الأرجح أنّ العلم هو ماء الحياة في حضارة العالم المعاصرة. ولولا الاختراقات العلميّة عبر تاريخ البشرية كنا لا نزال نعيش في الكهوف معتقدين بأن الكوكب الذي نعيش عليه أرضاً مسطحة لا حدود متناهية لها. ولولا اكتشافات العلماء الذين قدّموا اللقاحات والأدوية، لما كان استمرار الحياة الإنسانيّة على الأرض ممكناً. ومن دون إنجازات علماء الفلك، يبقى المريخ والقمر صوراً بعيدة، أو نقاطاً نائية يستحيل الوصول اليها.
لم تتوقف مسيرة العلوم يوماً منذ فجر التاريخ، لكنها تتسارع في عصرنا الحالي في شكل مثير. ولا ينقضي عام من دون أنّ يسجّل العلماء فيه اختراقات جديدة تأخذ الإنسانية خطوات إضافية إلى الأمام.
ومن المستطاع إلقاء أضواء خاطفة على أهم الاختراقات التي أورثها عام 2016 إلى عام 2017 لينعم بها البشر كما يستمر تطويرها نحو الأفضل.
1- خلايا المنشأ تعالج السكتة الدماغيّة وتشفي مشلوليها
في العام 2016، استطاع علماء في جامعة ستانفورد – ولاية كاليفورنيا، ضخ خلايا منشأ Stem Cells (تسمّى أيضاً «خلايا جذعيّة») مستخرجة من نخاع العظم، مباشرة في أدمغة مشلولين بسبب معاناتهم السكتة الدماغيّة المزمنة. وتمكن المشلولون من العودة إلى المشي مرّة أخرى. وكان ذلك الأمر معتبراً بحكم المستحيل علميّاً وعمليّاً، ولم يكن من حلول لأولئك المرضى سوى أن يكونوا طريحي الفراش أو محمولين على الكراسي المتحركّة. وفتح ذلك الاختراق العلمي نافذة جديدة من الفرص في مساعدة مرضى الشلل والسكتة الدماغيّة.
2- ذاكرة «سوبرمان»
في وقت يبدو التدمير كأنه هو القاعدة عالميّاً للأسف، بل يشمل حتى أجهزة التخزين الرقمي، ابتكر علماء في جامعة «ساوثهامبتون» البريطانيّة ما بدا عكس ذلك تماماً. إذ اخترعوا نظاماً يمكنه تخزين البيانات لـ 13.8 بليون سنة، وهي مدة زمنية تساوي تقريباً تلك التي تؤرخ لنشوء الكون!
هذا الخزان الهائل لا يزيد حجمه عن عملة معدنية صغيرة (بحجم قطعة ربع دولار)، وهو زجاج نانوي البنية ودائري الشكل، ويمكنه تخزين قرابة 360 تيرابايت Terabyte (كل تيرابايت = 1000 غيغابايت) من البيانات الرقميّة. ومكمن الجمال في الجهاز أنه يتحمّل أيضاً حرارة 1000 درجة مئوية، ويحتاج إلى البقاء في حرارة الغرفة العادية كي يختزن بياناته لمدة تكاد تكون أبدية، بل ينهض بذلك الأمر حتى لو بقي في حرارة تقارب الـ 160 درجة مئويّة.
3 -تحويل غاز الكربون إلى منتج صخري
يشكّل غاز ثاني أكسيد الكربون أحد منتجات البشر الأكثر ضرراً، فهو ينبعث من رئاتنا خلال عملية التنفس، كما تنفثه المصانع والآليّات. ومنذ عقود كثيرة، يتراكم ذلك الغاز في غلافنا الجوي، مؤسّساً لظاهرة الاحتباس الحراري الذي يهدد بتدمير البنية الحياتيّة الحالية للكرة الأرضيّة.
وتعتبر مسألة التخلّص من تزايد غاز الكربون في البيئة إحدى التحدّيات الكبرى عالميّاً. وثمة بارقة أمل، إذ ابتكر باحثون في جامعة «ساوثهامبتون» البريطانيّة طريقة للتعامل مع غاز ثاني أكسيد الكربون، عبر تحويله رواسب صخريّة. وضخّ العلماء غاز الكربون في الصخور البركانية في جزيرة «آيسلندة»، وراقبوا تحوّل البازلت إلى بلورات كربونيّة ذات تركيب معدني، بل تراكمت على هيئة حجارة. في الطبيعة، تستغرق تلك العملية ما يزيد على 100 سنة، لكن علماء جامعة «ساوثهامبتون» سرّعوا تلك الآليّة، واختصروا زمنها إلى أقل من سنتين.
بقول آخ، بات بالإمكان التخلّص من الكثافة المتزايدة لغاز ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي المحيط بالكرة الأرضيّة، واستخدام المنتج الصخري المصنّع بسهولة من ذلك الغاز، لأغراض تشمل تشييد المباني وتعبيد الطرق.
4- اختراق هندي في الصواريخ
تواصل «منظمة أبحاث الفضاء الهندية» Indian Space Research Organization (اختصاراً «إسرو» ISRO) مسارها العلمي المتصاعد في صناعة الصواريخ. وحقّقت اختراقاً علميّاً في السنة المنصرمة. وفي نيسان (إبريل) 2016، كسرت «إسرو» بنجاح احتكار الدول الكبرى نظم تحديد المواقع الجغرافيّة على الأرض من الفضاء (كـ «جي بي إس» الأميركي، و «غلوباس» الروسي، و «غاليليو» الأوروبي). إذ أطلقت قمرها الاصطناعي السابع ضمن سلسلة «النظام الهندي الإقليمي لإبحار الأقمار الاصطناعيّة» Indian Regional Navigation Satellite System (اختصاراً «إيرنسس» IRNSS) الذي يشكّل منافساً للـ «جي بي إس» وأشباهه. وكذلك سيمكّن «إيرنسس» المؤسّسات العسكريّة والتجاريّة الهنديّة استخدام نظام الملاحة عبر الأقمار الاصطناعيّة الخاصة في الهند.
وفي أيلول (سبتمبر) من العام نفسه، نجحت «إسرو» في إطلاق مركبة صاروخيّة وضعت فيها 8 أقمار اصطناعيّة في مدارات مختلفة. وأصبحت الهند ثاني بلد عالميّاً، وأول بلد في آسيا، يحقق هذا الإنجاز. وقبل أيام من نهاية العام نفسه، أعلنت المنظمة انها سوف تطلق 83 قمراً اصطناعيّاً في إطلاق واحد، وهو إنجاز لم يحقّقه أحد حتى الآن.
5-»سبايس إكس» تبتكر صاروخ فضاء قابلاً لإعادة الاستعمال
حتى اليوم، نشهد صاروخاً يهبط عموديّاً على الأرض عائداً من مهمة فضائيّة، لكن في الأفلام والرسوم المتحركّة. وفي أرض الواقع، لا يحدث ذلك نظراً الى تعقيدات علميّة شتى. ومثلاً، تهبط صواريخ وكالة «ناسا» المستخدمة في رحلة فضائية ما، بأن تُلْقى في المحيط إذا لم تدمر أثناء دخولها الغلاف الجوي للأرض.
وفي السنة المنصرمة، نجحت شركة «سبايس اكس» Space X، التي أسّسها المهندس إيلون موسك، في استعادة الجزء الأساسي من صاروخ «فالكون 9» الفضائي، عبر عملية هبوط عمودي على سطح سفينة آلية متحكم بها من بعد في المحيط الأطلسي.
واشتهر موسك المولود في جنوب أفريقيا، كمؤسس لشركتي «تسلا موتورز» و «سبايس إكس» الفضائيّة وغيرهما.
وبفضل عملية استعادة صواريخ الفضاء، ستتمكّن وكالات الفضاء من توفير بلايين الدولارات. وبثّت عملية استعادة «فالكون 9» وهبوطه العمودي، على الهواء مباشرة، وشهدها ملايين من عشّاق الفضاء الذين صفقوا كثيراً تقديراً لإنجازات «سبايس إكس» وجهودها المستمرة منذ سنوات.
الأرجح أنّ العلم هو ماء الحياة في حضارة العالم المعاصرة. ولولا الاختراقات العلميّة عبر تاريخ البشرية كنا لا نزال نعيش في الكهوف معتقدين بأن الكوكب الذي نعيش عليه أرضاً مسطحة لا حدود متناهية لها. ولولا اكتشافات العلماء الذين قدّموا اللقاحات والأدوية، لما كان استمرار الحياة الإنسانيّة على الأرض ممكناً. ومن دون إنجازات علماء الفلك، يبقى المريخ والقمر صوراً بعيدة، أو نقاطاً نائية يستحيل الوصول اليها.
لم تتوقف مسيرة العلوم يوماً منذ فجر التاريخ، لكنها تتسارع في عصرنا الحالي في شكل مثير. ولا ينقضي عام من دون أنّ يسجّل العلماء فيه اختراقات جديدة تأخذ الإنسانية خطوات إضافية إلى الأمام.
ومن المستطاع إلقاء أضواء خاطفة على أهم الاختراقات التي أورثها عام 2016 إلى عام 2017 لينعم بها البشر كما يستمر تطويرها نحو الأفضل.
1- خلايا المنشأ تعالج السكتة الدماغيّة وتشفي مشلوليها
في العام 2016، استطاع علماء في جامعة ستانفورد – ولاية كاليفورنيا، ضخ خلايا منشأ Stem Cells (تسمّى أيضاً «خلايا جذعيّة») مستخرجة من نخاع العظم، مباشرة في أدمغة مشلولين بسبب معاناتهم السكتة الدماغيّة المزمنة. وتمكن المشلولون من العودة إلى المشي مرّة أخرى. وكان ذلك الأمر معتبراً بحكم المستحيل علميّاً وعمليّاً، ولم يكن من حلول لأولئك المرضى سوى أن يكونوا طريحي الفراش أو محمولين على الكراسي المتحركّة. وفتح ذلك الاختراق العلمي نافذة جديدة من الفرص في مساعدة مرضى الشلل والسكتة الدماغيّة.
2- ذاكرة «سوبرمان»
في وقت يبدو التدمير كأنه هو القاعدة عالميّاً للأسف، بل يشمل حتى أجهزة التخزين الرقمي، ابتكر علماء في جامعة «ساوثهامبتون» البريطانيّة ما بدا عكس ذلك تماماً. إذ اخترعوا نظاماً يمكنه تخزين البيانات لـ 13.8 بليون سنة، وهي مدة زمنية تساوي تقريباً تلك التي تؤرخ لنشوء الكون!
هذا الخزان الهائل لا يزيد حجمه عن عملة معدنية صغيرة (بحجم قطعة ربع دولار)، وهو زجاج نانوي البنية ودائري الشكل، ويمكنه تخزين قرابة 360 تيرابايت Terabyte (كل تيرابايت = 1000 غيغابايت) من البيانات الرقميّة. ومكمن الجمال في الجهاز أنه يتحمّل أيضاً حرارة 1000 درجة مئوية، ويحتاج إلى البقاء في حرارة الغرفة العادية كي يختزن بياناته لمدة تكاد تكون أبدية، بل ينهض بذلك الأمر حتى لو بقي في حرارة تقارب الـ 160 درجة مئويّة.
3 -تحويل غاز الكربون إلى منتج صخري
يشكّل غاز ثاني أكسيد الكربون أحد منتجات البشر الأكثر ضرراً، فهو ينبعث من رئاتنا خلال عملية التنفس، كما تنفثه المصانع والآليّات. ومنذ عقود كثيرة، يتراكم ذلك الغاز في غلافنا الجوي، مؤسّساً لظاهرة الاحتباس الحراري الذي يهدد بتدمير البنية الحياتيّة الحالية للكرة الأرضيّة.
وتعتبر مسألة التخلّص من تزايد غاز الكربون في البيئة إحدى التحدّيات الكبرى عالميّاً. وثمة بارقة أمل، إذ ابتكر باحثون في جامعة «ساوثهامبتون» البريطانيّة طريقة للتعامل مع غاز ثاني أكسيد الكربون، عبر تحويله رواسب صخريّة. وضخّ العلماء غاز الكربون في الصخور البركانية في جزيرة «آيسلندة»، وراقبوا تحوّل البازلت إلى بلورات كربونيّة ذات تركيب معدني، بل تراكمت على هيئة حجارة. في الطبيعة، تستغرق تلك العملية ما يزيد على 100 سنة، لكن علماء جامعة «ساوثهامبتون» سرّعوا تلك الآليّة، واختصروا زمنها إلى أقل من سنتين.
بقول آخ، بات بالإمكان التخلّص من الكثافة المتزايدة لغاز ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي المحيط بالكرة الأرضيّة، واستخدام المنتج الصخري المصنّع بسهولة من ذلك الغاز، لأغراض تشمل تشييد المباني وتعبيد الطرق.
4- اختراق هندي في الصواريخ
تواصل «منظمة أبحاث الفضاء الهندية» Indian Space Research Organization (اختصاراً «إسرو» ISRO) مسارها العلمي المتصاعد في صناعة الصواريخ. وحقّقت اختراقاً علميّاً في السنة المنصرمة. وفي نيسان (إبريل) 2016، كسرت «إسرو» بنجاح احتكار الدول الكبرى نظم تحديد المواقع الجغرافيّة على الأرض من الفضاء (كـ «جي بي إس» الأميركي، و «غلوباس» الروسي، و «غاليليو» الأوروبي). إذ أطلقت قمرها الاصطناعي السابع ضمن سلسلة «النظام الهندي الإقليمي لإبحار الأقمار الاصطناعيّة» Indian Regional Navigation Satellite System (اختصاراً «إيرنسس» IRNSS) الذي يشكّل منافساً للـ «جي بي إس» وأشباهه. وكذلك سيمكّن «إيرنسس» المؤسّسات العسكريّة والتجاريّة الهنديّة استخدام نظام الملاحة عبر الأقمار الاصطناعيّة الخاصة في الهند.
وفي أيلول (سبتمبر) من العام نفسه، نجحت «إسرو» في إطلاق مركبة صاروخيّة وضعت فيها 8 أقمار اصطناعيّة في مدارات مختلفة. وأصبحت الهند ثاني بلد عالميّاً، وأول بلد في آسيا، يحقق هذا الإنجاز. وقبل أيام من نهاية العام نفسه، أعلنت المنظمة انها سوف تطلق 83 قمراً اصطناعيّاً في إطلاق واحد، وهو إنجاز لم يحقّقه أحد حتى الآن.
5-»سبايس إكس» تبتكر صاروخ فضاء قابلاً لإعادة الاستعمال
حتى اليوم، نشهد صاروخاً يهبط عموديّاً على الأرض عائداً من مهمة فضائيّة، لكن في الأفلام والرسوم المتحركّة. وفي أرض الواقع، لا يحدث ذلك نظراً الى تعقيدات علميّة شتى. ومثلاً، تهبط صواريخ وكالة «ناسا» المستخدمة في رحلة فضائية ما، بأن تُلْقى في المحيط إذا لم تدمر أثناء دخولها الغلاف الجوي للأرض.
وفي السنة المنصرمة، نجحت شركة «سبايس اكس» Space X، التي أسّسها المهندس إيلون موسك، في استعادة الجزء الأساسي من صاروخ «فالكون 9» الفضائي، عبر عملية هبوط عمودي على سطح سفينة آلية متحكم بها من بعد في المحيط الأطلسي.
واشتهر موسك المولود في جنوب أفريقيا، كمؤسس لشركتي «تسلا موتورز» و «سبايس إكس» الفضائيّة وغيرهما.
وبفضل عملية استعادة صواريخ الفضاء، ستتمكّن وكالات الفضاء من توفير بلايين الدولارات. وبثّت عملية استعادة «فالكون 9» وهبوطه العمودي، على الهواء مباشرة، وشهدها ملايين من عشّاق الفضاء الذين صفقوا كثيراً تقديراً لإنجازات «سبايس إكس» وجهودها المستمرة .
أحمد شعلان
اختصاصي لبناني في فيزياء الذرّة