مفاوضات في جنيف حول المناخ تمهيداً لاتفاق عالمي في باريس آخر السنة

التقى المفاوضون حول المناخ أمس في جنيف، لأسبوع من العمل حول النص الجديد لاتفاق باريس ودعاهم المسؤول عن المحادثات إلى العمل بفاعلية للتوصل إلى مسودة لاتفاق واضح.

وخلال الجلسة الافتتاحية قال وزير البيئة البيروفي مانويل بولغار فيدال «علينا العمل بسرعة أكبر» مذكراً بالتحذيرات التي تضمنها التقرير الأخير للعلماء الذين أكدوا أن العام الماضي كان الأكثر حرارة على كوكب الأرض. وأضاف فيدال: «مهمتنا المشتركة هذا الأسبوع هي صوغ نص للاتفاق يكون وثيقة أكثر دقة ووضوحاً» من المسودة الحالية. وتابع: «أسألكم العمل بفاعلية وباستعداد لإيجاد تسوية. أناشدكم إيجاد حلول مبتكرة لأن الوقت يداهمنا. كل يوم علينا تحقيق نجاح. نحن لا نتنافس».

ودعا الدول إلى «الاهتمام هذه السنة بالخلافات السياسية» مصدر التعطيل المتكرر للمفاوضات. وزاد: «أشجعكم على إيجاد تسويات براغماتية حول الإجراءات لتخفيف ظاهرة الاحتباس والتأقلم والتمويل مع رعاية خاصة لحاجات الدول النامية وتوقعاتها».

يذكر أن المفاوضات التي تجرى في رعاية الأمم المتحدة استؤنفت أمس في جنيف، في الاجتماع الرسمي الأول منذ شهرين بهدف إعداد نص الاتفاق الكبير الذي يفترض أن توقعه في كانون الأول (ديسمبر) في باريس، 195 دولة لا تزال منقسمة حول نقاط رئيسية عدة.

وترمي هذه المحادثات المرحلية، إلى التوصل أواخر السنة إلى توقيع اتفاق يعد الأكثر طموحاً من أجل مكافحة الاحتباس الحراري، ليكون اتفاقاً شاملاً يحل مكان «بروتوكول كيوتو» بعد عام 2020.

وبدأت المفاوضات صباح أمس في جلسة موسعة قبل أن تتبع بجلسات عمل مغلقة. وحضر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في نهاية النهار «لاستعراض ما آلت إليه المفاوضات في ما يتعلق بمدى تقدم الاتفاق المقبل».

ولفت رئيسا المناقشات الجزائري أحمد جوغلاف والأميركي دانيال ريفسنايدر، إلى «أن اجتماع جنيف هو جلسة التفاوض الوحيدة حتى أيار (مايو) وهدفها إنتاج نص المفاوضات في 13 الجاري في ختام الأعمال، داعيين إلى إجراء محادثات بناءة».

والهدف معلوم وهو وجوب الحد من ارتفاع حرارة الأرض درجتين مئويتين قياساً إلى حقبة ما قبل الثورة الصناعية، وألا يتوقع العلماء خللاً مناخياً وخيم العواقب على الأنظمة البيئية والمجتمعات والاقتصادات، بخاصة في المناطق الأكثر فقراً.

في هذه الأثناء يتجه العالم بالوتيرة الحالية نحو ارتفاع أربع أو خمس درجات مئوية عند نهاية القرن، إن لم تتخذ تدابير صارمة لتقليص انبعاثات الغازات السامة المرتبطة، خصوصاً بالاستخدام المكثف للطاقات الأحفورية. وأكدت منظمة الأرصاد الجوية العالمية أن عام 2014 سجل أكبر ارتفاع لحرارة الأرض.

وقالت مسؤولة المناخ في الأمم المتحدة كريستيانا فيغيريس: «علينا أن نبدأ بإزالة الكربون في شكل معمق في الاقتصاد العالمي والانتهاء ببلوغ الحياد المناخي في النصف الثاني من هذا القرن»، أي ما يعني توازناً بين انبعاثات غازات الدفيئة وقدرة الأرض على امتصاصها. وسبق أن نبهت فيغيريس إلى عدم وجوب انتظار صوغ نص نهائي في جنيف، بل نأمل بالأحرى صدور وثيقة تعكس النقاط المشتركة في شكل أفضل. وأضافت: «نأمل بأن تكون الحكومات قادرة على العمل سوياً لإنتاج نص تمكن إدارته في شكل أفضل. وذلك ليس مضموناً على الإطلاق».

وفي الواقع تنقسم الدول حول سبل التنفيذ، كما تعكس مسودة الاتفاق من 37 صفحة، والتي ستدرس في جنيف، وتقترح مروحة من الخيارات حول مسائل أساسية. وتنتظر البلدان النامية أيضاً من البلدان المتقدمة أن تحشد الأموال الموعودة لتمويل تدابير التكيف وتلك المتعلقة بمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري (مئة بليون دولار سنوياً بحلول عام 2020).

وعشية الاجتماع قال رئيس مجموعة الدول الأقل تقدماً: «علينا التأكد من أن هذا الاتفاق ليس طموحاً ويتجه نحو المستقبل فقط، بل أن يكون أيضاً عادلاً ومنصفاً».

وفي موازاة المفاوضات، المطلوب من الدول أن تعلن خلال السنة عن التزاماتها لجهة خفض انبعاثاتها من الغازات الدفيئة، لكن يبقى عنصر مجهول في الاتفاق المقبل يتعلق بمعرفة آلية المراجعة والتقدم بالنسبة لهذه الالتزامات التي تعد غير كافية في هذه المرحلة لبلوغ هدف الدرجتين. ثم أي شكل قانوني سيعطى لاتفاق باريس المقبل؟ وأي تحرك جديد لفترة 2015 – 2020 التي يعتبرها العلماء حساسة؟

ولفت الصندوق العالمي للطبيعة الذي يتمتع بوضع مراقب في المناقشات إلى «أن تعزيز الثقة بين الحكومات سيكون نقطة حساسة»، معتبراً أن الحالة الملحة باتت تفرض على الجميع «الخروج من الروتين».

+ -
.