نتانياهو يرسم لعرب الداخل القيادة التي يتمناها

ليس بالأمر العادي أن يتفرغ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو للقاء رئيس سلطة محلية، ويكاد يكون الأمر «استثنائياً» ليتفرغ للقاء رئيس سلطة محلية عربية في مكتبه، على انفراد ومن دون إشراك نواب عرب في الكنيست، مثلما فعل الأربعاء الماضي حين التقى رئيس بلدية الناصرة، كبرى المدن العربية في الداخل، علي سلاّم ليعلن في نهاية الاجتماع إنه يرى في سلام «قدوة يجب أن يحتذي بها الآخرون»، في إشارة إلى سائر رؤساء البلدات العربية والنواب العرب.
واعتبر مراقبون اللقاء رسالة واضحة إلى قادة العرب في الداخل، ضمن محاولات الحكومة إيجاد ما تسميه «قيادة عربية بديلة» (للقائمة المشتركة أو لرؤساء بلدات ينتمون إلى الأحزاب الوطنية والإسلامية) يكون جل همها القضايا المعيشية للمواطنين العرب وعدم إقحام نفسها بالقضية الفلسطينية، وهو ما سبق أن أشار إليه سلاّم نفسه، فنال استحسان المسؤولين الحكوميين والشارع الإسرائيلي.
وجاء الاجتماع في أوج تحريض منفلت يشنه نتانياهو منذ أيام على القيادة العربية والمواطنين العرب (على خلفية القتل الذي نفذه نشأت ملحم في تل أبيب قبل أسبوعين) بداعي عدم احترامهم القانون، متوعداً بفرض القانون بالقوة ومنع مخالفات البناء غير المرخص وانتشار السلاح غير المرخص.
وكان سلاّم، الذي انتخب رئيساً لبلدية الناصرة قبل عامين مطيحاً بترؤس الشيوعيين للبلدية على مدار أربعة عقود (كان شريكاً معهم ونائباً لرئيس البلدية)، احتل عناوين الإعلام العبري قبل ثلاثة شهور غداة تظاهرة العرب في مدينته ضد انتهاك المسجد الأقصى، حين هاجم رئيس «القائمة المشتركة» النائب أيمن عودة أمام كاميرا التلفزيون الإسرائيلي وطرده من المدينة وهو يصرخ عليه: «انصرف من هنا. دمرتم الناصرة. لا أريد تظاهرات هنا. لم نعد نرى اليهود يأتون إلى الناصرة بسبب التظاهرات وبسببكم». ولم تسلم النائب حنين زعبي من لسانه حين قال إنه «لا يراها من نصف سنتيمتر».
واستقبلت الدولة العبرية وإعلامها بالترحاب والتصفيق سلاّم «الجريء المختلِف» وأفردت له وسائل الإعلام مساحات واسعة لتعريف اليهود على «شخصية لا تحسب حساباً لأحد»، و «يغرد خارج سرب القائمة المشتركة». وكان زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» المتطرف أفيغدور ليبرمان الذي يتهجم على «القائمة المشتركة» صباح مساء ويتهمها بالتحريض على الإرهاب ضد الدولة، على رأس المهنئين لسلاّم والداعين الحكومة إلى إمداد بلدته بالموازنات.
وأشارت وسائل الإعلام إلى أن تهجم سلاّم على عودة كان بمثابة «بطاقة الدخول» إلى مكتب رئيس الحكومة وتوجيه نتانياهو الدعوة إلى سلاّم للقاء أعقبه ببيان جاء فيه إنه يرى في دمج المواطنين العرب في المجتمع الإسرائيلي وفي كل المجالات «هدفاً قومياً»، مضيفاً أن «قيادة رئيس بلدية الناصرة نحو هذا الاتجاه يجب أن تكون نموذجاً يحتذي به الآخرون… وسأكون سعيداً لمساعدته».
وفيما اعتبر منتقدون لقاء سلاّم بنتانياهو بالذات في ظل انفلات الأخير في التحريض على العرب «سلاحاً بيد الحكومة لتوسيع الشرخ بينه وبين قادة القائمة المشتركة»، اعتبر سلاّم هذه الانتقادات «مزايدات سئمتها». وقال إن اجتماعه برئيس الحكومة «حدث مفصلي» سيعود بالفائدة الكبيرة على الناصرة وعموم البلدات العربية ومواطنيها.

… ويتوعد بوقف «إزعاج أذان المساجد» في البلدات العربية
الناصرة – «الحياة»

لم يعد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو يكتفي بتوعد المواطنين العرب بفرض القانون لمنع انتشار الأسلحة غير المرخصة من خلال إقامة محطات شرطة في جميع البلدات العربية، ومحاربة البناء غير المرخص فحسب، إنما كشف عن موقف ليس أقل تطرفاً بإعلانه أنه سيحارب «الإزعاج الذي يسببه الأذان في بعض المساجد» ومسألة تعدد الزوجات.
وكان نتانياهو كرّس جلسة مغلقة لكتلة حزبه «ليكود» البرلمانية مطلع الأسبوع للبحث في أوضاع البلدات العربية. وكشفت صحيفة «معاريف» أمس عما دار فيها من خلال نشر تسجيل صوتي لأقوال نتانياهو خلال الجلسة.
وأشارت الصحيفة إلى أن بعض النواب احتج على الخطة الحكومية لدعم البلدات العربية بموازنات كبيرة بداعي أن أي موازنة «لن تغير التوجه المعادي لإسرائيل في أوساط بعض العرب في إسرائيل»، على قول أحد النواب، فتدخل وزير النقل يسرائيل كاتس ليطلب عدم التعميم على جميع العرب وحصر الحديث في «التطرف القومي والتحريض اللذين تقودهما الحركة الإسلامية»، مضيفاً أن الجزء الأكبر من المخالفات الجنائية (خصوصاً أعمال القتل) التي يرتكبها العرب موجهة ضد العرب أنفسهم أكثر من اليهود، وأن غالبية العرب تريد الاندماج في حياة الدولة كمواطنين يحافظون على القانون.
وتابعت الصحيفة أنه في مقابل هذا الكلام المعتدل، رأى نتانياهو أن يواصل تهجمه الشديد على العرب بداعي عدم احترامهم القانون، ولجأ هذه المرة إلى مواضيع لم يذكرها من قبل مثل «الضوضاء المنبعثة من رفع الأذان من المساجد» ومشكلة تعدد الزوجات. وادعى نتانياهو أن عدم احترام القانون يميز غالبية البلدات العربية، «بل كلها تقريباً»، خصوصاً في مسألة البناء غير المرخص.
وهنا قاطعه النائب بيني بيغين بالقول إن ثمة مشاكل موضوعية في الوسط العربي، خصوصاً قلة توافر «أراضي دولة» للبناء، مضيفاً أنه يجب تمكين العرب من البناء المرتفع. لكن نتانياهو لم يأبه لهذه الملاحظات وواصل التحريض ليتناول السلاح غير المرخص «الذي يتم سحبه خلال الأعراس والمناسبات السعيدة»، معتبراً أن «هذا غير مقبول، وأنا أرفض مبرر اختلاف الثقافات». وأضاف: «كذلك لستُ مستعداً للتسليم بالضوضاء غير العادية المنبعثة من بعض المساجد خلال الأذان. لم أرَ فتوى تجيز التشويش على حياة الناس من خلال مكبرات الصوت. هذا ليس شائعاً لا في الدول العربية ولا الأوروبية المتنورة. المواطنون العرب أنفسهم القريبون من المساجد يعانون معاناة شديدة جراء الضوضاء، وعندنا قانون يمنع الضجة وعلينا تطبيقه».
ثم تطرق نتانياهو إلى صمت الجمعيات النسائية ومنظمات حقوق الإنسان عن ظاهرة تعدد الزوجات «وأنا غير مستعد لقبول هذه الظاهرة. هذه مسألة معقدة، وعلينا أن نقرر أو أن نكون دولة قانون أو ألا نكون. هذا كلام مهم، ويتبقى فقط تطبيقه».
وأفادت صحيفة «هآرتس» بأن نتانياهو يعتزم نقل «الوحدة القطرية لتطبيق قوانين التنظيم والبناء» من وزارة المال إلى وزارة الأمن الداخلي (الشرطة) المسؤولة عن إصدار أوامر هدم المنازل غير المرخصة، بداعي أن الأمر سيكون أسهل لتطبيق القوانين.

+ -
.