يُطلق البعض على مدينة فراكفورت الألمانية اسم “ماينهاتن”، وذلك بفضل أفقها المكتظ بناطحات السحاب المدهشة وموقعها على “نهر الماين”. إنه اسم ملائم لأحد المراكز المالية الرائدة في العالم بالفعل.
رغم ذلك، وعلى النقيض من نيويورك، يضم “رصيف المتاحف” في تلك المدينة الألمانية الشهيرة 13 متحفا رائعا، وجميعها يطل على نهر الماين.
ومع وجود عدد آخر من المتاحف على مقربة من النهر، هناك فرصة ملائمة لاستكشاف مجاميع مختلفة من التحف المعروضة التي تتنوع ما بين الفنون الجميلة والأفلام السينمائية، وهي تمثل رموزا دالة على التواصل وتبادل الآراء. وجميع تلك المتاحف لا يبعد سوى مسافة قصيرة سير عن مركز المدينة.
تقول “إيما برادي” التي عاشت في المدينة لمدة 14 عاماً وتعمل مديرة لشركة “يورو لندن أبوينتمنتس”، وهي متخصصة في توظيف العمالة ذات اللغات المتعددة: “فرانكفورت مدينة عالمية، ولا يبدو عليها أي طابع محلي. إنهم (سكانها) لا يتحدثون هنا باللغة الانجليزية على نطاق واسع فقط، لكن الألمان فيها لديهم حس مرهف تجاه الكيفية التي يتعامل بها الناطقون بالانجليزية في أمور التجارة والأعمال”.
تحتضن فرانكفورت مقرات لكل من “البنك المركزي الأوربي”، و”البنك الاتحادي الألماني”، إضافة إلى ما يقرب من 470 بنكاً آخر، بينها “بنك التنمية الآسيوي”، و”البنك المركزي الصيني”. وتجد في المدينة أيضاً مقر “البورصة الألمانية”، ومؤسسة “يوريكس” لتجارة العملات.
يوفر قطاع التأمين مجموعة من الفرص الوظيفية المحتملة، ذلك لأن المقرات الرئيسية لكل من “مؤسسة التأمين الأوروبي والتقاعد المهني” و”مركز فرانكفورت للتحكيم الدولي” تقع في فرانكفورت. أضف إلى ذلك شركات مثل “دي بي في ـ فينترتور”، و”آراغ”، و”أي إم بي جينرال” و “آر+ في. فيرسيشيرونغ”.
لكن أهمية فرانكفورت لا تكمن فقط في تداول الأرصدة والأسهم والعملات. فعدد سكانها يتجاوز 708 ألف نسمة، وبذلك تكون المدينة أيضاً المحور الرئيسي لمقاطعة “فرانكفورت الراين ـ الماين”، وهي منطقة يقطنها قرابة 5.52 مليون نسمة.
إنها مقاطعة تحوي خليطاً متنوعاً من الصناعات التي تمتد من تكنولوجيا المواد الحيوية إلى المستحضرات والأدوية الطبية، مروراً بشركات الصناعة الآلية. فتجد هنا مقرات رئيسية لشركات عملاقة مثل “سانوفي ـ أفينتس”، و”بوهرينغر إينغيلهايم”، و”نوفارتس”، و”سيمنز”، وذلك على سبيل المثال لا الحصر. كما انتقلت إليها شركات عالمية بما فيها “شركة شاوا”، “تشاينا يونيكوم” و”ويبرو تكنولوجيز”.
وإضافة إلى تاريخ المدينة الحافل بإستضافة المعارض التجارية، والممتد لـ 800 عام، تجد فرانكفورت نفسها الآن تقريباً في موقع القلب الجغرافي للاتحاد الأوروبي. والمكان الرئيسي هنا هو “ميسي فرانكفورت”؛ فهو الموقع المركزي الذي يحتل مساحة 578 ألف متر مربع لعرض المنتجات والمصنوعات، إضافة إلى “مركز المؤتمرات”.
مطار فرانكفورت
أحد أكثر المطارات إزدحاماً في العالم هو مطار فرانكفورت، وهو مفيد جداً للأوروبيين عندما يسافرون في رحلات بدون توقف إلى سيول وشغنهاي. ويبعد ذلك المطار مسافة 13 كيلومتراً عن وسط المدينة .
Image copyrightGetty Images
تجد في مبنيي المطار مقابس التغذية الكهربائية لشحن البطاريات وخدمة الإنترنت اللاسلكية (واي فاي) بالمجّان.و توجد قبالة مبنى المطار رقم 1 مباشرة قاعة للمؤتمرات، مع مساحات قابلة للترتيب حسب الطلب، إضافة إلى تقديم الطعام.
أما “قاعة سكاي” في المبنى “رقم 2″، فيتم فيها توفير موقع هاديء للمسافرين العابرين لمزاولة أعمالهم، أو الاسترخاء مقابل 35 يورو (40 دولار أمريكي) لمدة ثلاث ساعات. كما توجد ضمن منطقة المسافرين العابرين غرف للتدخين.
تتوفر سيارات الأجرة خارج مبنيي المطار وتستغرق الرحلة الى وسط المدينة حوالي 20 إلى 30 دقيقة وتكلف42 يورو (47 دولار أمريكي) تقريباً. وكبديل لذلك، فإن محطة “إس-بان” تقع مباشرة تحت “المبنى رقم 1”.
ومقابل مبلغ 4.55 يورو (5 دولارات أمريكية)، يمكنك أن تستقل قطاراً محلياً، “الخط 8” أو “الخط 9″، ليوصلك إلى محطة قطار فرانكفورت المركزية “هاوتباهنهوف” خلال 11 دقيقة تقريباً.
ولمتابعة الرحلات بالقطارات، فإن شركة “دويتشه باهن” تشغّل يومياً أكثر من 170 رحلة بالقطارات عالية السرعة والتي تنطلق من محطة قطاراتها الرئيسية قبالة “المبنى رقم 1”.
الأمور المالية
تُستعمل بطاقات “ماستركارد” و “فيزا” على نطاق واسع هناك. كما ترحب العديد من المتاجر بحاملي بطاقات “أميركان إكسبريس”. ولكن بالنسبة لمشتريات بمبالغ تقل عن 20 يورو، فقد يُطلب منك أن تدفع نقداً.
يمكن استعمال بطاقات الدفع الذكية أيضا مع بعض ماكينات الدفع النقدي. أما في الأماكن الأخرى فلا يزال طلب الإمضاء أمراً اعتيادياً. يمكن تحصيل الشيكات السياحية في البنوك، ولكن من غير المرجح قبولها في أماكن أخرى.
Image copyrightGetty Images
لا يقبل جميع أصحاب سيارات الأجرة الدفع ببطاقات البنوك. لذا، ينبغي عليك عند التعامل مع سائقي سيارات الأجرة والحافلات، وشراء القهوة والوجبات الخفيفة، أن تحتفظ بكمية من النقد. ويجب أن يكون جزءٌ من هذا النقد على شكل قطع معدنية لاستعمالها في المشتريات الصغيرة وماكينات الدفع النقدي.
خلفية ثقافية
يفتخر الألمان بالتزامهم بالمواعيد. لذا، لا تتخلف عن الوصول عندما يكون لديك موعد معهم. تقول “برادي”: “إذا ما تأخرت، سيظنون أنك غير مهذب. التنظيم والتخطيط هي من خصال الألمان. ولكن لا تصل مبكراً جداً أيضاً. خمس أو عشر دقائق كحد أقصى قبل الموعد. إن نقطة البداية التي تدل على أنك شخص يتمتع بالكفاءة هي الوصول في الوقت المحدد.”
الاستقامة هي موضع تقدير أيضا، ولكنها تعتبر تدخلاً في الأمور الشخصية إذا ما تناولت الحياة الخاصة. تقول “برادي”: “مع الألمان، ستعرف ما هو موقعك. إنهم صريحون جداً. اللقاءات هي لقاءات عمل وتُناقش فيها أمور التجارة والأعمال. إذا ما خرجتم لتناول الغداء، فإن من المواضيع العمومية المناسبة لمناقشتها هي السفر والطقس، ولكن بشكل خاص الرياضة ـ كرة القدم، التزلج على الثلج، وركوب الدراجات.”
الفنادق
“فرانكفورت ماريوت” هي ناطحة سحاب منمقة تقع مباشرة قبالة أرض المعارض “ميسي فرانكفورت” وعلى مقربة من الحي المالي. إنه فندق خمس نجوم، ويبقى مركز الأعمال، وكذلك مركز اللياقة البدنية فيه مفتوحين طوال ساعات اليوم وطيلة أيام الأسبوع.
Image copyrightThinkstock
كما يوفر الفندق موقفاً للسيارات وخدمة الإنترنت “واي فاي”، وخدمة الإرشاد والتوجيه للنزلاء، إضافة إلى أماكن كثيرة وفسيحة لعقد الاجتماعات وإقامة الأنشطة.
وتقدم صالة كبار الزوار في الطابق 43 وجبة الإفطار والوجبات الخفيفة، ويمكنك في نفس الوقت أن تلقي نظرة على مناطق شاسعة من المدينة. وبالنسبة لبعض نزلاء الفندق، تُعتبر مشاهدة شاشات التلفزيون، في البار الرياضي ذي النمط الأمريكي، واحدة من أفضل مزايا الفندق.
مقابل محطة القطار الرئيسية، وعلى بعد مسافة قصيرة من أرض المعارض والحي المالي، يقع فندق “مانهاتن” المستقل بذاته. وهو يقدم خدمة أربع نجوم، ومنظم بشكل جيد، مع خدمة مجانية للإنترنت “واي فاي”، وبعض الخدمات المكتبية. أما صالة تناول المشروبات فهي لا تغلق أبوابها طوال ساعات اليوم.
يقع على مقربة منه فندق بثلاثة نجوم هو “فرانكفورت إنترسيتي”. توجد في الفندق خدمة الإنترنت المجانية “واي فاي”، وغرفة تدريبات رياضية، وحمام بخاري (ساونا)، وغرف للاجتماعات ذات إضاءة طبيعية. وللتنقل مجاناً بوسائل النقل العمومية، ما عليك إلا أن تُظهر بطاقة حجز غرفتك.
وجبة لشخص واحد
إذا كنت كثير الإنشغال بجولات سياحية، فيمكنك الانطلاق إلى الطابق 53 من مطعم “ماين تاور”، لتشهد مناظر خلابة للمدينة وقت الأصيل. وقد تم إختيار ذلك الموقع مؤخراً من بين أكثر الأماكن المفضلة لدى السكان المحليين.
وتكلف وجبة طعام من ثلاثة أطباق نحو 79 يورو (89 دولار أمريكي) أو أكثر، بما في ذلك رسوم استعمال المصعد، بالإضافة إلى مجموعة مختارة من النبيذ.
وللحصول على أجواء أقرب إلى الريف، توجه إلى منطقة “زاكسينهاوزن القديمة” ذات الشوارع المرصوفة بالحصى. هناك ستجد عصير التفاح الكحولي المنتج محلياً، ويسمونه نبيذ التفاح. ويعتمد الطهي في هذه المنطقة على اللحوم في الأساس.
Image copyrightThinkstock
كما توجد أيضاً الصلصة الخضراء، وهي عشب دسم مطبوخ يقدم مع البيض والبطاطا المسلوقة، و”هاندكيزه” – وهي جبنة طرية منقعة في الزيت والخل والبصل المفروم – التي تقدم في أجواء من الموسيقى.
في الحانات التقليدية، مثل “آتشه” والتي تأسست عام 1849، يجلس الزوار على مقاعد بجوار طاولات خشبية طويلة. وعندما يكون الطقس جميلاً، يمكن الجلوس على أريكة الحديقة الواسعة. وهناك حانات قديمة معينة، مثل “فيشتاكرينزي”، لا تقبل الدفع ببطاقات الائتمان.
أوقات الفراغ
لكي تزج بنفسك لمشاهدة بعضٍ من أرقى الفنون الأوروبية التي أُنتجت خلال الـ700 سنة الماضية، عليك أن تدخل إلى متحف “شتيدل”. وقد احتفل ذلك المتحف بذكرى تأسيسه الـ200 في هذا العام. وتشمل مقتنياته أعمالاً فنية بارزة لقدامى الرسامين الكبار من أمثال “فيرمير”، و”رامبرانت”، و”بوتيتشيلي”، ولفنانين حديثين من أمثال “ديغا” و”مونيه” و “بيكاسو”، ولوحات لفنانين معاصرين من أمثال “فرانسيس بيكون” و”جيرهارد ريختر” و”أيف كلان”.
يُنصح بقوة بقضاء ليلة في “أوبير فرانكفورت”، وهي دار الأوبرا الحديثة في المدينة. وستجد، تحت إدارة “بيرغد لوب”، برنامجاً حياً من الأعمال الموسيقية الكلاسيكية والحديثة. وسيشهد هذا الخريف عرضاً لأوبرا “الفتاة بائعة الكبريت” وبإخراج فني جديد.
ويستند هذا العمل الفني على قصة للكاتب “هانس كريستيان أندرسن”، وستُغنى باللغة الألمانية. كما ستُعرض أوبرا “زواج فيغارو” للفنان الشهير “موزارت”، وستُغنى باللغة الايطالية من باب التجديد.
اعتبارات خاصة
ترتفع تكاليف الإقامة في الفنادق بشكل كبير أثناء إقامة المعارض التجارية الكبرى: إحدى الحلول هي الحجز في فندق “موتيل وان”؛ إنها سلسلة فنادق ألمانية رخيصة، سريعة التوسع والانتشار، لها فندقان في فرانكفورت إضافة الى آخر في المطار.
كما سيُفتتح فندق رابع في عام 2016. و تبدأ تكلفة الإقامة في إحدى غرف فندقي المدينة من 69 يورو (77 دولار أمريكي) فأكثر. أما الحد الأقصى للرسوم المضافة أثناء إقامة المعارض وغيرها من النشاطات فهي 70 يورو (79 دولار أمريكي).
وللحصول على خيارات بأسعار معقولة أكثر، ولغرض إيجاد فرصة لممارسة اللغة الألمانية، فإن هيئة السياحة قد جمعت قائمة بالغرف المتوفرة في البيوت الخاصة. وتبدأ تكلفة الإقامة في إحدى هذه الغرف من 60 يورو لليلة واحدة (67 دولار أمريكي)، ومن دون وجبة الإفطار.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Capital.