شهدت غوطة دمشق الشرقية أمس، معارك عنيفة بين القوات الحكومية السورية وفصائل المعارضة، نجح خلالها الجيش السوري في السيطرة على مناطق عدة، مهدداً بـ «خنق الغوطة» وفصل شمالها عن جنوبها، وفق ما قال ناشطون معارضون. وجاء هذا التقدم في ظل استمرار التوتر بين الفصائل الإسلامية التي تهيمن على غوطة دمشق، وتحديداً بين «جيش الإسلام» و «فيلق الرحمن» على رغم تعهدهما قبل يومين باتخاذ إجراءات للتهدئة. وتزامن التصعيد في الغوطة مع فشل روسيا في إدراج «جيش الإسلام» وفصيل «أحرار الشام» ضمن المنظمات الإرهابية المحددة في مجلس الأمن، بعد اعتراض قادته دول غربية.
ولم يُحدد الوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا بعد موعداً لاستئناف الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف، لكن ذلك يُتوقع أن يحصل بعد اجتماع «المجموعة الدولية لدعم سورية» في فيينا الثلثاء المقبل، وهو اجتماع «يخطط» وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للمشاركة فيه، وفق ما أعلنت الخارجية الروسية.
ميدانياً، أفادت «شبكة شام» المعارضة أن «اشتباكات عنيفة جداً» دارت على جبهات المرج جنوب الغوطة الشرقية تمكنت فيها القوات الحكومية «من السيطرة على منطقة الركابية ومزارعها وأصبحت بهذا على خط المواجهة المباشرة مع بلدة دير العصافير، كما تقدمت على جبهات بلدة بالا القديمة وسيطرت على نقاط عدة فيها، كما سيطرت على نقاط عدة في جبهة نولة، وبهذا تقترب من خنق الغوطة وفصل شمالها عن جنوبها». أما «الدرر الشامية» المعارضة فأوردت، من جهتها، أن القوات الحكومية «سيطرت على نقاط جديدة داخل مزارع الركابية، ودير العصافير، وحوش العدمل بعد معارك اندلعت منذ ساعات الصباح الأولى»، موضحة أنها «تحاول السيطرة على دير العصافير والركابية لحرمان الغوطة الشرقية من مزارع مهمة تزوِّدها بالأغذية المختلفة، خصوصاً القمح، مستفيدة من ضعف تعزيزات جبهات القتال من طرف مقاتلي المعارضة بعد اندلاع الاقتتال الداخلي بين الفصائل قبل أيام».
وفي نيويورك (الحياة)، أفيد بأن روسيا فشلت في إضافة «جيش الإسلام» و «أحرار الشام» إلى لوائح التنظيمات الإرهابية الخاضعة لعقوبات دولية في مجلس الأمن على غرار تنظيمي «داعش» و «القاعدة». وعطّلت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وأوكرانيا الطلب الروسي «حفاظاً على مسار المفاوضات في جنيف، وتجنباً لعرقلة جهود وقف الأعمال القتالية ميدانياً»، وفق ديبلوماسيين غربيين.
وقال المتحدث باسم البعثة البريطانية في الأمم المتحدة مات مودي إن بلاده «شاركت في منع اتخاذ هذا القرار لأنه على رغم أن جيش الإسلام وأحرار الشام هما مجموعتان إسلاميتان متشددتان إلا أنهما يرفضان الارتباط بالقاعدة وداعش». ويتطلب أي إدراج أو تعديل في لوائح التنظيمات المصنفة إرهابية في لجنة العقوبات، موافقة كل أعضاء مجلس الأمن. وأضاف مودي أن «جيش الإسلام عضو في هيئة التفاوض العليا، أي وفد المعارضة الى جنيف، وهو أعلن في الرياض التزام وحدة سورية والمفاوضات السلمية ضمن إطار بيان جنيف». وقال إن «التنظيمين كليهما وقّعا اتفاق وقف الأعمال القتالية في سورية، بما يؤدي إلى التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، والاستعداد للمشاركة في مفاوضات تسهلها الأمم المتحدة ووقف القتال والسيطرة على المزيد من المناطق، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية». وأكد أن «موافقة جيش الإسلام على الاتفاق كان أساسياً في خفض العنف الذي نراه في سياق وقف الأعمال القتالية».
وشدد مودي على أن «دور «جيش الإسلام» و «أحرار الشام» مختلف تماماً عن جبهة النصرة وداعش اللذين رفضا أي حل سياسي». وقال إن الموافقة على الطلب الروسي بإضافة التنظيمين الى لوائح الإرهاب «سيكون له آثار عكسية في شكل خطير ويضر بجهود الحفاظ على وقف الأعمال القتالية واستئناف المفاوضات في جنيف». وأضاف أن «عزل هذين التنظيمين عن المعارضة سيزيد من تطرفهما ويدفعهما بعيداً عن الانخراط في الحل السياسي».
وقال متحدث باسم البعثة الأميركية في الأمم المتحدة إن «محاولة روسيا تصنيف جماعات تُشارك كأطراف في جهود وقف العمليات القتالية قد تكون له عواقب مضرة بوقف القتال».
وكان السفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين وجّه رسالة إلى لجنة العقوبات على داعش والقاعدة طلب فيها إدراج جيش الإسلام وأحرار الشام في لوائح التنظيمات المصنفة إرهابية «لأنهما مرتبطان في شكل وثيق بالمنظمات الإرهابية، لا سيما داعش والقاعدة اللذين يزودانهما بالدعم اللوجستي والعسكري».