فيلاي يدخل التاريخ كاول مسبار يهبط على سطح مذنب

صورة تخيلية نشرتها وكالة الفضاء الاوروبية لفيلاي بعد هبوطه على النيزك

تمكن المسبار الفضائي فيلاي من الهبوط على النيزك “شيرموف جيراسمينكو” وذلك بعد انطلاقه من سفينة الفضاء روزيتا التابعة للاتحاد الاوروبي والتى حلقت لبرهة فوق النيزك.

وتعد هذه المرة الاولى في تاريخ البشرية التى يتمكن الانسان فيها من انزال مسبارعلى سطح احد النيازك.

وارسل المسبار اول اشاراته الى غرفة التحكم في دارمشتاد في المانيا ليبدأ في نقل الصور والبيانات من فوق سطح المذنب الثلجي والذي جاء من خارج المجموعة الشمسية.

وتتكون المذنبات في اجزاء بعيدة من الفضاء ثم تقترب من المجموعة الشمسية بسبب جاذبية الشمس وتدور حولها قبل ان تعود الى خارج المجموعة الشمسية مرة اخرى اذا لم تختفي بشكل كامل في رحلتها نحو الشمس.

وقال جان جاك دوردان رئيس فريق تسيير المسبار في غرفة التحكم “فيلاي يتحدث الينا ونحن الان فوق سطح المذنب”.

ومن المفترض ان تفيد البيانات والصور التى يرسلها فيلاي في فهم طبيعة وتكوين النيزك.

ويامل الباحثون ان تحوي البيانات التى سيحصلون عليها من فيلاي ما يساعدهم في فهم طبيعة تشكل المجموعة الشمسية قبل نحو 5 مليارات سنة.

ويمكن لهذه العينات ان تكشف كيف تشكلت الارض والكواكب الاخرى لان المذنبات هي مخلفات نتجت عن تشكل المجموعة الشمسية.

ويعتقد علماء ان المذنبات قد تكون مسؤولة عن جلب جزء كبير من المياه التي تمتليء بها المحيطات الان.

هل يفك ‘فيلاي’ لغز نشأة الحياة على الارض؟

نجاح الروبوت “فايلاي” في الهبوط اليوم على سطح المذنب “تشوريوموف-غيراسيمنكو”، سينكب على دراسة مادة عضوية يمكن ان تلقي الضوء على اصل تشكل الحياة على الارض، على ما يقول عالم الفيزياء الفلكية فرنسيس روكار.
وهذه المهمة التي تحمل اسم “روزيتا” هي الاولى في تاريخ استكشاف الفضاء التي تنطوي على انزال مسبار على سطح نواة مذنب.
ويحمل الروبوت اسم “فايلاي”، وهو سينفصل عن المركبة “روزيتا” ليهبط على نواة المذنب، حيث ينبغي ان يجري اعمال حفر وجمع عينات لدراستها وتحليلها، في عملية شديدة التعقيد تقنيا بحيث تطرح اسئلة حول الجدوى العلمية منها.
ويجيب فرنيس روكار على ذلك بالقول “المذنبات اشبه ما تكون بثلاجة تحفظ في داخلها منذ 4,56 مليارات سنة المادة الاساسية التي تتكون منها الكواكب والكويكبات”.
فالمذنبات اجرام قديمة جدا في النظام الشمسي الذي يقع فيه كوكبنا، “امضت الغالبية الساحقة من عمرها بعيدة عن الشمس، فلم تتعرض المواد المكونة لها لدرجات حرارة مرتفعة ولم تتغير”، على ما يؤكد هذا العالم المسؤول عن برنامج روزيتا في وكالة الفضاء الفرنسية، في حديث لوكالة فرانس برس.
وتلاقي المذنبات اهتماما كبيرا من العلماء لسببين، “ففي المجموعة الشمسية، تعد هذه الاجرام الاكثر غنى بالغازات المختلفة المجمدة، والمياه، وقد تكون ساهمت في نقل المياه الى كوكب الارض”.
والسبب الثاني ان “المذنبات غنية ايضا بمادة الكربون بتركيبة غير معروفة لنا حتى الآن”، وهذه المواد الكربونية ذات التكوين المعقد ضرورية لنشوء الحياة.
ويشير روكار الى ما يتداوله العلماء من امكانية ان تكون المذنبات التي ارتطمت بكوكب الارض جلبت معها هذه المواد وساهمت في تشكل الحياة.
فكوكب الارض الذي تكون بعد بضع عشرات ملايين السنين من نشوء المجموعة الشمسية، ارتطم به عدد كبير جدا من الكويكبات والمذنبات على مدى 600 مليون سنة من تكونه.
ويشير روكار الى انه “حين استقرت الاوضاع على سطح الكوكب، واصبحت المياه عليه سائلة، باتت المذنبات تلقح المحيطات بالمواد العضوية المركبة”.
ويقول “تفاعلت المواد الآتية مع المذنبات في هذه البيئة المائية وظهرت اولى الاغشية ومن ثم الخلايا والحياة”.
وتعزز هذه الفرضيات دراسات ومهمات فضائية سابقة، منها مهمة المسبار “ستارداست” الذي رصد في احد المذنبات وجود مادة غليسين، وهي نوع من الاحماض الامينية التي تعد مكونا اساسيا للبروتين.
ومن الاسئلة التي يأمل العلماء ان يجيبوا عليها، هي ما ان كان جزء من المياه الموجودة على كوكب الارض ذا مصدر آخر غير المذنبات.
ويقول العالم “نعتقد ان المياه التي تشكلت على سطح الارض نتيجة التبخر في المراحل الاولى من عمر الارض (اي حين كانت ذات صخور ملتهبة) تبددت في حوادث فلكية كبيرة منها الارتطام الذي ادى الى نشوء القمر”.
وعلى ذلك، فان المياه الموجودة حاليا على سطح الارض مصدرها ظاهرة الارتطامات الكثيفة للمذنبات بالارض، والتي يعتقد العلماء انها وقعت قبل نحو 3,9 مليارات سنة.
ويقول روكار “سنحاول من خلال مهمة روزيتا ان نقيس النسبة بين الجزيئات المكونة للمياه على سطح المذنب ونقارنها بنسبة الجزيئات المكونة للمياه على سطح الارض”.
لكن استخلاص النتائج لن يكون امرا سهلا، اذ ان هذه النسبة تتفاوت بين مذنب وآخر.
رغم ذلك، يشدد روكار على ان النتائج التي ستأتي بها مهمة روزيتا، ولا سيما البيانات التي سيرسلها الروبوت “فايلاي” من سطح المذنب، ستقلب كثيرا من المفاهيم حول المذنبات، وتساهم في التعمق في فهم مسار تكون الحياة”.

تعليقات

التعليقات مغلقة.

+ -
.