يعقد مبعوثون للرئيسين باراك أوباما وفلاديمير بوتين في جنيف محادثات للاتفاق على مبادئ دستورية للحل السياسي تحدد مصير الرئيس بشار الأسد ودوره وسلطات الهيئة الانتقالية، في وقت التقى المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا أمس، في شكل منفصل وفدي الحكومة السورية برئاسة السفير بشار الجعفري و «الهيئة التفاوضية العليا» برئاسة أسعد الزعبي. وسعى وزيرا الخارجية الأميركية جون كيري والروسي سيرغي لافروف أمس، إلى إنقاذ الهدنة من الانهيار جراء تصاعد المعارك في جبهات عدة في حلب وإعادة الدينامية إلى اتفاق إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة.
وعُلم إن مسؤولين إميركيين وروس، يعتقد ان بينهم مسؤول الشرق الاوسط في البيت الابيض روبرت مالي ومبعوث الرئيس الروسي الى سورية الكسندر لابرنتييف، يجرون محادثات في جنيف منذ أيام عدة بعيداً من الإعلام على مسودة دستور، كان الجانب الروسي سلمها إلى كيري خلال زيارته موسكو بالتزامن مع انتهاء الجولة الماضية من مفاوضات جنيف في 24 الشهر الماضي. وتتناول المحادثات نقاطاً محددة لمبادئ الدستور السوري، بين رغبة واشنطن بإعطاء صلاحيات واسعة للهيئة الانتقالية وتقليص دور الرئاسة وحرص موسكو على إبقاء صلاحيات، خصوصاً ما يتعلق بقيادة الجيش لدى الرئاسة والاتجاه إلى تشكيل حكومة واسعة بصلاحيات تنفيذية مع بعض السلطات التشريعية أو القضائية.
وفي حال توصل الطرفان إلى تفاهمات بموجب توجيهات أوباما وبوتين، كما حصل سابقاً مع اتفاق وقف العمليات القتالية في نهاية شباط (فبراير) الماضي، ستشكل هذه المبادئ مظلة سياسية للمفاوضات الجارية في جنيف التي استؤنفت أمس، بلقاء دي ميستورا وفدي الحكومة والمعارضة. وعلم أن «الهيئة التفاوضية» التي من المقرر أن ينضم منسقها العام رياض حجاب إلى الوفد، تتمسك بتسلسل سياسي، يقوم أولاً على تشكيل هيئة انتقالية ثم صوغ دستور جديد، وشكلت لهذا الغرض ثلاث لجان متخصصة تتعلق بالهيئة الانتقالية والمرحلة الانتقالية والأمور العسكرية، في حين يصر الوفد الحكومي، الذي وصل أمس، على البحث في مبادئ التسوية ورفض الهيئة الانتقالية واعتبارها «غير دستورية» مع الاستعداد لتشكيل حكومة موسعة تضم موالين للنظام ومعارضين ومستقلين بموجب الدستور الحالي ثم صوغ دستور جديد لاحقاً. وقوبل أنباء سابقة عن محادثات أميركية – روسية عن الدستور بانتقادات من موالين ومعارضين باعتبار أن «بيان جنيف» نص على أن العملية السياسية «يجب أن تتم بقيادة سورية».
وبدا أن المعارك الدائرة في حلب وإعلان دمشق نية استعادة حلب أو فرض حصار على ثاني أكبر مدينة في البلاد، القت بظلالها على المفاوضات الأميركية – الروسية التي تمت بعيداً عن انخراط حلفاء دمشق والمعارضة والدول الأعضاء في «المجموعة الدولية لدعم سورية».
وأفاد موقع «روسيا اليوم» بأن كيري بادر بالاتصال بنظيره الروسي لـ «التأكيد على دعم وقف إطلاق النار باستثناء مكافحة الجماعات الإرهابية». وحذر قادة «الجيش الحر» بينهم «أبو أسامة الجولاني» في جنيف من انهيار الهدنة، ما لم يحصل تقدم في العملية السياسية وتوقف خروقات النظام وحلفائه.
وتشمل معارك ريف حلب، مواجهات بين القوات الحكومية وحلفائها بدعم روسي للتقدم في جنوب المدينة وشرقها ومواجهات بين عناصر المعارضة و «داعش» شمال حلب قرب تركيا، ما أسفر عن نزوح حوالى 30 ألف سوري. ويرمي النظام إلى حصار مناطق المعارضة شرق حلب وتضم حوالى 200 ألف شخص، إضافة الى 750 الفاً في مناطق النظام غرب المدينة ومئة آلف في حي الأشرفية والشيخ المقصود اللذين يضمان غالبية كردية.
كما شكل ملف المساعدات الانسانية نقطة إضافية في جدول المحادثات الأميركية – الروسية، إذ إن كيري ولافروف «أكدا على تسهيل الوضع الإنساني»، بحسب موسكو، ذلك بعد إعلان الأمم المتحدة أن دمشق لم تعد تسهل دخول المساعدات بما فيها المواد الطبية الى مناطق محاصرة بينها مدن داريا وحرستا ودوما قرب العاصمة. وعلم أن دولاً غربية اقترحت خلال اجتماع مجموعة العمل الخاصة بالمساعدات الإنسانية الخميس، إلقاء مساعدات من الطائرات إلى المناطق المحاصرة قرب دمشق، كما حصل مرات عدة بإسقاط المساعدات إلى دير الزور شرق البلاد المحاصرة من «داعش».
الى ذلك، أعلن رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم أن كلفة إعادة إعمار سورية تصل إلى 180 بليون دولار أميركي، علما أن شخصيات معارضة نقلت عن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن الكلفة تصل إلى 300 بليون دولار وأن «روسيا لا تستطيع دفع هذا المبلغ» لأسباب يعتقد أن بينها تدهور أسعار النفط، الأمر الذي يمكن أن يفسر على أنه استعداد روسي لقبول تسوية سياسية في سورية مقبولة من الدول المانحة في المنطقة والعالم.