يرغب بعض الآباء والأمهات في إنجاب طفل ثان بشكل سريع، وذلك حتى يكون قريبا في العمر مع أخيه ويتسنى لهما اللعب سويا في الطفولة ومصادقة بعضهما البعض في الكبر. في حين يرغب آخرون في تأخير إنجاب الطفل الثاني حتى يصير الطفل الأول قادرا على الاعتماد على نفسه، وذلك خوفا من تحمل مسؤولية طفلين صغيرين في آن واحد. فما هو التوقيت المناسب لإنجاب الطفل الثاني؟
وبشكل عام أكد طبيب أمراض النساء الألماني شتيفان سكونيتسكي أنه من الأفضل أن يكون هناك فاصل زمني يُقدر بنحو 12 إلى 18 شهراً بين ولادة الطفل الأول وبداية الحمل الثاني، حتى يكون لدى جسم المرأة وقت كاف للتعافي من جديد بعد الولادة.
وعن أهمية ذلك قال سكونيتسكي -وهو رئيس الرابطة الألمانية لأطباء أمراض النساء بالعاصمة برلين- إنه ينبغي أن يتاح للجسم وقت كاف كي يعيد بناء مخزون العناصر الغذائية من الكالسيوم وفيتامين “د” والحديد، وكي تستعيد عضلات قاع الحوض قوتها من جديد.
الفاصل الزمني
وأردف الطبيب أن قصر الفاصل الزمني بين إنجاب طفلين يؤدي إلى زيادة معدلات حدوث ولادة مبتسرة (مبكرة) للطفل الثاني، بل وربما يكون وزنه أقل من الطبيعي أيضا، وذلك وفقا لنتائج تحليل 67 دراسة تم إجراؤها في هذا الشأن وتم نشره في عام 2006 بالدورية العلمية للجمعية الطبية الأميركية.
وقد خلص العلماء من هذا التحليل إلى أنه من الأفضل أن يكون هناك فاصل زمني بين الطفل الأول والثاني يتراوح بين 18 و59 شهرا.
ولكن إذا رغب الأهل في إنجاب طفلهم الثاني بشكل سريع نتيجة عوامل تتعلق مثلا بمسار حياتهم الوظيفية أو لتقدم عمر الأم أو لأنها ترغب في إنجاب الكثير من الأطفال، تنصح اختصاصية القبالة الألمانية هينريته توماس الأم حينئذ بألا تقل المدة بين ولادة الطفل الأول والحمل الثاني عن ستة إلى تسعة أشهر على أقل تقدير، موضحة أنه عادة ما تعود الهرمونات إلى طبيعتها خلال هذه الفترة، ويصبح الجسم أكثر قدرة على التحمل.
عام على الأقل
وتضيف الخبيرة أنه ينبغي على الأم الانتظار لمدة لا تقل عن عام لإنجاب طفلها الثاني عند خضوعها لولادة قيصرية، إذ تعتبر الولادة في هذه الحالة جراحة وتستلزم وقتا أطول للاستشفاء بعدها.
ويوضح البروفيسور هارتموت كاستن -الباحث بجامعة ميونيخ الألمانية- أنه من وجهة نظر علم نفس النمو يبلغ الفارق العمري المثالي بين الطفلين ثلاثة أعوام، إذ عادة ما يتراجع الارتباط الوثيق بين الطفل وأبويه -لا سيما أمه- بعد إتمامه العام الثالث، حيث يبدأ الطفل بالانشغال بمهام خاصة به كالذهاب إلى روضة الأطفال مثلاً.
وصحيح أنه كلما قل الفارق العمري بين الطفلين زادت فرصة تقاربهما ونشوء علاقة صداقة قوية بينهما إلى جانب علاقة الأخوة، إلا أن الباحث كاستن أشار إلى أنه غالبا ما يتسبب ذلك في زيادة التنافس بينهما عن غيرهما من الأطفال الذين يقدر الفارق العمري بينهما بأربعة أعوام أو أكثر، موضحا أن الأمر قد يصل إلى أن يغار الطفلان من بعضهما البعض لأتفه الأسباب، وخاصة إذا ما كانا من نفس الجنس.