ربما يجهل كثيرون اسم “آرتور فيشر” الذي توفي في منزله في بلدة والداختال بجنوب غرب ألمانيا في 27 يناير/كانون الثاني وله من العمر 96 عاما، لكن هذا العالم يملك من براءات الاختراع ما يتفوق به على إديسون رغم أنه لم يكمل دراسته الإعدادية.
فيشر الذي ترك المدرسة في سن 13 عاما ليعمل متدربًا لدى صانع أقفال في شتوتغارت، خرج بأول اختراع له عام 1947 عندما أراد التقاط صورة لمولودته الجديدة، ففي ذلك الوقت كان يستخدم مسحوق المغنيسيوم ليلعب دور الفلاش عند التصوير في الأماكن الداخلية، يلزم إشعاله بفتيل وهو ما كانت تصاحبه خطورة فضلًا عن رداءة الصورة.
ولحل هذه المشكلة اخترع فيشر آلية الفلاش المتزامن الذي يضيء عندما يفتح مغلاق الكاميرا، وقد اشترت هذا الاختراع شركة “آغفا” البلجيكية المتخصصة في صناعة الكاميرات، ليواصل بعد ذلك فيشر مسيرته بمئات من الاختراعات على مدى سبعة عقود مثلت حلولا لمشكلات فنية مزعجة.
فعلى سبيل المثال كانت تواجه عمال البناء وهواة إصلاح المنازل على حد سواء مشكلة إدخال برغي بإحكام في حائط من الجص، فاخترع عام 1958 تلك الإسفينة البلاستيكية المشقوقة التي يتم إدخالها في ثقب الحائط ثم يوضح البرغي داخلها، وكلما تم لف البرغي فإن تلك الإسفينة تمنعه من الخروج من الجص وكلما تعمق البرغي أكثر فإن جوانبها تتوسع لتضغط بشدة على الثقب.
ويُصنع حاليا نحو 14 مليون نوع من أسافين “فيشر” يوميا في مختلف أنحاء العالم.
وتقول مجلة دير شبيغل الألمانية عن فيشر “إن ما يمثله بيل غيتس للحاسوب الشخصي، هو ما يمثله آرتور فيشر لهواة إصلاح المنازل بأنفسهم”.
ومن اختراعات فيشر الأخرى حاملات الأكواب ذات الغطاء القابل للطي، وفتحات التهوية، ومواد اللعب القابلة للأكل المصنوعة من البطاطا. وكانت اختراعاته المتواضعة تقود إلى فوائد جانبية، فقد طبق اختراعه إسفينة الحائط على سبيل المثال لصنع سلسلة من الأسافين الجراحية لتثبيت العظام المكسورة.
ويملك فيشر من الاختراعات ما يقدمه على توماس إديسون، الذي يملك 1093 براءة اختراع مسجلة باسمه، في حين يملك فيشر أكثر من 1100 براءة اختراع، وتقديرا لإنجازاته منحه مكتب براءات الاختراع الأوروبي عام 2014 جائزة الإنجاز مدى الحياة.
يشتهر فيشر في ألمانيا بحزمة اللعب “فيشر تكنيك”، وهي مجموعة من مكعبات النايلون مع محركات كهربائية، وخلايا حساسة للصور اعتاد طلبة المدارس والهواة استخدامها لصنع آلات وروبوتات، واستخدمها المهندسون لصنع النماذج الأولية.
من العسكرية إلى الإبداع
ولد أرتور فيشر في 31 ديسمبر/كنون الأول 1919 في توملينجن التي أصبحت جزءا من بلدة والداختال، وكان أبوه خياطا، لكن أمه شجعته منذ البداية على تطوير قدراته وساعدته على إعداد مشغل في المنزل.
بعدما ترك المدرسة حاول دخول الجيش على أمل أن يصبح طيارا، لكنه كان ضعيف البصر وقصير القامة ويفتقر لشهادة الثانوية العامة، فتدرب ليصبح ميكانيكيا في سلاح الجو الألماني.
نجا فيشر من معركة ستالينغراد حيث غادر على آخر طائرة، ثم أسر لاحقا في الحرب في إيطاليا وأرسل إلى معسكر أسرى الحرب في إنجلترا، وبعد عودته إلى موطنه عام 1946 عمل مساعدا في شركة هندسية وبدأ صنع ولاعات ومفاتيح من الخردة العسكرية.
في عام 1948 أسس فيشر شركته الخاصة، مجموعة فيشر، التي تملك اليوم 42 شركة فرعية في كافة أنحاء العالم، ويعمل بها أربعة آلاف شخص وتبيع نحو 14 ألف منتج في أكثر من مئة دولة، والتي سيرثها بعد وفاته -ووفاة زوجته ريتا غونسر عام 2013- ابنه كلاوس وابنته مارغوت.