لا يزال «المجلس الدولي للنقل النظيف» (آي سي سي آي) غير مطمئن إلى الإنجازات التي حققتها شركات صناعة السيارات على صعيد الحد من استهلاك الوقود، وبالتالي من معدلات التلوث البيئي، وذلك في وقت يبدو فيه البديل «النظيف تماما» للسيارات العاملة بالوقود الكربوني، أي السيارات العاملة بالهيدروجين، بعيدة المنال نسبيا، رغم أن شركة «دايملر» تعكف حاليا على تطوير بناها التحتية متوقعة بلوغ هذه التكنولوجيا «مرحلة النضج» بحلول عام 2017.
تعالت، أخيرا، انتقادات «المجلس الدولي للنقل النظيف» لشركات السيارات، بعد أن أظهرت دراسة ألمانية أن السيارات التي تجوب الطرقات الأوروبية تستهلك كميات من الوقود أكثر مما تذكره الشركات المنتجة.
وفي هذا السياق، أبلغ رئيس فرع المجلس في أوروبا، بيتر موك، مجلة «دير شبيغل» الألمانية أن كل مصادر البيانات تؤكد أن الفجوة بين أرقام استهلاك الوقود التي تحددها شركات صناعة السيارات وأرقام الاستهلاك الفعلي «تتزايد باطراد».
وكان التقرير الألماني قد اعتمد في استنتاجاته على تحليل بيانات أكثر من 500 ألف سيارة تسير على الطرق الأوروبية، عبر استخدام مجموعة من مواقع الإنترنت الرئيسة. ويلجأ سائقو السيارات المهتمين بتتبع معدلات استهلاك سياراتهم للوقود إلى نتائج هذه البيانات الخاصة، كي يقارنوا بشكل مستمر بين معدلات استهلاك الوقود في سياراتهم والسيارات الأخرى، وكذلك الأرقام الرسمية التي تعلنها الشركات المنتجة.
وتم جمع البيانات المستخدمة في الدراسة من موقع ألماني على الإنترنت خلال شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران) الماضيين. وكانت بيانات مماثلة قد تم جمعها من مواقع إنترنت في بريطانيا وفرنسا وهولندا. وبينما يعترف خبراء المجلس بأن شركات السيارات حققت تقدما كبيرا في خفض استهلاك الوقود والانبعاثات الكربونية، فهم يعربون عن قلقهم من تفاوت أرقام بيانات هذه الشركات، ويشيرون إلى أن بياناتها الرسمية لاستهلاك الوقود تتحدد «في ظروف معملية وغير واقعية» باستخدام «دورة القيادة الأوروبية الجديدة»، أو ما يُعرف بـ«الشهادة» أو قيم «الموافقة على النوع»، علما بأن شركات إنتاج السيارات تتعرض لانتقادات متكررة بسبب عدم واقعية الأرقام التي تعلنها عن استهلاك الوقود. واعتبر «المجلس الدولي للنقل النظيف» أن تحقيق تقدم حقيقي في هذا المجال يستوجب قياس معدل استهلاك الوقود على الطرق، واختبار نتائج التجارب المعملية التي تتم للسيارات بصورة مستقلة سواء فيما يتعلق بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، أو خفض استهلاك الوقود.
يصدر «المجلس الدولي للنقل النظيف» هذه الانتقادات في وقت قررت فيه شركة «دايملر» الألمانية، منتجة سيارات «مرسيدس» الفارهة، التعاون مع شركة «لينده غروب» للغاز لزيادة عدد محطات تموين سيارات خلايا الوقود بالهيدروجين للوصول بالانبعاثات الكربونية في ألمانيا إلى الصفر.
وتستثمر كل شركة من الشركتين 10 ملايين يورو (12.8 مليون دولار) على إقامة 10 محطات هيدروجين على الطرق في مختلف أنحاء ألمانيا. وذكرت «دايملر» أنها اختارت 13 موقعا حتى الآن لإقامة المحطات، في حين وصلت خطط وتفاصيل المحطات الـ7 الأخرى، التي ستقام بمشاركة شركات نفط وغاز أخرى، إلى مرحلة متقدمة.
وكان قد تم فتح المحطة الأولى من هذا المشروع أخيرا في إحدى ضواحي غرب برلين. ومن المقرر وصول عدد محطات الهيدروجين في ألمانيا إلى 50 محطة بحلول 2015، ثم إلى 400 محطة بحلول 2023، وذلك بدعم من الحكومة.
يُذكر أن سيارات خلايا الوقود تستخدم محركا كهربائيا يعمل بالهيدروجين لا ينتج عنه أي انبعاثات كربونية، مقارنة بسيارة تُدار بمحرك يعمل بالوقود الكربوني.
إلا أن منتقدي هذه التكنولوجيا يتحفظون عليها بالنظر إلى ارتفاع تكاليف تخزين الهيدروجين، إضافة إلى أن إنتاجه يستهلك كميات كبيرة من الكهرباء التي تنتجها محطات تعمل بالوقود الكربوني الملوث للبيئة، حيث يتم تحويل الماء إلى هيدروجين، وبالتالي يعتبرون أن هذه التكنولوجيا ليست صديقة للبيئة تماما.
ويقول رئيس إدارة الطاقة المستدامة في «دايملر»، هربرت كوهلر، إنه «لا شك في أن تكنولوجيا خلايا الوقود ستصل إلى (مرحلة النضج)» اعتبارا من عام 2017. ولذلك تخطط «دايملر» لخفض أسعار سيارات خلايا الوقود لتصبح قادرة على المنافسة في السوق، مضيفا أن هدف «دايملر» هو أن تتيح لأصحاب السيارات الوصول إلى أي وجهة في ألمانيا بسياراتهم التي تعمل بخلايا وقود الهيدروجين. وهذه المبادرة خطوة ضخمة إلى الأمام في رحلة إقامة شبكة حقيقية على مستوى ألمانيا لوقود الهيدروجين.
ورغم ضعف مبيعات سيارات خلايا الوقود في ألمانيا فإن «دايملر»، على عكس كل من «بي إم دبليو» و«فولكسفاغن» و«أودي»، ترى إمكانيات ربح كبيرة في تكنولوجيا هذه السيارات.