هل بدأ عصر الاتصال اللاسلكي بين أدمغة البشر؟

يعمل الباحث غويليو روفيني، الرئيس التنفيذي لشركة ستارلاب الإسبانية، منذ العام الماضي على مشروع يهدف لتأمين اتصال مباشر من دماغ إلى دماغ عبر الإنترنت بين شخصين يبعدان عن بعضهما آلاف الأميال. فهل بدأ عصر تبادل الرسائل لاسلكيا بين أدمغة البشر؟

تعتمد طريقة روفيني على تزويد الطرف المرسِل للأفكار بقبعة قادرة على التقاط إشارات الدماغ، وبحاسوب قادر على تحويل هذه الإشارات إلى إشارات رقمية، ليتم إرسالها عبر الإنترنت ومن ثماستقبالها من قبل حاسوب خاص على الطرف الآخر، وترجمتها إلى أنماط خاصة يمكن فهمها من قبل المستقبل، وقد نجح روفيني في إرسال كلمتين من دماغ إنسان في الهند إلى أدمغة ثلاثة مستخدمين في فرنسا.

وقد تبدو هذه الطريقة بسيطة للغاية، لكنها تضم في الواقع العديد من التعقيدات في كل مرحلة من مراحلها، حيث يجب على المرسل التركيز بشكل كبير أثناء إرسال المعلومات المطلوبة، فقد يؤدي أي تشتت في تفكيره إلى تداخل إشارات أخرى مع المطلوبة مما يصعب عملية تفسيرها لدى وصولها، وبالتالي يجب على المرسل أن يكون مدربا على تركيز اهتمامه بالرسالة المطلوبة.

كما تعاني طريقة روفيني من صعوباتٍ أخرى، في مقدمتها زمن إرسال البيانات الطويل، حيث قدر الباحثون سرعة إرسال البيانات من دماغ إلى دماغ بحوالي بتين في الدقيقة، وهو زمن طويل لنقل بيانات على غرار رسائل البريد الإلكتروني، وقد دافع روفيني عن طريقته هذه معللا سلبياتها بأنها لا تزال في مراحلها الأولى، شأنها شأن أي ابتكار في بداياته.

ويرى بعض الباحثين أن طريقة روفيني محدودة وغير قابلة للتطوير، في حين يرى روفيني أنه قادر على تطويرها لتكون قادرة على نقل المشاعر والأحاسيس، بالإضافة إلى رسائل متكاملة بين الطرفين، على حد تعبيره.

ومن فوائد طريقة روفيني، أنها تسمح للإنسان بفهم وجهات نظر الآخرين، والشعور بأحاسيسهم من خلال نقلها من طرف لآخر، وهو أمر في غاية الفائدة، على حد تعبيره، كما أكد على نيته تطبيق طريقته على الحيوانات لمساعدة الإنسان على فهم أحاسيسها ومشاعرها بشكل صحيح، حسب قوله.

ولتحقيق طموح روفيني بإرسال عبارات متكاملة بشكل مباشر من دماغ إلى آخر، يجب على الباحثين اكتشاف طرق جديدة لتحريض أدمغة كلا الطرفين، ولنقل الأحاسيس يجب الوصول إلى وسائل ناجحة لتحريض المناطق الخاصة بها في الدماغ، ومما يصعب نجاح هذه العملية هو أن الباحثين يخططون لأداء عمليات التحريض هذه بشكل خارجي على رأس المستخدم دون زرع شرائح إلكترونية داخل الدماغ.

يذكر أنه في عام 2013 ظهرت العديد من المحاولات لجعل الدماغ البشري قادرا على التحكم في أجسام خارجية، حيث تمكن فريق من جامعة هارفارد من ربط الدماغ البشري مع ذيل فأر، ممكّنا بذلك الإنسان من تحريك الذيل بواسطة أفكاره.

كما نجحت مجموعة من جامعة واشنطن في ابتكار نظام يسمح للإنسان بالتحكم بذراع إنسان آخر من خلال نقل الأوامر العصبية من الطرف المرسل إلى القشرة الدماغية للطرف المستقبل.

لكن كسائر التقنيات الحديثة، يعتبر نقل البيانات بهذه الطريقة عرضة للاختراق، وهو أمر في بالغ الخطورة إذا تمكن أحد ما في اختراق الاتصال بين دماغين ونقل معلومات خاطئة أو تحريض الطرف المستقبل على أداء مهام شريرة.

+ -
.