المحلي ويقولون: “نحن نشتري من المزارعين بسعر أقل”، يضطر التاجر المحلي إلى تخفيض السعر.

وعندما يُخفض التاجر المحلي السعر للتاجر الغريب، فإنه، بطبيعة الحال، يُخفض السعر للمزارع أيضًا، لأنه بحاجة إلى تحقيق ربح، فلا أحد يعمل بالمجان. وهكذا ندخل في دوامة: المزارع يبيع بسعر منخفض → التاجر يخفض السعر → ثم يُخفض السعر للمزارع… وهكذا دواليك.

وفي النهاية، يصبح المزارع عدو نفسه، والمسبب الرئيسي في تدهور الأسعار.

ولتوضيح الفكرة، أخبرني صديق يعمل كتاجر، أنه كان يشتري الكرز من المزارعين ويبيعه في إحدى المدن اليهودية، فكان يشتري الكيلو بمبلغ معين ويبيعه بزيادة خمسة شيكل. وكان بإمكانه نقل 400 إلى 500 كيلو فقط بسيارته. وبعد خصم تكاليف النقل والوقود ويوميته، كان يبقى له ربح يقارب شيكلين للكيلو، وهو ربح معقول وليس مبالغًا فيه.

لكن في الأسبوع الماضي، وعندما وصل إلى محل التاجر الذي يشتري منه، وجد هناك مزارعاً من الجولان قد باع الكرز بنفس المبلغ الذي اشتراه هو من المزارع. فقال له صاحب المحل: “اعذرني، أنا تاجر وأريد الربح. لم أعد أستطيع شراءه منك بالسعر السابق. في المرة القادمة سأدفع لك فقط نفس السعر الذي اشتريته من هذا المزارع، وإلا فسأشتري منه”. فما كان من صديقي التاجر المحلي إلا أن خفّض السعر للمزارعين في الجولان بخمسة شيكل في اليوم التالي، لأنه هو أيضًا بحاجة إلى تحقيق ربح.

هذه المشكلة حقيقية، وبرأيي هي المشكلة الأكبر. إذ نشاهد يوميًا مزارعين يبيعون كرزهم على جانبي الطريق بأرخص الأسعار، فيخلقون فوضى تؤثر على السوق ككل. كل ما يهمهم هو الحصول على ثمن الكرز نقدًا وفورًا، ولتذهب زراعة الكرز في الجولان إلى الجحيم.

فلا تلوموا أحدًا بعد اليوم، لأن الحل يعرفه الجميع، ويتلخص في: تنظيم المزارعين لأنفسهم. فالتجارب موجودة أمامنا لنتعلم منها، ولسنا بحاجة لاختراع العجلة من جديد.

تعليقات

  1. تحيات طيبه وبعد..
    لازم تتشكل اللجنه ونقطتين استلام او ثلاثه (مثال البرادات) الي هي تكون النقاط الوحيده الي ممكن للمزارع يبيع فيها فقط لا غير..
    ومش كل واحد يفتح بسطه عكيفو ويقعد تعو نتوحد مشان مصلحتنا…

  2. والله يا معلم بيضل الوضع بل مجدل وبمسعده احسن بقعاثا عنا البردات لا بدها تسوق ولا شي لانو المدراء بدهاش تشتغل بيأجرو الساحه للتجار وهو بيتفرعن على المزارعين والبراد بيكون في ٣ عمال لا شغلي ولاعملي شرب قهوي ودخان .وسوالف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

+ -
.