بقلم زياد أبو صالح
عماد لم يحمل السلاح، رغم أنّ حَمْلَ السلاح بوجه الطغاة حقّ وواجب. كان يساعد المحتاجين مِن ضحايا النظام، ممّن نزحوا إلى مدينة إقامته، جَرمانا، بعد أنْ قتَلَ أهلهم ودمرّ بيوتهم وشرّدهم، وكل ما كان بحوزته شهامة ونبل وفروسية وقلب رؤوم يسترشد به إلى مَن يحتاج العون ليوافيه. لعماد، الذي اعتقله فرع “فلسطين”، سيء الذكر، زوجة وثلاثة أبناء، وهو معروف الحسَب والنسب. ونظام الأسد، المجرم المخلوع الهارب، الذي تسبّب بنكبة عائلتنا وتهجيرها، عام سبعة وستين، مع عشرات آلاف الأُسر الجَولانية، أبى إلا أنْ يستكمل غدره وخيانته ويقتص مِن عماد وينتقم مِن وجهه المُحب وضحكته التي كانت مصدر فرح وخير لكل مَن عرفه، ليختطفه مِن بين أهله ومحبيه ويقتله تحت التعذيب ويخفي جثمانه الطاهر، أواخر حزيران 2013.
عماد ليس مِن أولئك الذين التحقوا بالثورة أو قفزوا على ظهرها، إنما مِن الذين أتتهم الثورة حيث هم. لم يحلم إلا بوطن يشبهه ويشبه ما يتمناه لأبنائه وأهله؛ وقد تفتّحت دماؤه ورداً بالخلاص مِن الطغيان وتحقيق استقلال وطننا الثاني…
لم نوفِّر سبيلاً للاهتداء إليه أو معرفة مصيره؛ ودون جدوى. لم نترك مُعتَقلاً حُرِّر أو صورة مِن صور “قيصر” المهرّبة إلا وقلّبناها مراراً وتكراراً؛ ولا أثر أو مَن يُنبئ عن عماد بكلمة، إلى أنْ قطعنا حبل الأمل والشك باليقين، صبيحة هذا اليوم، باتصال مِن فِرَق البحث والإنقاذ على الأرض: ليس لعماد أثر.
الطريق الذي سار عليه عماد أخَذه بملء إرادته وكان يستشرف نهايته، ولم يصغِ لكل الذين حاولوا ثنيه رأفةً به وبأسرته. هذا ما قاله لأخته، في مجدل شمس المحتلة، يوماً واحداً قبل اعتقاله: “إنْ اعتُقِلت، سأورث أبنائي وطناً وحياة ومجداً وسمعة يفتخرون بهم حتى آخر العمر وأكثر ويورثوهم لِمَن بعدهم.
دماء عماد ومَن قضى معه مِن الشهداء الأبرار باقية أبد الدهر منارة لبلدنا وشعبه، وكذلك لعنة سوف تطارد القتَلَة وتقتص منهم، ولو بعد حين.
شكراً مِن القلب باسمنا، نحن أفراد عائلته، لكل مَن حملَ قضية عماد وشاركنا الهمّ والحسرة ووقف إلى جانبنا وخفَّف مِن ألمنا وحسرتنا، وآخرهم فِرق البحث والإنقاذ.
مبروك لنا ولمجدل شمس المحتلة، التي رأى النور فيها، ولكل حبة تراب في وطننا الحبيب…
عماد، اليوم، شهيداً!