هل ممكن قراءة أفكار المصابين بالشلل التام؟

المريض “المُنْحَبِس” المصاب بشلل تام قد يكون في حالة وعي ولكن غير قادر على التواصل بالكلام شفويا مع الآخرين. فهل من طريقة لقراءة أفكاره ومعرفة رغباته؟ وهل من الممكن الكشف عن أفكار الناس عن طريق موجات أدمغتهم الكهربائية؟

قام باحثون بتحويل الإشارات المتكونة في الدماغ أثناء الكلام إلى كلمات وجمل، كما تقول مبرمجة الكمبيوتر من معهد كارلسروه الألماني للتكنولوجيا KIT، التي تمكنت هي وفريقها من مراقبة إشارات الدماغ أثناء الكلام وتسجيلها. وقالت الباحثة: “فكرة تحويل الكلام إلى موجات دماغية بسيطة جدا”. ولم يكن الهدف من هذه الاختبارات في البداية هو تقصي اللغة والكلام ومعرفة ارتباطهما بإشارات الدماغ، لكن الفحوصات قدمت قاعدة بحثية جيدة للباحثين في هذا المجال.

المتاح: تحويل الكلام إلى موجات كهربائية دماغية

وفي البداية قامت الباحثة وفريقها باختبار سبعة أشخاص مصابين بالصرع، أبدوا استعدادهم للفحص في الولايات المتحدة الأمريكية. وذلك بواسطة أقطاب كهربائية تقتبس الإشارات من أدمغتهم، بهدف معرفة أين تبدأ إشارة الصرع الكهربائية في المخ، ولمعرفة ما إذا كان بإمكان الباحثين إيقافها أو إحباطها.

وقام جراحون بفتح رؤوس الأشخاص موضع التجربة جراحيا ووضع الأقطاب الكهربائية على قشرة الدماغ في كل منهم، وكان المرضى مخدرين موضعيا كي لا يشعروا بالألم في المستشفى الذي قضوا فيه من أسبوع إلى أسبوعين وهم بكامل وعيهم أثناء إجراء التجارب عليهم.

وأعطى الفريق البحثي الأشخاص محل الاختبار نصوصا لقراءتها بصوت مرتفع، وباستخدام الأقطاب الكهربائية قام الفريق باقتباس الإشارات الكهربائية الدماغية المناظرة للجمل والكلمات والأصوات المقروءة، وكوّن الفريق بنكاً معلوماتيا قاموا فيه بتخصيص كل إشارة دماغية كهربائية إلى صوت معين من الأصوات الملفوظة باللغة الإنكليزية.

الأمل: تحويل الموجات الدماغية إلى كلام منطوق

ولكن الباحثين يرجون أيضا أن يكون بالإمكان تطبيق هذا المبدأ حين يقوم الأشخاص بالتفكير وتخيل الكلمات والجمل دون لفظها بصوت عالٍ. ورغم أن هذه الفكرة ما زالت أفقا مستقبليا للباحثين إلا أنه يمكن مستقبلا مساعدة مرضى الانحباس (متلازمة المريض المُنْحَبِس) Locked-in-Patient Syndrome، التي يكون فيها المريض في حالة وعي واستيقاظ ولكن لا يستطيع التواصل بالكلام شفويا مع الآخرين لأنه يكون في حالة شلل تام، ولأن عضلاته الإرادية تكون مشلولة بشكل كامل، باستثناء عضلات العينين أحيانا، وقد يفقد التحكم أيضا بعضلات عينيه في حالة متلازمة المريض المُنْحَبِس التامة.

مبدأ تحويل أفكار “الدماغ إلى نص” مكتوب أو إلى كلام منطوق ربما سيساعد المرضى المشلولين بشكل كامل والمصابين بمتلازمة الانحباس، وذلك بتحويل أفكارهم إلى كلام مسموع. فهؤلاء الناس يفهمون جيدا عالمهم الخارجي ويكونون واعين لما حولهم ولكنهم لا يستطيعون التفاعل مع محيطهم وليسوا قادرين على قول أي شيء، فهم حبيسون في أجسادهم، ولا يمكنهم حتى التواصل عبر حركة العين. ويبقى سعي الباحثين قائماً في سبيل قراءة أفكار الآخرين.

+ -
.