في عيدها.. المرأة الغربية ضحية للعنف أيضاً

اعتاد العالم العربي صورة نمطية للمرأة في الغرب، تظهرها أنيقة وناجحة ونضرة، تتبوّأ مناصب قيادية مثلها مثل الرجل. لكن أحداً لا يعرف فعلاً ماذا يحصل في البيوت وأماكن العمل، وما تواجهه النساء في الغرب من عنف يومي، تحرش وتخويف وقتل، يجعلهنّ كباقي نساء العالم، ضحايا لعنف الرجل سواء كان زوجاً أو شريكاً أو عابر سبيل تواجهه في الشارع.

قبل أيام، أصدر الاتحاد الأوروبي تقريراً عن العنف ضد النساء، قدّم صورة أكثر واقعية عن وضع النساء في دوله، وكشف عن اتساع دائرة هذه الظاهرة إلى درجة لا يمكن السكوت عنها، لاسيما بعدما خلص التقرير الى أن ثلث النساء في دول الاتحاد، أي حوالي 62 مليون امرأة، تعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي منذ عمر الـ15، وأن واحدة من بين كل عشرين تعرضت للاغتصاب.

والصورة الرئيسية المرفقة بتقرير لجنة الحقوق الأساسية التابعة للاتحاد الأوروبي الذي تضمن نتائج أكبر إحصاء من نوعه في تاريخه شمل 42 ألف سيدة، تظهر وجه امرأة أوروبية جانب منه نضراً ومبتسماً، تمتد يد لتمزّقه من الوسط، ليبرز جانب آخر من الوجه وعليه كدمات، في اشارة الى تعرضها للعنف.

إذاً، فضح التقرير للمرة الأولى إلى أي مدى تتعرض الأوروبيات للاستغلال في البيت والعمل وفي الأماكن العامة وعلى الإنترنت.

فيديو ترويجي

وأرفقت اللجنة التقرير بشريط فيديو ترويجي، يبدأ بشهادة لإحدى السيدات تقول فيها: “كنت أتعرّض للضرب بشكل منتظم، كانت معدتي تتشنّج حين كنت أعرف أنه عائد إلى المنزل”، تلتها شهادة أخرى لامرأة تقول: “شعرت أنه ليس باستطاعتي التركيز على عملي، شعرت بالإهانة على يد المتحرش، وبأن لا قيمة لي كامرأة”.

ويدعو التقرير دول الاتحاد الأوروبي إلى التعامل مع العنف المنزلي باعتباره قضية عامة وليس مشكلة فردية، ويحض على ضرورة مراجعة القوانين الخاصة بالتحرش الجنسي.

ويشير التقرير إلى أن 22 في المئة من النساء المشاركات في الدراسة عانين من العنف الجسدي أو الجنسي من الشريك، بينما آثرت 67 في المئة من النساء عدم إبلاغ الشرطة بحوادث العنف المنزلي.

تقول جوانا غودي، المشاركة في كتابة التقرير، إن الدول الليبرالية تشهد مستويات عالية من العنف الجسدي، حيث أظهر التقرير أن الدول التي شهدت أعلى نسب من العنف ضد النساء هي الدنمارك بنسبة 52 في المئة، وفنلندا بنسبة 47 في المئة، والسويد بنسبة 46 في المئة، بينما جاءت بريطانيا وفرنسا في المركز الخامس بنسبة 44 في المئة. أما بولندا، فسجلت أدنى مستوى بنسبة 19 في المئة.

العنف المنزلي في أميركا

ولا يختلف الأمر كثيراً في الولايات المتحدة، حيث تشير الأرقام الرسمية إلى أن ثلاث نساء يقتلن يومياً على يد أزواجهن. وتظهر الإحصاءات أنه مقابل 6614 قتيلاً أميركياً في أفغانستان والعراق، قتلت 11766 امرأة منذ بدء الحربين، بسبب العنف المنزلي في الولايات المتحدة.

والصادم أن عدد النساء اللواتي قتلن نتيجة العنف المنزلي في هذه الفترة أعلى بقليل فقط من عدد طلبات المساعدة الصادرة عن نساء تعرّضن للعنف.

الجدير ذكره أنه في أيلول (سبتمبر) 2013، أظهرت دراسة أجرتها الشبكة الوطنية للقضاء على العنف المنزلي، أن 66581 شخصاً يطلبون المساعدة يومياً لتعرضه/ها للعنف المنزلي في الولايات المتحدة.

وفي مقابل العنف المنزلي، صدرت تقارير كثيرة عن العنف الجنسي في الجيش الأميركي، وكتب تيري أونيل، رئيس المنظمة الوطنية للنساء في أميركا، في صحيفة “هافنغتن بوست” الشهر الماضي أنه بحسب تقرير لوزارة الدفاع وقع 26 ألف حادث تحرش واعتداء جنسي في العام 2012 ضد نساء ورجال أي بارتفاع نسبته 37% عن العام 2011، وتم تسجيل 3374 منها بشكل رسمي وجرت محاكمة 302 شخصاً أدين 238 منهم فقط.

وقالت 50% من النساء من ضحايا العنف الجنسي في الجيش الأميركي إنهن لم يبلّغن عمّا تعرّضن له لعدم اعتقادهن بأن أي إجراء سيتخذ.

أما في العام 2014، فأظهر تقرير آخر صادر عن وزارة الدفاع أن أكثر من امرأة من أصل خمسة في صفوف الجيش أبلغن عن تعرضهن لاتصال جنسي غير مرغوب أثناء الخدمة في الجيش.

40 روسية يمتن يومياً

العنف ضد المرأة مستشري في روسيا أيضاً، حيث تشير تقديرات وزارة الداخلية الروسية إلى أن 600 ألف امرأة يتعرضن للعنف المنزلي الجسدي واللفظي سنوياً، وأن 14 ألفاً يمتن نتيجة إصابتهن بجروح سببها أزواجهن أو شركائهن، أي حوالي 40 امرأة يومياً.

ورغم هذه الأرقام المرتفعة، لا تتوفر أماكن كافية لإيواء ضحايا العنف المنزلي. والملفت أنه في العاصمة موسكو، التي يبلغ عدد سكانها 12 مليون نسمة، هناك ملجأ واحد فقط تموله الحكومة.

وليس بعيداً عن هذا الموضوع، أظهر استطلاع أن 72 في المئة من الروس يعتقدون أن المرأة مكانها المنزل ويجب أن تغلّب حياتها العائلية على حياتها الخاصة.

لا تلغي هذه الإحصاءات، سنوات طويلة من كفاح النساء في الغرب لنيل حقوقهن والوصول إلى مساواة مع الرجل في القوانين والتشريعات، ولكنها تؤشر إلى أن ظاهرة العنف ضد المرأة لا ترتبط بالضرورة بغياب القوانين التي تحميها، بل بمنظومة اجتماعية مازالت تمنح الرّجل نفوذاً أكبر من المرأة، وتجعلها خاضعة لقوّته المعنويّة في أكثر المجتمعات حداثة.

+ -
.