ما سبب هجرة النحل الطنان من مناطق معيشته الدافئة وعواقبها؟

يقول العلماء إن ظاهرة الاحترار العالمي تسهم في تناقص المساحات الملائمة لمعيشة النحل الطنان في قارتي أميركا الشمالية وأوروبا، ما يدفع هذه الحشرات – التي تقوم بوظيفة جوهرية في تلقيح أزهار المحاصيل – إلى الهجرة من مناطق معيشتها الدافئة في أقصى الجنوب، فيما تعجز عن الاتجاه شمالا إلى النطاقات المناخية الأقل حرارة.
واستعان الباحثون في دراستهم التي نشرت نتائجها أمس الخميس، بسجلات بين عامي 1901 و2010. لرصد 67 نوعا من النحل الطنان ووجدوا أن هذه الحشرات تخلت عن نحو 300 كيلومتر من مناطق الطرف الجنوبي التي تستوطن بها في القارتين.
وتوصل الباحثون إلى أنّه لا وجود لأدلة تعضد مقولة إن المبيدات الحشرية أو فقدان أماكن المعيشة هي المسؤولة عن ذلك، وتوصلوا إلى أن السبب يكمن في ارتفاع درجات الحرارة المسجلة منذ بدء تسارع وتيرة تغير المناخ في سبعينات القرن الماضي.
وقال جيريمي كير عالم الأحياء المتخصص في النحل الطنان بجامعة أوتاوا «إنها أزمة المناخ التي تجعل النحل يلتزم المناطق الجغرافية الشمالية في حين تتقلص المناطق الجنوبية وتفقد هذه الحشرات». وأضاف: «تتناقص أعداد النحل الطنان بسرعة كبيرة لا يمكن تصورها فيما تشير أصابع الاتهام إلى أن الأسباب البشرية لتغير المناخ هي التي وراء هذا التغير.. وهذه الآثار متشابهة تقريبا في أغلب الأحيان في القارتين وتحدث بنفس المعدل في كل من أوروبا وأميركا الشمالية».
ويقول الباحثون إن هذا التدهور المتسارع في أعداد النحل الطنان على المستوى القاري، يهدد الأمن الغذائي وإمكان استمرار بقاء بعض المحاصيل على المستوى الاقتصادي، إذ يلقّح هذا النحل أنواع كثيرة من النباتات التي توفر الغذاء للناس والحياة البرية.
من جهته أفاد لايف ريتشاردسون عالم الأحياء في جامعة فيرمونت «النحل الطنان كائنات مهمة في مجال تلقيح المحاصيل الزراعية مثل التوت البري والتفاح واليقطين (القرع) والطماطم (البندورة) وتدهور هذا النشاط في المنظومة البيئية قد يؤدي إلى تناقص الغلة المحصولية وارتفاع أسعار الغذاء فضلا عن عواقب تتعلق بالإمدادات الغذائية والاقتصاد».
ويفقد النحل الطنان جزءا من مناطق معيشته في أقصى الجنوب بسبب ارتفاع درجات الحرارة لكنه – بخلاف الأنواع الأخرى – لم يهاجر إلى الشمال لمناطق أكثر ملائمة.
وقال كير في الدراسة التي نشرتها دورية «ساينس» إن الأمر يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة منها مساعدة النحل الطنان على الهجرة وإعادة توطينه على نطاق واسع في مناطق جديدة قد يزدهر بها.
وأضاف: «يمكن القول على وجه العموم إن فقدان هذه الكائنات – المهمة في عملية التلقيح – مؤشر على أننا نلعب لعبة خطرة مع منظومة الحفاظ على الحياة التي لا يمكن الاستغناء عنها. إنها تجربة يجب ألا نقدم عليها البتة».

+ -
.