نكاية ب – شعر نزيه بريك

بقلم: نزيه بريك – الجولان السوري المحتل

نكاية بالمرآة…

أمَشِّطُ شَعري بأفكارٍ

برمائيةٍ

***

نكايةً بالشمسِ

بنيتُ سقفاً للرصيفِ،

وعَصرَّتُ ظلالَ نُزلائه

على الطريق

***

نكايةً بالبرجوازيةِ

أجلسُ على المصطبة

أرمي الصحن ورفاقه

من الشباك

آكلُ من الطنجرةِ بيدي،

وألعقُ

أصابعَ أمي

***

نكايةً برأسِ المالِ

اشتريتُ سروالَ جينز

مُمَزق

من سوق البالة،

وتجولتُ طويلاً

بين المخيمات

***

نكايةً بـ حصانِ مارلبورو

اشتريتُ من شعبِ المايا

بغلاً بملامح جبال الأنديز،

وضعتُ عليه تشي جيفارا،

وأشعلتُ له

سيجار اً كوبياً

***

نكايةً بـ كوكا كولا

أعصُرُ المعرفةَ…،

وأخلُطها

بالليمونِ الفلسطيني

ليرتوي

حق العودة

***

نكاية بـ “ميه عِيدِن” *

أشربُ الماءَ بكفِ يدي

من “رأس النبع”**

وأتبول

على المستوطناتِ

***

نكايةً بـ “موسمِ الهجرةِ إلى الشمالِ”

أبقى في الجنوبِ، رغمَ

رغبةِ الاحتلالِ…

***

نكايةً بـ “إصرار الذاكرة”

حطَّمتُ ساعاتِ “سلفادور دالي”، ثم

أطلقتُ سراحَ الأرقامِ، ووضعتُ

الوقتَ رهينة

الحركة

***

نكايةَ بالأحذيةِ…

سرقتُ حذاء “فان كوخ”

ووضعت عليه صورة الحاكم

كي لا يشتريه

الفقراء

***

نكايةً بالغربةِ

مزّقتُ خارطةَ البلاد،

لأرّدَعَ كيّدَ

الحنين الحاد

***

نكايةً بالفرحِ الكاذبِ

أقيمُ كل أسبوعٍ حفل زفاف

لحزني المُعتَّق…

وأدعو الذاكرة

للعشاء

 ***

نكايةً بالتماثيلِ

عقدتُ قِراني على الحركةِ

وأنجبتُ

طريقاً شقِيّاً

***

نكايةً بالحياةِ

أُخاطبُ الموتَ بـ

“يا طويلَ العُمر”

وأركعُ للضوءِ

***

نكايةً بالبردِ

خلعْتُ نوافذَ غرفتي

وركَبَّتُ للريحِ

حاسةَ شمٍ

مقاومةٍ لرصاصِ اليأس

***

نكايةً بالأمسِ

سأذهبُ إلى الغدِّ

لوحدي،

حتى لو كشَّرَ

في وجهي

***

نكايةً بنقطةِ المركزِ…

وضعتُ ثلاثَ نقاطٍ…

وتركتُ البابَ مفتوحاً

للبيبِ

***

نكايةً بوسائلِ النقلِ الدينيةِ

أذهبُ إلى الله

على دراجتي الهوائية،

فأضربُ

عصفورين بحجرٍ

***

نكايةً بغياب المدينة الفاضلة

اعتنقتُ الريفَ،

وعُدّتُ

إلى واو الجماعةِ المُعَفَّرة

بالتراب

 ***

نكايةً بمطباتِ اليأسِ

على جسدي،

ارتدي قميصاً مَكوياً بالأملِ،

طويلَ الأكمامِ

***

نكايةً بالخَلفِ

أجلسُ في القطارِ باتجاهِ السيّرِ

فأنا لا أحبُّ رؤية

مؤخرة الأشياء

وهي تغادرني

***

نكاية بعنادِ السهرِ

صرتُ أتمنى،

لو أن خلافاً حاداً يَنشبُ

بيني وبين قَلقي،

لأنام في السرير وحدي،

بدون غطاءٍ

***

نكايةً ببحةِ الموجِ المتودد

للشاطئ،

صرختُ في وجه البحر

وطلبتُ

من القمر أن يشُدَّهُ

من أُذُنهِ

بعيداً عن وجهي

***

نكايةً بحشراتِ القَصرِ

سَأُرَبي

مَزرعةَ عناكبٍ

تُشَيِّدُ الطرقاتَ الواسعةِ

بين قسائمِ البلادِ

***

نكايةَ بقلةِ أدبِ الصمتِ المَطليُّ

بالذهب الأسود

حفظتُ كلَّ الشتائم، وبكل اللغات

المُعترف بها من

الأمم المتحدة على الأمعاء الخاوية

***

نكايةً بصوتِ السلاحِ

سجَّلتُ

صوتَ قدوم القطارِ

ووضعتهُ

تحتَ وسادتي، ليستدرج

رأسي إلى ساحة

الأمل…

***

نكايةً بنشرةِ الأخبارِ

تركتُ تحت أظافري

-للطب الشرعي-

بعضاً

مِن جِلدِ الحاكم

***

نكايةً بالمنهج الدراسي…

سأُطالبُ الوزارةَ

بإقرار مسار “جغرافيا الأنثى”

كعِلمٍ مستقلٍ

***

نكايةً بمواسم القحط والطغيان

أرشُّ بذوركِ

على امتداد الطريق، ثم

أُمّطِرُ وجعي بما قدّر لغتي

من صَبرٍ

وانتظرُ ولادةَ

وطنٍ

يُجيدُ الابتسامَ

***
نكاية بالنسيانِ؛

لم أكتبْ منذ الحربِ

 شيئاً

على صفحته

***
نكاية بنظام القبيلة

لن أتدخل حين تمرينَ

في الحديقة،

وسأتركُ الورودَة تواجهُ

مصيرها

لوحدها

***
نكايةً بالصدى…

أُبعِدُ ظِلّكِ كلَّ يومٍ

من وسط الزحام، فكم

أخاف أن يَدوسَهُ

النسيان

***

نكاية بالسرابِ المُدقِع

أشرب الجِعةَ الألمانيةَ

وأُوَقِّعُ قصائدي باسم

 H2O

***

نكايةً بالأحياءِ،

سأُلقي الآن بصوتٍ عالٍ

وسطَ جمهورٍ غفيرٍ

من الموتى،

قصيدةً

في سُموِّ الفراغ

___________________________

* “ميه عِيدِن”: شركة مياه إسرائيلية تسرق مياه الجولان وتبيعها في السوق المحلية والدولية

** “رأس النبع” منبع ماء يقع خلف الشريط الحدودي

+ -
.