ملبورن: أفضل مدينة ملائمة للعيش على مستوى العالم

إن كنت تفكر في العيش في الخارج فما الذي تتطلع إلى توفره في المدينة التي تخطط للانتقال إليها؟ بالنسبة للوافدين، تعد مدينة ملبورن، ثاني أكبر مدن أستراليا، مكاناً مثالياً للإقامة.

للسنة الخامسة على التوالي تربعت ملبورن على رأس قائمة أفضل المدن الملائمة للعيش على مستوى العالم، حسب احصاء وحدة المعلومات في مجلة الإيكونوميست لعام 2015. ولماذا لا؟ فالمدينة تتميز بتوفر السكن بسعر مناسب، كما أن طرقها وشوارعها تصطف على جوانبها المطاعم والبارات، كما أن أيامها تزدحم بالمناسبات الثقافية المختلفة.

وتقع ملبورن على نهر يارا في ولاية فيكتوريا، على بعد 878 كيلومتر إلى الجنوب من مدينة سيدني المنافسة لها، وعلى بعد ساعات بالطائرة منها (تعتبر الطريق بين سيدني و ملبورن من أكثر الطرق ازدحاماً في العالم).

وبخلاف سيدني، تتمتع ملبورن بشبكة من الطرق، والمواصلات العامة التي تربط بين أجزائها وبينها وبين غيرها من المدن، كما تتوفر فيها على الأقل أربعة ملاعب رياضية على مستوى عالمي.

ويبلغ عدد سكان ملبورن 4 ملايين نسمة، وتمتزج فيها الثقافات المتعددة، حيث تقطنها على سبيل المثال أكبر جالية يونانية خارج أثينا. وكشفت دراسة حديثة عن أن ما يقرب من نصف سكانها ولدوا في الخارج.

ورغم ما يصدر عن الحكومة الفيدرالية في ملبورن من تصريحات عن تشديد الرقابة على الحدود كإجراء للحد من الهجرة غير الشرعية، فإن المدينة تظل آمنة ومرحبة بزائريها، وتتمتع بالتعددية التي تميز قاطنيها.

هذه التعددية تعبر عن نفسها في سوق الطعام الطازج، وفي ثقافة الطعام في الشارع، والقهوة اللذيذة، وما يطلق عليه البعض أفضل بيتزا في استراليا.

تقول الوافدة سارة ايك التي تعمل مديرة إعلانات وانتقلت إلى ملبورن من ايسكس في انجلترا: “إنها حقاً أكثر مدينة يمكن العيش فيها في العالم. يعجبني التعدد الثقافي في المدينة والاختلاف بين ضواحيها المتعددة، بحيث أنك تنتقل من مكان إلى آخر داخلها فتشعر أنك تنتقل إلى مكان مختلف”.

لكنك لا تتذوق الإحساس الأوروبي في هذه المدينة بدون الطقس الأوروبي. فلقد أوحى مناخ ملبورن لفرقة “كراوديد هاوس” بأغنية تحمل اسم “فصول أربعة في يوم واحد”، وذلك لأن الطقس فيها الأشد تقلباً في البلاد ويصعب التنبؤ به.

ويتعين عليك أن تحمل معطفاً معظم أوقات السنة، وبينما تتوفر الشواطيء فيها، إلا أنها غير مأهولة حتى منتصف الصيف.

الحصول على وظيفة
يبلغ معدل البطالة في ولاية فكتوريا 6.2 في المئة، حسب الإحصائيات الرسمية، أي ما يزيد قليلاً عن معدل البطالة في البلاد البالغ 6.1 في المئة.

من بين الوظائف التي يتبوأها البيض الذين يشكلون غالبية سكان ملبورن، يشكل العمل في مجال المحاسبة وتدقيق الحسابات ربع هذه الوظائف. أما المديرزن ومسؤولو المبيعات والكتبة فيشكلون نحو 38 في المئة من القوى العاملة.

وتعد كفالة العمال الأجانب عملية سهلة؛ حيث أن لدى وزارة الهجرة قائمة طويلة من أصحاب المهن المسموح لهم بالعمل.

ومن الوظائف التي يكثر عليها الطلب هناك اختصاصيو التسويق وخبراء الأعمال، والمعلمون، وإخصائيو شؤون الموظفين، والأطباء، والمهندسون، والممرضون . معظم الوظائف لا تتطلب خبرة سابقة في سوق العمل، لكن بعض الوظائف تخضع لاختبار مهارات.

ويتعين على المتقدمين للحصول على تأشيرة إثبات امتلاكهم لمؤهلات إحدى تلك الوظائف، إضافة إلى اللغة الانجليزية. كما عليه أن يجتاز اختباراً طبياً، وإثبات أنه يكسب ما يعادل 38,350 دولار.

وتبلغ رسوم تقديم الفيزا نحو 755 دولار للشخص البالغ. في بعض الحالات يطلب من المتقدم أن يدفع 500 دولار غضافية إذا كان متقدماً بطلبه من داخل استراليا، ويحمل تأشيرة مؤقتة يكون قد حصل عليها أثناء اقامته في أستراليا.

وهناك في المدينة ومحيطها ثقافة مزدهرة على امتداد شوارعها، إضافة إلى ملاعب ومدرجات رياضية ضخمة، ومستشفيات وجامعات، وكلها قريبة من مركز المدينة، الذي يطلق عليه في استراليا اسم “منطقة الأعمال المركزية”، مما يرفع أسعار البيوت فيها بشكل كبير.

رغم ذلك، تعتبر أسعار البيوت في ملبورن محتملة، مقارنة بمدينة سيدني. يقول سكوت مكلوري، مدير شركة هوكينجغ ستيوارت للعقارات في ملبورن: “يقول الناس إنك لا تستطيع شراء شقة من غرفة واحدة في سيدني بما يقل عن 600 ألف دولار استرالي، لكن يمكنك شراء شقة جيدة من غرفة واحدة في ملبورن بنحو 400 ألف دولار، في بناية جيدة”.

أما بالنسبة لسوق الاستئجار، فإن مسكناً يتسع لأربعة أشخاص يكلف حوالي 700-900 دولار استرالي في الأسبوع.

ويضيف مكلوري أن المدينة تنقسم إلى ثلاث أسواق رئيسية للوافدين: أولها المدينة: ويسيطر عليها العقارات الصغيرة الأغلى سعراً، وثانيها منطقة الخليج وهي مطلوبة للسكن وتقع في الجزء الجنوبي للمدينة، وتتمتع بإطلالة على الشاطيء، وثالثها السوق الشرقي والذي يضم غالبية المدارس الخاصة الكبرى، وتصل فيها معدل الأجرة الشهرية إلى ما بين 800 و 1000 دولار استرالي.

أما بالنسبة لمحدودي الدخل، يوصي بالسكن في الجزء الشمالي من المدينة، وخاصة ضواحي مثل “ريزيرفوير” التي شبكة جيدة من القطارات ومترو الأنفاق.

الاستقرار في المدينة
يقول أدريان سميث الذي انتقل إلى ملبورن أوائل هذا العام قادماً من سيدني: “فوجئت بطيبة سكان ملبورن. كما أن التحاق الأطفال بالمدارس، وإقامة علاقات صداقة، والحصول على عمل كلها أمور أسهل من أي مدينة أخرى عشت فيها، والفضل في ذلك يعود إلى تعاون الناس الذين قابلناهم”.

بالنسبة للرعاية الصحية، يوجد في استراليا نظام قوي للرعاية الصحية يطلق عليه اسم “ميديكير”، فضلاً عن نظام رعاية صحية خاص يعمل جنباً إلى جنب مع النظام الحكومي.

ويوجد ترتيب وتعاون بين النظام الصحي الحكومي في أستراليا ومثيله في بريطانيا، وغيرها من أنظمة الرعاية الصحية الأوروبية، بحيث يستفيد منه مواطنو تلك الدول تلقائياً أثناء زيارتهم أو إقامتهم في أستراليا. وبالنسبة لبعض الحالات، ربما يكون من الأفضل الاعتماد على نظام رعاية صحية خاص بدلاً من الحكومي.

أما بالنسبة لنظام التقاعد، فيتعين على الموظفين في استراليا المساهمة بنسبة 9.5 في المئة من رواتبهم قبل خصم الضرائب لصندوق التقاعد. وبينما يعتبر هذا الصندوق خاصاً بمواطني أستراليا، إلا أن المقيمين مؤقتاً بإمكانهم التقدم بطلب الحصول على مستحقاتهم التقاعدية عندما تنتهي إقامتهم في استراليا.

جولة في الحديقة
بالنسبة للعائلات، تتمتع ملبورن بمساحات خضراء تغطي ما يزيد على 480 هكتاراً من الحدائق تمتد من حديقة برنسيس بارك في الشمال، إلى حدائق رويال بوتانيك في الوسط، وحديقة ألبرت في الجنوب.

وللخروج من جو المدينة، هناك عدة أماكن تجذب الزائرين وتقع كلها على بعد عدة ساعات بالسيارة، من بينها مصانع النبيذ ومزارع العنب في وادي يارا، وملاعب التزلج في جبال هوثام وجبال بولار، وشواطئ التزلج على الأمواج الشهيرة مثل بيلز بيتش.

أو بإمكانك التمتع بالمناظر قريباً من المدينة، حيث يعتبر توفر خطوط المواصلات بالقطارات والترام والحافلات من الإيجابيات الإضافية لمدينة ملبورن.

وبينما تتمتع ملبورن بكافة إيجابيات وفوائد المدينة الكبيرة، يجدها كثير من الوافدين مكاناً يمكن الاسترخاء فيه والتمتع بالحياة. تقول سارة ايك: “الحياة في ملبورن سهلة حقاً، لا تشعر وكأنك في سباق دائم”.

+ -
.