قراءة وتحليل للوضع الحالي فيما يخص فيروس الكورونا حسب وجهة نظر الدكتور جلال البطحيش اخصائي إدارة كوارث

أعزائي أهل بلدي الجولان الحبيب
نظرًا لوجودنا الآن في مرحلة جديدة من تفشيّ وباء ّ الكورونا، مرحلة مُرفقة بمعطيات مُستجدة ومعلومات مختلفة في العالم ككلّ وفي ومنطقتنا بالأخصّ.
تبعًا لذلك وجدتُ أنّه من واجبي المهنيّ أنّ اشارككم اخر المُستجدات والمعلومات حول هذا الوباء اللعيّن – أشرح لكم أين نحنُ الان، ماذا مرَ علينا، وإلى أين ذاهبون بالمستقبل القريب والبعيد. وتوصياتي لمواجهة هذا المرض.
بات الكلّ يعرف ما يكفي عن الكورونا، باختصار مرض مُعديّ في طبيعته وينتشر بسرعة. في البلاد حتّى اليوم عدد المصابين ككُل ما يُقارب9000 مُصاب، عدد الوفيات منهم ما يُقارب ل 60 شخص. عالميَا اصاب ما يُقارب مليون ونصف المليون انسان، وقتل أكثر من 75000 شخصا.
حاليَّا لا نمتلك أيّ قُدرات خارقة للتنبؤ بالمستقبل وعلم الغيب، لكننَا نمتلك ما يكفي من الأدوات والقُدرات لتحليل بعضًا من المُعطيات بعلم الأوبئة واعتمادًا على أحداث سابقة لأوبئة فتكت بالبشرية (الطاعون سنه 750+1351 , الكوليرا 1823 , الأنفلونزا الإسبانية 1919 , انفلونزا هونك كونغ 1970، المتلازمة التنفسية الحادة 2003 , أنفلونزا الخنازير 2010 , ايبولا 2014) بالاعتماد على هذه المُعطيات أؤكد لكم انه قريبَا سوف ينتهي هذا الوباء.
جميعُنا نمرُ بهذه الأزمة، نتشارك ذات المشاعر، مشاعر التّوتر الشّديد، القلق والخوف، سواءً من المستقبل الغامض أو من ضغط في العمل والمنزل، أو الخوف من الإصابة بالمرض ونقل العدوى للآخرين. إرشادات يوميّة ومُتغيّرة من وزارة الصّحة وأخبار أخرى مُتعدّدة عن المرض، طُرق الوقاية والعلاج منها الكاذبة ومنها التي لا تحمل مصداقيّة المصدر.
لذا فالسؤال المركزيّ هو: متى يعود جولاننا الحبيب لحياتهِ الطبيعية؟
أولًا للإجابة عن هذا السؤال يجب التّطرق إلى نقاط أساسيّة ومُهمّة وفهمها بعُمق:

  • هنالك طريقتان للقضاء على أيّ وباء يُصيب البشريّة، هذه الطُّرق تنطبق أيضَّا على الكورونا
    1- عن طريق اختراع وتطوير تطعيم.
    2- او عن طريق ما يُسمّى ״ تطعيم القطيع״. الذي يظهر حينما يُصيب 50-70% من الناس، وبعدَ الإصابة والشّفاء أجسامهم تقوم بتكوين اضداد ضد هذا الفيروس، وهكذا ينتهي المرض.
    لكن من الجهة الأخرى للطرق المطروحة سابقًا هنالك سلبيات لا يُمكن تجاهلها وهي:
  • بالنّسبة للتّطعيم: هنالك جهود دوليّة جبارة لإنتاجه –هنالك تقدم ملحوظ – توقعاتي أنّ خلال الشتاء القادم سوف يكون اللقُاح مُتاحا (ولكن كأيَ لقاح اخر سوف يكون هنالك اختلاطات – ودرجات فعالية متفاوتة)
  • أمّا بالنّسبة لتطعيم القطيع: في هذه الحالة سوف يصاب ما يقارب 7 ملايين شخص بالبلاد – وبحسب التقديرات سوف نواجه الالاف من حالات الوفاة في فترة قصيرة (النّسب حُسبت حسب القدرة القاتلة للفيروس 3-10%, بالإضافة إلى مُعادلة نسبة “سرير بالعناية المكثفة ل 100 ألف مواطن” التي هي 2.2، حيث نُصنّف بالمرتبة العاشرة عالميًّا– مثلا: اليابان 7.8 – المانيا 6 (النّسبة تعني أنّه القدرة لاستيعاب مرضى أكثر بالعناية المُشددّة، وبالتالي فرصه لتلقي العلاج الطبيّ والمراقبة الأكثر فعالية).
    الكثيرون يتسألون ماذا يفيد الحجر المنزليّ وعدم الاختلاط بالناس، والتقيد بتعليمات الوقاية الشخصية (معقمات – كمامات ……)؟؟
    الإجابة: لا يوجد تطعيم للمرض بالمستقبل القريب – ولن نخاطر بحياة الاف الأشخاص لذا فالحلّ الوحيد هو الحجر الذاتيّ.
    الهدف من الحجر: هو تقليل ما يُسمى ” عامل العدوى ” اي سرعة انتشار الوباء عن طريق العدوى. وبالتالي عدد المرضى اقل، وهكذا تستطيع المستشفيات استقبال المرضى تدريجيَّا وإعطاء العلاج المناسب وعدم الوصول إلى ما يحدث في إيطاليا الآن. المستشفيات بالبلاد مُجهزّة لاستقبال حوالي 1500 مريض من أولئك الذين يحتاجون لأجهزة الدّعم التنفسيّ. حتّى الان هنالك حوالي 100 مريض تحت هذه الأجهزة، ولا يُمكن تجاهل نسبة المرضى العاديين الذين يحتاجون هذه الأجهزة ايضا.
    من الجدير بالذكر ان بالحجر الصّحيّ نُحافظ على تقليل اصابة كبار السن، وذويّ الأمراض المُزمنة، الذين هم عرضه أكثر للاختلاطات من هذا الفيروس.
    إلى متى سيستمر الحجر الصّحيّ؟
    تم طرح عدّه نماذج إحصائيّة لحساب المُدّة الزّمنيّة المطلوبة في الحجر الصّحيّ للقضاء على الوباء. منها تحليل تسارع الإصابة، الذي هو الناتج من تقسيم عدد الاصابات في يوم معين على عدد الاصابات في اليوم الذي سبقه. وهذه له علاقة وطيدة مع عامل العدوى، نسبة الحجر ودرجته، تحديد المرضى المصابين ووضعهم في حجر تام (في البلاد يتم يوميا فحص 5-15 ألف شخص، وبالتالي تقليل نسبة انتشار الوباء). وخير مثال على فعالية الحجر ما حدث في الصين، بحيث نسبة انتشار العدوى هبطت من 30% الي 0.4% خلال فترة قصيرة من تطبيق حجر صحي صارم. وبالتالي نجحوا في التغلب على الوباء.
    مثلا تسارع الإصابة بشكل عام في بالبلاد:
    14/3 = 1.93
    18/3 = 1.58
    = 1.34 3/22
    24/3 = 1.22
    27/3 = 1.19
    30/3 = 1.10
    من تحليل هذه النتائج نرى ان تسارع الإصابة يتجه نحو الأسفل وقريبا سوف نجد هبوط بعدد المصابين. ومن المتوقع ان نصل ل 16-25 ألف أصابه في هذه المرحلة. وخلال 3 أشهر ترجع الحياة لطبيعتها وهكذا يمكنني ان اعود لأهلي ورفاقي واضمهم وكل منا يجتمع بأحبائه.
    ولكن هنالك عوامل ممكن ان تؤثر على ارتفاع النسبة الا وهي عدم تقيد فئات معينه من المجتمع بالحجر الصحي (مثلا انشار المرض بمنطقة بني براك- حيث هنالك عامل تسارع الإصابة بتزايد) وحسب رأيي يجب التعامل بحزم لمن يخالف القانون. على كل شخص ان يعرف ويدرك ان عدم انصياعه للتعليمات – عدم الحجر المنزلي يمكن ان يكون سببا بتفشي المرض – وان يكون سببا مباشرا بالمخاطرة بحياة اهل البلد.
    وأريد ان احدد أيضا، بحسب هذا العامل ان هنالك عدة مناطق أكثر خطورة قد تكون بؤره لتفشي المرض، مثلا كريات شمونه – بيتح تكفا – اشدود.
    بالنسبة للحالات التي كانت بجولاننا , 3 اشخاص أصيبوا بالفيروس والفحوصات المؤخرة اكدت شفاءهم. اود ان اشكرهم لتقيدهم بالتعليمات الطبية، واشكر الكادر الطبي لملاحقة الموضوع بدقة واعطاء كامل العلاجات المطلوبة. وأيضا اشكر عاملي ورؤساء المجالس المحلية وجميع المتطوعين الذين كانوا بكامل فعاليتهم واستعداداتهم لتقديم المساعدة للمصابين وللمجتمع كاملا. ولكن حسب علم الأوبئة واعتمادا على بعض الحسابات الخوارزمية (مثلا – مريض غير معروف من اين استقبل الفيروس في منطقة سكنية معينة وتعداد سكاني معين) من الممكن ان يكون هنالك بعض الأشخاص بالمنطقة حاملين للفيروس واعراضهم بسيطة، ولكن يمكنهم نقل العدوى. واتمنى إن أكون على خطء بهذه النقطة.
    ومن هنا اناشدكم وأدعوكم يا اهلي في هضبه الجولان – حتى الان كنتم مثالا يحتذى به بكيفية تنفيذ التعليمات الطبية حسب وزارة الصحة – بقي القليل ونتخلص من هذا المرض اللعين هيا نستكمل طريقنا بمحاربة هذه الوباء حتى النهاية.
    هنالك بعض النقاط التي اريد ان اشدد عليها:
  • المرض يصيب جميع الفئات العمرية – وبات معروفا للجميع ما هي فئات الخطر للإصابة والاختلاطات.
  • اريد ان ابهر ان الإصابة بالفيروس ليست بعيب – واني على ثقة ان كل من يعاني من أية اعراض ان يشارك طبيبه من اجل الإرشادات الطبية.
  • من خلال عملي بقسم مرضى الكورونا هنالك علاجات واعدة وتكنولوجيا متطورة في تشخيص ومراقبة فعالية الفيروس ومنها:
    1- اعطاء الصادات الحيوية من نوع الازثروميسين مع ادوية مضادات الملاريا
    2- ادويه مضادة للفيروسات – مثل ادوية مرض الايدز، رمديسافير، افيجان …..
    3- ادويه مضادة للالتهابات ومعدله للمناعه – ستروئيدات، مضادات السيتوكينات
    4- مميعات الدم، السوائل المعدنية، العلاج الفزيائي التنفسي (الفيزوتربيا)، ادويه استنشاقيه للمساعدة من التخلص من الافرازات القصبية ….
    5- فحوصات سريعة بسيطة لمعرفه حاملين للفيروس – فحص دم الذي يوكد تعرض قديم الزمن للفيروس (هذه التكنولوجيا قيد التطور، قريبا ستكون متاحة).

الدكتور جلال مزيد البطحيش
اخصائي امراض داخلية
لقب ثاني بإدارة الكوارث وحالات الطوارئ
نائب مدير قسم الداخلية ب ” – مشفى هاشرون- مركز رابين

تعليقات

  1. شكرا جزيلا يا دكتور جلال , مقالك عن الكورونا كان بالنسبة لي أكثر مقال مهدئ للأعصاب ومقنع,زدنا من علمك المزيد , الشكر ثانية

التعليقات مغلقة.

+ -
.