من يحاكم جورج بوش على جرائم الحرب في العراق؟

كشفت وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) الخميس رسالة يوضح فيها المدير الحالي للوكالة جون برينان انه كانت لدى العملاء الاميركيين شكوك كبيرة في احد الاسباب التي سوقت لها ادارة جورج بوش لاجتياح العراق العام 2003.

إعلان

إعلان

إعلان

ولتبرير اجتياح العراق على الاقل جزئيا، اوضح نائب الرئيس الاميركي آنذاك ديك تشيني ان محمد عطا قائد المجموعة التي نفذت اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر كان التقى جاسوسا عراقيا في براغ قبل الهجمات.

وركزت واشنطن في شكل كبير على هذا اللقاء لتأكيد وجود صلة بين الرئيس العراقي صدام حسين وهجمات 2001 وتبرير الاطاحة به.

ولكن في رسالة وجهت في آذار/مارس من العام المذكور الى السناتور الديموقراطي كارل ليفن واجازت السي آي ايه نشرها، يوضح مدير الوكالة جون برينان ان العملاء المنتشرين على الارض اعربوا عن “قلقهم الكبير” حيال تصريحات تشيني.

ويضيف برينان ان العملاء الاميركيين لم يثبتوا البتة وجود محمد عطا في براغ في الوقت الذي قيل فيه انه التقى الجاسوس العراقي.

وقال بعض مسؤولي مكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي) ان ادلة للسلطات الاميركية اشارت الي ان عطا كان في فلوريدا في اوائل ابريل/نيسان.

وقال مسؤول على دراية بالموضوع ان مكتب التحقيقات لم يعثر على أي دليل على انه سافر الي اوروبا في تلك الفترة.

وكانت مجموعة ماكلاتشي الصحافية اول من كشف وجود رسالة برينان الذي عين العام 2013.

والخميس، اعلن السناتور ليفن انه كان طلب من السي آي ايه رفع السرية عن هذه الوثيقة لاظهار “الخداع” الذي مارسته ادارة الرئيس السابق جورج بوش بحق الاميركيين قبل اجتياح العراق.

وربط بوش ونائبه ديك تشيني بين العراق والقاعدة والارهاب الدولي وقالا خطأ انه كان يملك اسلحة دمار شامل في تبريرهما للغزو الاميركي للعراق في 20 مارس/اذار 2003 .

وقال ليفن في خطاب امام مجلس الشيوخ ان “اجتماع ‘براغ’ المزعوم كان في صلب حملة الادارة الهادفة الى اعطاء انطباع لدى الرأي العام ان صدام ‘حسين’ تحالف مع ارهابيي القاعدة الذين هاجمونا في 11 ايلول/سبتمبر”.

وحث ليفن مدير المخابرات المركزية جون برينان على الافراج عن كامل محتويات البرقية.

ونشرت مجلة “نيوستيتس مان” البريطانية، في فبراير/شباط من العام الجاري تقريرا حول الاجتياح الأميركي للعراق، ورأت أن اسبابه الحقيقية مغايرة لما تم إعلانه، واعتبرت أن هذا يستوجب ان تقدم الولايات المتحدة الأميركية اعتذارًا واضحًا لا لبس فيه للشعب العراقي، لما عانى من ويلات وآلام جرها عليه اجتياح عسكري لا يستند إلى أي قانون.

واتهمت إدارة بوش بالفشل في استشراف ما آل إليه العراق اليوم، من سيادة منتهكة وتراث ثقافي منهوب وموارد طبيعية مهدرة وبنية تحتية مدمرة.

وأشارت المجلة إلى غياب الأمن والأمان وسيادة القانون وتنامي الإرهاب في العراق. وعزت الاضطراب الذي تعانيه اليوم منطقة الشرق الأوسط في كثير منه إلى فوضى العراق.

ونوهت المجلة عن أن مئات العراقيين يتم اغتيالهم أو اختطافهم أو اختفاؤهم بوجه عام كل يوم، وأن أكثر من 180 ألفا لقوا مصرعهم نتيجة الاجتياح، بينهم نحو 134 ألف مدني بحسب الجهاز المركزي للإحصاء في العراق.

ونبهت “نيوستيتس مان” أن تفكيك الدولة العراقية كان على رأس أولويات الاجتياح الأميركي وأن نية التحرير لم تكن واردة نهائيا، وأن واشنطن لم توضع استراتيجية خروج، وكان تركيز ادارة بوش على تحويل الأنظار عن الأهداف الاستراتيجية الحقيقية للحرب، وتكاليفها الإنسانية والمالية.

وأكدت المجلة البريطانية أن الهدف الأسمى لاجتياح العراق كان السيطرة على حقول النفط الشاسعة ومصادر الغاز، والتخلص من دولة تمثل خطرا عسكريا وسياسيا على إسرائيل.

ورأت أن “القضية الآن ليست مجرد فشل كارثي لحرب، أو معاناة ترتبت على ذلك، إنما تكمن القضية في التضليل غير المغتفر الذي انتهجته إدارة بوش تجاه الشعوب في كل من أميركا وبريطانيا والعراق”.

ويرى مراقبون أنه بعد الكشف عن التقارير التي تبين الخديعة الاميركية في اجتياح العراق لابد من حصول الشعب العراقي على تعويضات بمقتضى القانون الدولي، عن الدمار الذي لحق به وببنيته التحتية جراء الاجتياح.

وكتبت “نيوستيتس مان ” إن الاعتذار الأمريكي لن يعيد آلاف العراقيين الموتى إلى الحياة، ولن يخفف معاناة من فقدو أحبتهم، لن يطبب المكلوم، ولن يؤوي المشرد.. لكن على الأقل الاعتذار سيعني قبول تحمل المسؤولية الأخلاقية، كما أنه اعتراف بخديعة الشعب العراقي”.

واختتمت بالتأكيد على أنه “ما لم تتم محاكمة المسؤولين عن هذا الاجتياح غير القانوني، فإن الذين اعتدوا على المدنيين العراقيين سيواصلون السير في شوارع لندن وواشنطن آمنين مطمئنين إلى إفلاتهم من القصاص، ليس فقط مقابل المدنيين العراقيين، ولكن أيضا أفراد القوات المسلحة البريطانية والأميركية ممن عانوا ويلات خيانة ساستهم”.

+ -
.