لماذا انقرض الانسان البدائي؟

توصل باحثان إلى نظرية جديدة تفسر فناء البشر البدائيين (النياندرثول) الذين يعتقد أنهم عاشوا في منطقة أوراسيا قبل 350 ألف عام إلى 40 ألفا. وتشكك بالتالي في الفرضية القائلة بأنهم انقرضوا لأنهم كانوا أدنى فكريا من الإنسان الحديث (الهوموسيبين).

 

ويتزامن اختفاء البشر البدائيين من السجلات الأحفورية مع هجرة الإنسان الحديث، الإنسان العاقل، من أفريقيا إلى أوروبا وغرب آسيا، فوفقا لعلماء الأنثربولوجي حاولت فصيلة الهوموسيبين الخروج من أفريقيا قبل نحو مائة ألف سنة، لكنهم ووجهوا بقتال شرس من قبل جماعات النياندرثول الذين انتصروا عليهم بفضل بنيتهم الجسدية الكبيرة وتأقلمهم مع بيئتهم وأعادوهم مرة أخرى من حيث أتوا.

 

وبعد مرور نحو سبعين ألف سنة إلى نحو ثلاثين ألف سنة خرج الهوموسيبين من أفريقيا ليصطدموا مرة أخرى بالنياندرثول، لكن هذه المواجهة انتهت هذه المرة لصالح الهوموسيبين الذين قضوا على النياندرثول بفضل تفوقهم الفكري، ثم انتقلوا بعد ذلك إلى مناطق متفرقة وقضوا على فصائل أخرى من البشر مثل الهومو دونيسوفا أو الهومو إركتوس وغيرهم، وتسيد الإنسان الحديث الكرة الأرضية كلها.

 

تلك النظرية الشائعة وجدت أخيرا من يشكك بصحتها، حيث تقول أمينة متحف التاريخ الطبيعي في جامعة كولورادو في الولايات المتحدة باولا فيلا وعالم الآثار في جامعة ليدن في هولندا، فيل رويبرويكس، إن سبب فناء البشر البدائيين يرجح أن يكون مرجعه إلى أمر معقد.

وأوضحا في الدراسة التي نشرت في دورية “بلوس وان” العلمية الأميركية، أن هذا السبب قد يشمل التزاوج مع الإنسان الحديث من الناحية التشريحية، والذي كان عدده أكبر بكثير، مما أدى إلى هيمنة جينات الإنسان الحديث على البشر البدائيين واستيعابهم بشكل كامل داخل مجتمع الإنسان الحديث.

وقد ثبت مؤخرا عن طريق البيانات الوراثية أن البشر البدائيين تزاوجوا مع الإنسان الحديث، مما جعلهم يشكلون ما يقدر بـ2% أو نحو ذلك من إجمالي جينات الإنسان خارج قارة أفريقيا.

وحتى الآن، استخدم الكثير من العلماء الاكتشافات الأثرية عن البشر البدائيين والإنسان الحديث المعاصر ليشيروا إلى أن القادمين الجدد كانوا متفوقين في مجموعة واسعة من المجالات -بما في ذلك اللغة والأسلحة ومهارات الصيد وإستراتيجيات المعيشة والقدرة على الابتكار ونطاق الشبكات الاجتماعية- مما أدى إلى فناء البشر البدائيين.

لكن فيلا رويبرويكس قالت إنهما لم يعثرا على “أي بيانات تدعم (فرضية) دونية البشر البدائيين من الناحية التكنولوجية والاجتماعية والمعرفية”، وذلك بعد قيامهم بما اصطلحا على تسميته “المراجعة المنهجية للسجلات الأثرية”.

وأضافا أن التفسيرات “المعيبة” لانقراض البشر البدائيين يمكن ردها إلى ضآلة كم البيانات المتاحة أمام الباحثين السابقين، أو على الأقل يمكن ردها جزئيا إلى تقليد قائم منذ زمن طويل في التفكير المتعلق بالاختلافات بين البشر البدائيين والبشر المعاصرين.

المصدر : الألمانية

+ -
.