قصيدة رثاء للمرحوم الشيخ سلمان الخطيب من قرية الغجر – بقلم نصر موسى

الكاتب: نصر موسى \ قرية الغجر

بسم الله الرحمن الرحيم

كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ
صدق الله العظيم
غيّب الموت فضيلة الشيخ أبو حسن سلمان الخطيب ، ووقع الخبر وقعاً قاسياً ، لكن لا نقول إلا ما يرضي الله : “إنّا لله وإنّا إليهِ راجعــون”
عرفاناً وتقديراً:
أجدُني لا يُسعفُني الكلامُ والتّعبيرُ أن أصفَ عَلَماً شامخاً ،له في رحلةِ العمرِ الباعُ الطّويلُ كَرماً وجودا ، خدمَ قريتهُ مخلصاً محبّاً ، شهرتُهُ التّواضعُ ، المحبةُ والأخلاصُ . عرفهُ القاصي والدّاني شيخاً جليلاً ، أباً لقريته غيوراً للخير والإصلاح.

فضيلة الشيخ : أبو حسن سلمان الخطيب
” كنزُ الملوكِ لآلىٌ وجواهرٌ
كنزُ الخطيبِ كرامةٌ ووقارُ “

قصيدة بعنوان :

“يـا رحلةَ العمــرِ “
22/ أيّـار / 2020

صوتُ النّعيِّ ، لهُ الأسماعُ تضطّربُ
مـادَ الـجوارحَ ، واهتزّتْ لـهُ الـرُّكبُ

وقْـعُ الفُـراقِ بـهِ حـزنٌ ، لهُ وَجَـلٌ
والعينُ تهمي ، ودمعُ الآهِ مُلتهبُ

عالجتُ أحجبُ دمعاً قد جرى مُـقَـلاً
أَبَـى الفـؤادُ ، وسـرّاً تـفضـحُ الهُـدُبُ

إنّ اللـواعجَ أشــجَـانٌ مُـخْـضَّبـةٌ
ورحلةُ العمرِ ، إنّ العُمرَ مُحتسبُ

خطَّ المدادُ على القرطاس عَبْرتَهُ
فاضت تعدّدُ ما يُحصى ويُنتدَبُ

شَـدَّ الرِّحيلَ إلى مولاهُ ملتمساً
خُضْرَ الجنانِ وخيرُ النّاسِ والصُّحُبُ

مهلاً أبا حَسَـنٍ : ما جـال خـاطرتي
ليس اعتراضـاً ، ولكنْ تُذْكَرُ النّقبُ

وَعْـدُ الألـهِ ، لمـن أدّى نـوافـلَـهُ
حُسْـنُ الختامِ ، مَقامٌ دارُهُ رَحِبُ

يا أيُّهـا الضّيفُ ما أبـهى محاسِـنَهُ
شيخٌ جليلٌ ونعمَ الأصلُ والنّسبُ

طلْـقُ المُحـيّا وقـورٌ في تواضعِـهِ
نـديُّ راحٍ مـن الأبـرارِ مُـنتـجَبُ

سـبيلُ رُشـدٍ لمـن يدنو لـمـعرفـةٍ
كالنّبعِ يرشفُ من جنباتِهِ القصبُ

لطفُ السّـجيّةِ ، في أثوابـهِ وَرعٌ
نـقيُّ عـلـمٍ ، تـقيٌّ ، زادُهُ الأدبُ

خـطيـبُ أهلٍ إذا نـاداهُ واجـبُـهُ
لبّى النّداءَ ، وكم تشتاقُهُ الخُطَبُ

راعي المروءةِ ، إيـمـانٌ بصيرتُـهُ
بليغُ قـولٍ ، لهُ الالبـابُ تنتسبُ

مَعينُ وعـظٍ إلى من رامَ منهَلَـهُ
كـلامُهُ أملٌ ، تُـروى بـه الـقِـربُ

قاصٍ ودانٍ ، وجارُ الدّارِ يعرفُـهُ
مـأمــولُـهُ عالـِمٌ في رأيِــهِ وأبُ

حديثُـهُ بلسـمٌ تسـري عذوبتُـهُ
ينشُّ في الجسمِ ذوقاً طعمُهُ العنبُ

مـثـيـلُـهُ عَـلَـمٌ ، أفـعـالُـهُ قـيــمٌ
أخـلاقُـهُ شــيـمٌ ، تحـلو بها الكتبُ

عَـلّامةُ الدّين من تـرياقهِ حِكَـمٌ
منهُ اليقينُ شرابٌ ، ماؤهُ عَذِبُ

حـجّوا إليهِ وفـوداً للـهُـدى سُـبُلاً
كان المحجّةَ نعمَ الرأيُ والحسبُ

يا ثابتَ العهدِ والتّقوى عمامـتُـهُ
فيه السّكينةُ ، لا يدنو له الغضبُ

يـا حـافظاً سـور الـقـرآن تـهنئـةً
يشتاقُ لفظَكُـمُ التّرتيلُ والعُرُبُ

تروي الحديثَ به حسٌّ له وطـرٌ
يشـتاقُهُ ظَـمِئٌ في جوفهِ صَبَبُ

يا غُربةً ، ترَكَت في النّفسِ نازلةً
إنّ الـعـزائمَ من ذُكـراكِ تنتحِبُ

لَـكـمْ رويْتَ مـن التّاريخِ سـيرتَهُ
بردُ النّسائمِ في الآفاقِ منسكبُ

لم تعصَ رأياً ، وأمرُ اللهِ طاعتُهُ
كنتَ الأمينَ لآيِ اللهِ محتسِـبُ

نـذرتَ نـفسَـكَ إيـمـانـاً وتــلـبيـةً
فاستُلهِمَتْ عبراً والنّاسُ تكتسب

كم وِقفةٍ شُهِدَتْ من فضلِ قامتِكم
كُنتَ الحليـمَ إذا مـا حلّــتِ النّوبُ

خصيبُ وجهٍ وما أبهى ابتسامتَهُ
فيـها الحيـاءُ وعندَ اللهِ تُحتسَـبُ

هذا الخطيبُ وجيهُ القومِ يا لَهَفي
لَـكـم تـتوق إليـكَ العيـنُ ترتـقـبُ

قد كنتَ غيثاً ، فلجَّ التُربَ معدنُهُ
صـفاتُه الحُلّةُ البيضــاءُ والرّتبُ

كُنْتَ المُعيلُ لِمن قد ســاءَ خاطرهُ
كالنّبتِ يزهو إذا ما جاءتِ السُّحبُ

كم بصمـةٍ طُبِعَت ، والبحـرُ لؤلؤُهُ
تمائمُ الدُّرِّ هل تُخفىٰ وتُحتَجبُ ؟

أنتَ الأمانةُ قـد حُمِّلتَ مـن قِـدَمٍ
كنت الوفيَّ وأنتَ المرجعُ النّخبُ

صِدقُ الـوصيّـةِ قـد أدّيتـَها لَبِقـاً
ثقلُ الامـانـةِ حِمـلٌ جُـلُّـهُ تـعـبُ

فـخراً حملت ، وفيَّ الْجـاهِ منزلةً
لا الـمـرءُ ينفعُـهُ خـزٌّ ولا قـصبُ

لكَ الفـؤادُ مـقـامـاً حـامـلاً ثقـةً
من كان للناس ريعاً ، حُبُّه وجبُ

للّـه دُرُّك مـن بــرٍّ سَــنا خُـلُـقـاً صدقُ المودّةِ في أخلاقِـهِ أربُ

تتـوقُ خطـوتَـك السّـاحـاتُ آتيـةً
يرنو مواعظَكم ديـوانُك الخصبُ

يا قامـةً رُسِــمت ، من ربِّـهـا حُفظت بالعقل قد صُبِغت ، للطُّهرِ تصطحب

من كان ميراثُـهُ درب الهدى شرفاً
ذُكراهُ يرسمُها التّاريخُ والحُـقبُ

لقد تسـجّى جليلُ القدرِ في قَـدَرٍ
وافى النّداءَ لَـعمري جاءَهَ الطّلبُ

جـاء النّـداءُ ، فـقـد لـبّـيـتَ مـمتثلاً أرضَ الخشوعِ ولم تسأل وما السّببُ

لـقـاءُ ربِّـكَ قـد وافيتَ دعـوتَــهُ
زينُ الخصالِ تباهت فيكمُ القببُ

أمِنْتَ نفسك ، لا تخشى لها جزعـاً
كنت الصّبوحَ إذا ما الموتُ يقتربُ

ودّعتَ منّـا وداعـاً عـزّ خـاطـرُهُ
كـمـا يـودِّعُ عن أفنانِـهِ الـرُّطبُ

ذُخراً تركتَ – إلى الأيامِ – مأْثَـرَةً
لا يغلبُ الفعلَ لا عاجٌ ولا ذهبُ

يا نفسُ صبراً إذا أوليتِ من شَجَنٍ
فـقـدُ الـرّجالِ عليها القلبُ يكتئبُ

حاشا وتُنسى ، خَطيبُ القومِ مرتبةً
لـكَ التّـحيّـةُ والـعـرفـانُ والـلّـقـبُ

ما فارقَ القلبَ روحُ الطّهرِ حاضرةٌ
كـأنّ منهـا يشـعُّ النّـورُ والشُّـهبُ

من ذا أُعزّي وكـلُّ النّاسِ شـاهدةٌ
أنتَ الخطيبُ الذي ذكراهُ لا تغبُ

بردُ التّرابِ ، وتيسيرُ الحسـابِ به
تَتْرى عليك جمالاً شـهـرُهُ رجـبُ

ويـعلـمُ اللهُ قـد ألـزمـتُ خـاطـرتي
يسيرَ وصفٍ ، وفيضاً تحملُ الجُعَبُ

أوجـزتُ قـولي ولاءً فيـه حُبُّـكُـمُ
منّي وفاءً وخيرُ القـولِ مُقتـضَبُ

فـارقد سـلامـاً بأمـنِ اللهِ محتسـباً
مـا قـدّرَ اللهُ فيـه الـعـزُّ والـطّـيَـبُ

 "  إنّا لله وإنّا إليهِ راجعــون  "
                تواضعاً
               إبنكـم
          نصر  موسـىٰ

قرية الغجـر – هضبة الجولان

تعليقات

  1. بمزيد من الحزن وألأسى تلقينا خبر وفاة العم أبو حسن سلمان الخطيب الذي يملك رصيدا ذاخرا بمكارم ألأخلاق وأسمى القيم صاحب المواقف المشرفه وهذا ليس بغريب على عائلة ال خطيب خاصة وعلى قرية الغجر عامة نطلب من الله عز وجل ان يسكنه فسيح الجنان ويكونوا أولاده خير خلف لخير سلف وانا لله وانا اليه لراجعون

  2. رحم الله العم ابو حسن، والعزاء حيث يصعب العزاء بذويه الكرام وعموم أهل الغجر الأعزاء.
    أجدت أخي نصر برثائك والعم ابا حسن يستحق، وأنت لم تختلق بل أجدت الوصف.
    العمر والصحة للجميع

  3. بسم الله الرحمن الرحيم
    سبحان من قهر عباده بالموت وهو الحي الذي لا بموت . نتقدم بأحر التعازي القلبية لال الخطيب بشكل خاص ولأهل قرية الغجر بشكل عام بوفاة المغفور له الشيخ أبو حسن سلمان الخطيب المشهود له بكرم الضيافة , رحابة الصدر , دماثة الأخلاق و طيب الملقى . رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وانا لله وانا اليه لراجعون . أخوكم فايد زهرالدين بشارة .

التعليقات مغلقة.

+ -
.