منى أبو حمزة: لا علاقة لزوجي بقناة «إم تي في» أو برنامج «حديث البلد»

تصدرت قائمة «النساء الـ100 الأكثر نفوذا في العالم» ولقبت بـ«أميرة الشاشة»

«حاربت للرمق الأخير… ثم كانت الولادة… من رحمي أنا». لعل هذه الكلمات التي وردت في ديوان «بلا حقائب» للإعلامية منى أبو حمزة، تنقل بأمانة ووضوح إصرارها على الانخراط في الحياة العملية على طريقتها بعد مخاضات عدة مرت بها. فمشوارها مع الإعلام لم يتعد عمره السنوات الست، ومع ذلك حققت نجاحا جماهيريا لا يضاهى في لبنان والعالم العربي. ألقاب عدة حازت عليها، فهي إضافة إلى اختيارها ضمن قائمة «النساء الـ100 الأكثر نفوذا في العالم» العربي عام 2012، حصلت على لقبي «أفضل إعلامية عربية» و«أميرة الشاشة» تقديرا لنجوميتها.

وتقول في هذا الصدد: «لا شك أن الألقاب تحفز صاحبها، ولكنها تحمله مسؤولية كبيرة». وتضيف: «صحيح أنني انخرطت في العمل الإعلامي أخيرا ولكني سعيدة كوني أصبحت امرأة منتجة ولديها استقلاليتها المادية، فهذه الأخيرة تزود الأنثى بقوة داخلية تشعرها بالسعادة».

 

«حديث البلد» هو عنوان برنامجها التلفزيوني الذي تعده وتقدمه، والذي يعرض للموسم الخامس على التوالي على شاشة «إم تي في». البرنامج أحدث دويا إيجابيا على الساحة الإعلامية جعل من منى أبو حمزة بحد ذاتها (حديث البلد). فإضافة إلى تفوقها على نفسها في إدارة الحوارات مع ضيوفها وتمتعها بإطلالة فاتنة أمام الكاميرا، استطاعت تحقيق نسبة مشاهدة عالية ما زالت تتمتع بها حتى اليوم. فما هو سرها؟ وكيف استطاعت أن تحافظ على استمرارية هذا البرنامج؟ ترد في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «أن تحاوري مع أكثر من 10 ضيوف على طاولة واحدة في فترة زمنية قصيرة هو تحد بحد ذاته، ولعل تنوع فقرات (حديث البلد) واستعمال الضحكة لتكون في خدمة الثقافة هي ميزته». ولكن إلى من يعود هذا النجاح إلى «إم تي في» أم لـ«حديث البلد» أم لمنى أبو حمزة؟ تقول: «للثلاثة مجتمعين كما أن المضمون وفريق الإعداد يلعبان دورا أساسيا في ذلك، فميشال كلاب وكذلك رنا إسطيح ورندة جبيع هم صحافيون مثقفون ويملكون حسا إعلاميا مرهفا ساهم في نجاح البرنامج بالطبع». وعن كيفية اختيارها للعاملين معها والمواصفات التي يجب أن يتمتعوا بها تقول: «المطلوب أن يكونوا محفزين ولديهم حماس لافت، فالبرنامج يواكب الحدث الذي يضطرنا أحيانا أن نستعين بضيف جديد في آخر لحظة وهم حاضرون دائما لتقديم جهد إضافي».

 

والمعروف أن برنامج «حديث البلد» عرضت 177 حلقة منه حتى اليوم (بمعدل 35 حلقة في السنة الواحدة). وهو ذو خلطة ترفيهية غير سطحية، يتعاطى بالشأن السياسي تماما كما في الشؤون الثقافية والاجتماعية والفنية، فيحاور السياسي بالأحداث السياسية، ويلقي الضوء على إصدار كتاب جديد، كما يغوص في شخصية الفنان الضيف ليتعرف المشاهد إلى الوجه الآخر له، فيقدم رسائل جدية في قالب بسيط ليشكل طبقا دسما ولذيذا في إطار جميل، الأمر الذي ميزه عن غيره من البرامج التلفزيونية الحوارية.

 

ولكن ما رأيها بالساحة الإعلامية اليوم؟ تقول: «أنا كمشاهدة أجد الساحة الإعلامية اليوم تفتقد المصداقية، كما أن الإعلام بشكل عام صار موجها، لا أحد يستمع للآخر كل يهمه إيصال فكرته دون تقبل أفكار الآخرين». وتضيف: «هذا النوع من الإعلام طال كل المجالات حتى الأخبار الرياضية منها، إذ هناك اصطفاف سياسي وراء كل خبر». وعن مدى نجاح الإعلام في إيصال الحقيقة أجابت: «عن أي حقيقة تتحدثين؟ ليس هناك من حقيقة يبرزها الإعلام اليوم لا في لبنان ولا في العالم وإذا جرب المقدم أن يكون موضوعيا تحول لا إراديا إلى مجرد حكم ليس أكثر».

 

ووصفت منى أبو حمزة بعض إعلاميي اليوم بأصحاب الطاقات الهائلة والكفاءات المهمشة معا، الذين لا يسمح لهم أن يفجروها أو أن يعبروا عنها كما يجب، مستعيرة المثل اللبناني القائل (وين ما بدو الفاخوري بيحط دينة الجرة) لتوضيح كلامها. وتكمل قائلة: «هناك إعلاميون آخرون حققوا نجاحاتهم بفضل علاقاتهم العامة ويعيشون وهم النجاح من خلالها، فهناك فرق شاسع ما بين إعلام البارحة واليوم. كل شيء كان أجمل وأصدق. كان المضمون سيد الموقف بعيدا عن المهاترات المادية والسوق الإعلانية اللتين تتحكمان اليوم في غالبية محطات التلفزة».

 

وانتقدت منى أبو حمزة القول الشائع بأن «الجمهور عايز كده» وأوضحت: «المشاهد هو المتلقي الطبيعي لأي مادة نقدمها له، ولذلك هو حاضر مثلا لتلقف أي مادة ثقافية موضوعة في قالب جميل غير جامد»، وتعلق: «أنا كمشاهدة انجذب للمواضيع المسلية والثقافية معا وافتقدها لأن الغالبية تقدم مضمونا خفيفا وتمر مرور الكرام، في ما يتم المرور على الأمور الهامة دون الغوص في تفاصيلها». وتحن منى أبو حمزة للإعلام «الأبيض والأسود» وتقول: «كانت تلك الحقبة غنية بإعلاميين عمالقة، صحيح أنني لم أتعرف إليهم عن كثب ولكن من منا لا يتذكر ليلى رستم وعادل مالك وكميل منسى وكل طاقم تلفزيون لبنان في السبعينات».

 

منى أبو حمزة تخصصت في العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت وشكل الإعلام حلمها منذ صغرها وتقول عن بداياتها: «عندما تقدمت للعمل في (إم تي في) عام 2001، لم يأتني أي جواب من إدارتها، وبعدها أقفلت المحطة قسريا لعدة سنوات كما يعلم الجميع. ومرت السنون والأيام وأنا أمارس هواية القراءة فأردت أن أتزود بأكبر كمية ممكنة من الثقافة وأعيد ترتيب أفكاري وتجربتي الجامعية». وتكمل: «مرت نحو الثماني سنوات عندما كنت جالسة في منزلي ورن هاتفي وقالوا لي أنت مطلوبة للقيام بكاستينغ في الـ(إم تي في) لبرنامج (حديث البلد)، لم أصدق في البداية خصوصا وأن زوجي لم يعط للأمر اهتماما إذ كان يعتقد في قرارة نفسه أن (إم تي في) لن توظفني في مركز مهم لأنني لا أملك خبرة كافية كما أنني لن أقبل بمهمة صغيرة، لأن عمري لا يسمح لي بذلك». وهنا سألتها: ولكن يقال إن زوجك بهيج أبو حمزة هو وراء دخولك إلى (إم تي في) وهو من يمول إنتاج البرنامج الذي تقدمينه فما هو ردك؟ تبتسم وتقول: «أنا اشتغلت لأثبت نفسي ولو كان لزوجي أي علاقة بالموضوع لما وافقت على العمل، فأنا كنت أتوق لأحظى بفرصة إعلامية حتى إنني حاولت بعد عدم تلقي أي رد من (إم تي في) دخول تلفزيون (المستقبل) ولم يحالفني الحظ، فكل ما يثار حول هذا الموضوع هو مجرد شائعات سخيفة يحب أن يتداولها الناس الذين لا يستطيعون قبول نجاح الآخر ليس أكثر، حتى إن زوجي أصيب بالصدمة عندما قبلت وبقي لمدة أربعة أشهر لا يستوعب الأمر».

 

وعن الشروط التي يجب أن تتوفر بالإعلامي الناجح تقول: «المعرفة هي الأمر الوحيد الذي لا يستطيع أحد أن يسرقها منك أو يستولي عليها ولذلك أعد التزود بثقافة شاملة أمرا ضروريا وملحا لأي إعلامي ناجح، كما عليه أن يكون صادقا وطبيعيا خصوصا أمام الكاميرا لأنها تلفظه إلى الهامش فيما لو كان على عكس ذلك». وترى أن الإعلامي في أي مجال كان، يجب أن يتمتع بأسلوب العالم النفسي مما يخوله التعرف إلى شخصية ضيفه منذ اللحظة الأولى. فالتحاور مع الآخر يتطلب إلماما منه في هذا الموضوع مما يسهل مهمته هذه مع الآخرين. وتقول: «الإعلامي المحبوب هو الذي يقدم الإفادة للمستمع أو القارئ أو المشاهد». حاليا تقرأ منى أبو حمزة كتابا بعنوان « the story of art» لآرنست كومبريش (كاتب بريطاني من أصل نمساوي) ويحكي عن تاريخ الفنون منذ نشأتها حتى اليوم.

 

أما دوامها في العمل فتصفه بالطويل والجميل وتقول: «أعمل أربعة أيام متتالية ثلاثة منها للتحضير ويوما واحدا للتصوير، وخامسا أمضيه في النوم لأنني أكون مرهقة». أما مثلها الأعلى في عالم الإعلام فهو أوبرا وينفري لأنها أبقت على خصوصيات المواطنة الأميركية العادية رغم شهرتها الكبيرة وهي معجبة بأسلوبها البسيط وإنسانيتها في التعامل مع ضيوفها.

 

وفيما لو اختيرت لتقديم برامج من نوع آخر ماذا تختار؟ تقول: «أحب البرامج المعروفة بالـ(special) والتي قدمت ثلاث حلقات منها حتى اليوم مع مارسال خليفة وكاظم الساهر وفارس كرم. وهي ترتكز على محاورة ضيف واحد حيث أستطيع أن أمضي معه فترة ساعتين من الوقت أغوص خلالها في أعماقه وأحلل شخصيته فيفتح لي قلبه، وهذا الأمر أفتقده في برنامج «حديث البلد» لأن الوقت يتحكم فيه بأحاديثي مع ضيوفي، فيكون قصيرا بالكاد أستطيع خلاله أن أسرق هذه اللحظات وذلك طبقا للفورمات العالمية التي تفرض علي ذلك.

+ -
.