كتشف فريق من العلماء ما يحدث بالفعل في المخ أثناء عمليات توليد الذكريات وتخزينها.
وتوصل الفريق، المكون من علماء أمريكيين ويابانيين، إلى أن المخ يولّد نسختين من الذكريات في وقت واحد، إحداهما للوقت الراهن والأخرى لباقي الحياة.
وساد في السابق اعتقاد بأن كل الذكريات تنشأ كذاكرة قصيرة المدى، ثم تتحول ببطء إلى ذاكرة طويلة الأمد.
ويرتبط تذكّر التجارب الشخصية بجزئين في المخ، وهما “قرن آمون” المخصص للذاكرة قصيرة المدى، وقشرة الدماغ المخصصة للذاكرة طويلة الأمد.
وبحسب الاعتقاد السائد منذ خمسينات القرن الماضي، فإن الذكريات تنشأ في قرن آمون قبل أن تنتقل إلى قشرة الدماغ حيث يجري تخزينها.
لكن فريقا من العلماء في مركز رايكن-إم آي تي لعلوم وراثة الدوائر العصبية أجروا تجارب متطورة أثبتت خطأ هذا الاعتقاد.
وأُجريت التجارب على الفئران، لكن من المعتقد أن النتائج تنطبق على البشر كذلك.
ورصد العلماء تكوّن الذكريات على هيئة كتلة من خلايا المخ المتصلة، وذلك كرد فعل لصدمة.
ثم استخدم الباحثون شعاعا من الضوء مسلطا على الدماغ للتحكم في الخلايا العصبية، بحيث كانوا قادرين على تحريك ووقف الذكريات.
وتُظهر النتائج، المنشورة بدورية العلوم، أن الذكريات تتشكل في قرن آمون وقشرة الدماغ في آن واحد.
وفي تصريح لبي بي سي، قال سوسومو تونغاوا مدير المركز العلمي “كان هذا مفاجئا. هذا يتعارض مع الافتراض القائم منذ عقود”.
وأضاف الأستاذ الجامعي “إنه تقدم كبير مقارنة بالمعرفة السابقة”.
وبشكل عام، لا يبدو أن الفئران تستخدم الذاكرة طويلة الأمد في قشرة الدماغ خلال الأيام القليلة التي تعقب تشكيل الذكرى.
وقد نسيت الفئران الحادث الصادم حين أوقف العلماء عمل الذاكرة قصيرة المدى في قرن آمون.
لكن حين دفع العلماء الذاكرة طويلة الأمد إلى العمل، تذكرت الفئران الحادث، وهو ما يعني أن الذكرى كانت قد تكونت بالفعل في قشرة الدماغ.
وقال تونغاوا إن الذكرى تكون “غير مكتملة أو ساكنة لأول عدة أيام بعد تشكيلها”.
وخلص العلماء كذلك إلى أن الذاكرة طويلة الأمد لا تكتمل أبدا إذا انقطع الاتصال بين قرن آمون وقشرة الدماغ.
بالتالي، مازال هناك رابط بين هذين الجزئين من المخ.
وحتى الآن، يدخل الاكتشاف الجديد في إطار العلوم الأساسية التي تشرح الكيفية التي تعمل بها أجسامنا.
لكن تونغاوا يقول إن الاكتشاف قد يوضح أمورا مصاحبة لأمراض مرتبطة بالذاكرة، مثل الخرف.