نصائح لتخفيف القلق في أزمة الكورونا

بقلم: د. حسن صفدي *

أهلنا الأعزاء

نمر هذه الأيام بحالة طارئة، وبظروف قد تكون صعبة ومتعبة ومختلفة عن أي ظرف طارىء آخر مررنا به سابقًا. في حالات الطوارئ يشعر الإنسان بالتوتر والخوف والقلق، وهي ردود فعل طبيعية على وضع غير طبيعي، مما يُنتج حالةٌ من عدم الاستقرار.

فالخوف، إذنْ، هو ردة فعل طبيعية، مولوُده ووظيفتُه مساعدتنا على المحافظة على حياتنا والحذر من المخاطر. هو أحد المشاعر الأساسية، ومن لا يخاف لا يستطيع المحافظة على حياته. ولكن إذا تخطى الخوفُ الحالةَ الطبيعيةً، قد يصبح قلقًا، ويؤثر سلبيًا على سلوكنا اليومي وعلى صحتنا العامة.

هناك علاقة قوية ومتبادلة بين النفس والجسد; فكلما كانت أفكارُنا إيجابيةً وخاليةً من مشاعر القلق والتوتر، كلما كان جسمنا قادر أكثر على تخطي المخاطر والمقاومة بشكل أفضل.

من أهم عوارض الخوف هي “ردود الفعل الجسمانية”، وهي متعددة :-

1- التنفس السريع، ووظيفته توصيل أكثر قدر ممكن من الأوكسجين لأنحاء الجسم.
2- دقات قلب سريعة، بهدف توصيل الأوكسجين والمواد الأخرى إلى جميع أعضاء الجسم.
3- التعرق، وهدفه تبريد الجسم كي لا يصل لدرجة حرارة عالية وخطرة.
4- تغيرات في مساحة الرؤية، كي يكون باستطاعتنا رؤية الأمور من حولنا بشكل أفضل.

يجدر بالذكر هنا إن الخوف يظهر بشكل تلقائي عندما نشعر بتهديد وقتي، وعندما يزول الخطر أحساسُ الخوف يزول، وجميع العوارض الفسيولوجية والنفسية والذهنية تنتهي، وسرعان ما نعود للوضع الطبيعي وننشغل بما جرى وبما كان قد يحصل.

وبهذا، فإن ردود فعلنا اليوم في هذه الحالة الطارئة نتيجه أزمة الكورونا، نابعة من الخوف، وهي حالة طبيعية، ولكن يمكن أن تتبدل بشعور بالقلق وتستمر لفتره أطول.

وهذه بعض الطرق التي قد تساعد في تخفيف الإحساس بالخوف:-

1- تبطيء عملية التنفس بحيث تكون عملية الشهيق عميقة وبطيئة مع أخذ كمية هواء أكبر قدر الإمكان (العد حتى رقم سبعة)، وعملية الزفير أسرع (العد حتى رقم ثلاثة).
2- الإكثار من شرب الماء.
3- عمليات حسابية بسيطة; جمع وطرح أرقام بسيطة، العد العكسي من ١٠٠ إلى ١، أمور تحتوي على نفس اللون، أو أسماء تبدأ بنفس الحرف …الخ.
4- تمارين رياضية بسيطة.

متى ينتقل الشعور بالخوف الطبيعي إلى حاله قلق؟

القلق هو خوف أو توتر عام والذي يسيطر على وضع نفسي غير محدد بشكل واضح، ويظهر بعدة عوارض منها، أفكار مستقبلية على سبيل المثال “هذا الوضع لا ينتهي ابدا … بحياتي مش راح أطلع من هذا الوضع… أنا مجنون”.. الخ، وبالإضافة إلى عدم الشعور بالأمان والتهديد، وعدم الهدوء الداخلي، وعدم الاستقرار والتوتر المستمر.
وأحيانًا، تقل الرغبه بالأكل، واضطرابات بالنوم، وتعب وإرهاق وصعوبة بالتركيز وانخفاض بالذاكرة. وأكثر ردود الفعل الشائعة هي الامتناع، أي أن الإنسان نتيجه القلق يمتنع عن فعل الأشياء حتى الظرورية منها، وهذا مما يؤدي إلى مشاكل أكثر صعوبة ويصعب علاجها.

ومن الأعراض الفسيولوجية التي تحصل نتيجه القلق، الشعور بعدم التوازن، رجفان غير إرادي، اضطراب في دقات القلب، اضطراب بعملية التنفس، اضطراب في الجهاز الهضمي، عرق زايد، أوجاع بالرأس وغيرها..! ومن المهم أن نعرف هنا أن نوبة القلق تستمر لدقائق معدودة وتنتهي، ولكن الأفكار المقلقة تستمر.

وما العمل..؟

هناك عده طرق من خلالها يمكن التغلب على حالات التوتر والقلق، هذه الطرق متعددة وليست جميعها مناسبة لكل الأشخاص. كل إنسان يختار الطريقة الأكثر مناسبه له.

⁃ الحديث الداخلي:-
1- أخذ كمية هواء وإخراجه مع كلمة ذات معنى هادىء متل كلمه هدوء.. راحة.. أمان، أو أي كلمة آخرى.
2- القول بإنني لا أسمح للخوف أن يسيطر عليَّ أنا سأتغلب عليه.
3- الأفكار التي تسيطر علي ليست واقعية ويجب أن أفكر بما هو اكثر حقيقي.
4- أنا لا أستطيع أن أحلَّ أي مشكلة طالما أنا مشغول بأمور صعبة جدًا ليس لها حل .
5- في الماضي تعرضتُ لحالات صعبة، واستطعت التغلب عليها، وهذا هو الوقت المناسب لأستعمل نفس الطرق التي نجحت بها.

⁃ الخيال:-
1- تخيل تجربة ممتعة حصلت معك في السابق، أو تود أن تحصل معك في المستقبل. حاول أن تعيش هذه التجربة بكل تفاصيلها مستخدمًا كل حواسك.
2- تخيل شخصًا معينًا استطاع أن يتغلب على الضغوطات بشكل جيد. حاول أن تعرف عن طريق خيالك كيف استطاع أن يفعل ذلك واعمل مثله.
3- تخيل أن التوتر الذي أنت فيه هو شبيه بساعةِ السرعة في سيارتك ويؤشر على الرقم ١٠٠، ومن خلال الضغط على دعسة البنزين تستطيع التحكم به وتخفيضه بشكل تدريجي لأقل درجة ممكنة.

⁃ التمارين الرياضية:-
1- القيام بتمارين رياضية بسيطة مثل القفز على الأرجل 5 مرات، أو أي تمرين آخر باستطاعتك فعله، وبعدها الارتياح والانتظار حتى تشعر بالهدوء ويظهر الانخفاض والثبات بعملية التنفس.
2- أخذ كمية هواء عميقة عن طريق الأنف وإخراجها ببطء عن طريق الفم حتى النهاية مع استعمال كلمة مريحة.
3- الركض بسرعة لفترة زمنية ممكنة ومن بعدها الراحة.
4- الاستلقاء على الظهر والتركيز بحميع أعضاء الجسم الواحد تلو الآخر، مع المحاولة لاسترخاء جميع الأعضاء.

هذه بعض المعلومات والنصائح التي قد تساعد في التغلب على الخوف والقلق في هذه الظروف التي نعيشها هذه الأيام . وفي حال وجود حالات خاصه يمكن التوجه إلى مراكز الخدمات النفسية أو إلى أخصائيين بالصحة النفسية.

أتمنى السلامة للجميع، وكلي قناعًة من أننا نستطيع التغلب على هذا الظروف، وأن نعود لحياتنا الطبيعية بأقرب وقت.

د. حسن صفدي
أخصائي نفسي طبي وتربوي.

تعليقات

  1. مقال رائع.
    أود ان ارفق انه عندما يتفكر الانسان بأنه لكل شئ مسبب وان وراءه عبره وهدف وان الله قادر ان يعين من يفتقر له فلن يخيبه.
    هذي الافكار تساعد في تفادي حالات القلق

التعليقات مغلقة.

+ -
.